رواية كارمن الفصل الأول والثاني بقلم الكاتبه ملك إبراهيم حصريه وجديده في مدونة أصل للمعلومات والروايات
![]() |
رواية كارمن الفصل الأول والثاني بقلم الكاتبه ملك إبراهيم حصريه وجديده في مدونة أصل للمعلومات والروايات
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء
كانت تتحرك بخفه وهي تحمل المشروبات الباردة وتوزعها بأحترافيه على حضور هذا الحفل التي جاءت تعمل به گـ نادلة، تبتسم بسخرية وهي تتابع ما يفعله اصحاب الطبقة المخمليه التي كانت تنتمي اليها منذ فترة بعيدة.
اقتربت منها صديقتها "مودة" والتي تسكن معها في نفس الحي، ابتسمت مودة وتحدثت بأنبهار:
- كارمن انتي شايفه اللي انا شيفاه ده! هو في ناس عايشين كده فعلاً ولا احنا اللي مش عايشين!
ابتسمت ساخرة والقت نظرة سريعه حولها واجابة:
- متخليش المظاهر دي تخدعك يا مودة..
تبدلت نظراتها الي الغضب واضافة:
- الناس اللي زي دول معندهمش قلب زينا.
نظرت اليها مودة بدهشة وتحدثت بفضول:
- انا نفسي اعرف انتي بتفكري ازاي!!
تنهدت كارمن بحزن، لا يعلم احد بما تحمله بقلبها من ظلم وقهر من اصحاب تلك الطبقه. نظرت الي صديقتها واجابتها باستعجال وهي تعود لتتابع عملها:
- انا هروح اكمل شغل بدل ما مستر "رؤوف" يشوفنا ويسمعنا كلمتين ملهمش لازمة.
أومأت مودة برأسها بالايجاب وذهبت هي الأخرى لتتابع عملها.
********
دخل الحفل مع صديق له، كان مترددًا لا يريد الحضور، لا يفضل حضور مثل هذه الحفلات، وقف بجوار صديقه ونظر حوله بملل قائلاً:
- انا غلطان ان انا سمعت كلامك وجيت.
كان صديقه ينظر حوله بحماس ويتابع تحركات الفتيات ويتأمل مفاتنهم بأعجاب شديد، تحدث وهو يتأمل الفتيات بأعجاب:
- غلطان ايه بس انت مش شايف الحلويات اللي حواليك دي!
رمقه بغضب وتحدث اليه بملل:
- عادل.. انت عارف ان انا مليش في جو الحفلات ده.
القى نظره سريعه حوله بملل واضاف:
- انا همشي
استغرب صديقه من تسرعه وامسك بيديه لكي يمعنه من الذهاب مؤكدًا:
- خلاص يا "رشيد" اهدى وخلينا نقعد كمان شويه وهنمشي على طول صدقني.
زفر بغضب ونظر امامه بنفاذ صبر، اشار صديقه الي النادلة لكي تأتي لهم بمشروب مرطب لكي يتناولون شئ قبل ان يذهبوا.
وقف رشيد يتأفف بغضب، اقتربت منهما فتاة شقراء جميلة، ترتدي ثوب ازرق قصير، وقفت بجواره واستندت بيديها فوق كتفه وتحدثت بدلال:
- رشيد.. اخيرا جيت!
زفر بغضب ونظر الي صديقه بلوم وتوعد، ابتسم صديقه وتحدث الي الفتاة بمرح:
- اتفضلي استلمي يا "مايا" انا كده عملت اللي عليا.
ابتسمت الفتاة برقة وهي تحدق بـ رشيد بأعجاب شديد، ثم تحدثت بدلال:
- شكراً يا عادل.. انا عارفه انه مستحيل كان هيجي لو عرف ان انا صاحبة الحفلة.
زفر رشيد بنفاذ صبر، يعلم ان مايا تلحقه في كل مكان وتحاول التقرب منه بكل الطرق، حاول قدر الامكان ان يتحدث اليها بهدوء مصطنع لكي لا يتسبب في احراجها:
- انتي عارفه ان انا مليش في جو الحفلات ده يا مايا.
ابتسمت بسعادة بعد شعورها انه لا يريد احزانها، اقتربت منه اكثر وبدأت تداعب ازرار قميصه وتحدثت اليه بدلال:
- انت من وقت ما رجعت من السفر وانت قافل على نفسك يا رشيد! نفسي اعرف ايه اللي غيرك كده؟
ابتسم مجاملاً لها وخفض وجهه يفكر كيف يذهب من هذا المكان قبل ان ينفذ صبره اكثر، اقتربت منهم كارمن وهي تحمل المشروبات الباردة، وضعت الكؤوس امامهم وقالت باحترام:
- اتفضلوا
صوتها لم يكن غريبً علي اذنيه، رفع عينيه سريعًا ينظر إلى صاحبة الصوت.
شهقت كارمن بصدمة وسقطت الكؤوس من يديها عندما رأته يقف امامها، لا تصدق ما تراه عيناها! حاولت استيعاب رؤيتها له وهمست بصدمة:
- رشيد!!
وقف يتأملها بصدمة، تجمد جسده بالكامل عند رؤيته لها بهذا الحفل! حدق بالثوب الموحد الذي ترتديه بزهول، لا يصدق انها تعمل نادلة وتقوم بالخدمة في الحفلات.
تابعت مايا صدمتهما الواضحة بفضول، نظرت اليهما بستغراب وتحدثت بفضول:
- انتوا تعرفوا بعض ولا ايه؟!
فاقت كارمن على صوتها وكأنها فقدة الوعي بعد رؤيته، شعرت بالتوتر الشديد ونظرت حولها بارتباك لا تعلم بماذا تجيب. تابع رشيد ارتباكها بغضب واجاب هو بنبرة حادة:
- لا طبعا منعرفش بعض.
خفضت وجهها ارضًا واغمضت عيناها بحزن، اشتد غضبه اكثر واضاف بنبرة قاسية:
- وانا هعرف الاشكال دي منين!
حدقت به بصدمة، لا تصدق انها تستمع إلى صوته بتلك النبرة شديدة القسوة، تأملت عيناه بزهول، لم ترى بداخلهما النظرات العاشقه التي كانت تراها بالماضي، لم ترى بعينيه الان سوى القسوة والغضب! لم تتبدل ملامحه كثيراً عن الماضي، كم اشتاقت اليه والي حنانه وعشقه لها. لمعت عيناها بالدموع وخفضت وجهها سريعًا لكي لا يرى ضعفها.
تابعت مايا تبادل النظرات بين رشيد وهذه الفتاة، شعرت ان هناك شئ بينهما او معرفة سابقه ولا يريد رشيد اخبار احد. ارتفع صوت مايا وتحدثت الي كارمن بغضب:
- انتي لسه واقفه! بسرعه نضفي المكان وشيلي اللي انتي كسرتيه ده من علي الارض.
كيف يمكنها الان ان تخفي دموع عيناها بعد تعرضها للأهانه امامه، لا يعلم كم تعرضت للذل والاهانه بعد تركه لها. انحنت بجزعها على الارض لكي تحمل بيديها الزجاج المكسور، شعرت وكأنها تحمل أشلاء قلبها المحطم بعد كل هذه السنوات على فراقهما.
تابعها بشرود لا يصدق انه يراها بعد اربعة اعوام على فراقهما، لم تتغير ملامحها عن الماضي! بل اصبحت اكثر جمالاً وانوثه. تساءل بداخله؛ لماذا ضهرت امامه الان! هل تريد اختبار مشاعره بعد ان فعل المستحيل من اجل ان ينساه؟ اربعة اعوام مضت عليه وهو يحاول نسيانها، جاءت في لحظة واحدة واسترجعت الذكريات بداخله وكأن فراقهما لم يحدث!
صرخة مدوية افاقته من شروده، لقد جرحت يديها بقطعة من الزجاج. اخذت تبكي وهي تنظر الي الجرح بيديها وتتألم بشدة. ركض اليها دون ان يشعر بما يفعله، انحنى بجزعه امامها وامسك بيديها يتفحص الجرح بلهفة لم يستطيع اخفاءها، كانت تبكي وتتألم بشدة. تحدث اليها بحنان دون ان يشعر:
- متخافيش الجرح صغير.
بكت بشدة وهمست اليه ببكاء وهي تتألم:
- بس بيوجعني اوي.
نظر اليها ولم يتحمل رؤية دموع الألم بعيناها، نظر الي صديقه وسأله عن منديلاً لكي يضعه فوق الجرح كي يتوقف نزف الدماء، أعطاه صديقه منديلاً ووقف بجوار مايا يتابعاً ما يفعله رشيد بصدمة. كان رشيد يمسك بيديها بحنان ويضمد الجرح بحذر وهي تبكي مثل الطفلة الصغيرة وكأن والدها هو من يداوي جرحها، توقف الجرح عن نزف الدماء ولم تتوقف دموعها. هذا ما كانت تفعله بالماضي! يتذكر كم استمر بكاءها لساعات بعد اتمام زواجهما منذ اربعة اعوام، كم كان حنونً وصبورًا معها. كانت ومازالت مثل الطفلة الصغيرة، تبكي من اقل الأشياء! بكاءها، دموعها، صوت شهقاتها، يذكره كل شئ بالماضي، لا يريد ان يتذكر أي شئ.
ترك يديها مسرعًا واعتدل في وقفته، نظرت اليه بعيناها الباكيه تترجاه ان لا يتركها مجددًا، تبدلت نظرات عيناه الي الجمود، لا يمكنه تصديق دموعها مرة أخرى، لن يسمح لها ان تخدعه مرتين! تركها وذهب من الحفل دون ان يتحدث.
ذهب عادل صديقه خلفه ليلحق به، نظرت اليها مايا بغضب وتحدثت اليها بقسوة:
- رشيد يعرفك منين؟
خفضت وجهها ارضا واجابة بصوت ضعيف:
- ميعرفنيش.
وقفت وهي تبكي وتمسك بيديها المجروحه، الألم الذي تشعر به بقلبها الان كان اقوى وأصعب بكثير من الالم الذي تشعر به بيدها، ذهبت وهي تبكي بحزن وندم، تابعتها مايا باهتمام وهمست بثقة:
- الاكيد ان رشيد يعرفك.. وانا لازم اعرف هو عرفك امتى وازاي!
**********
اخذ سيارته وانطلق بأقصى سرعة، يحاول الهروب من التفكير بالماضي بعد رؤيته لها بالحفل، لم يدعه الماضي وشأنه وظل يلاحقه حتى عاد بذاكرته الي الماضي منذ خمسة اعوام....
{محافظة القاهرة.. صيف عام 2018}
- الحقوني انا بنتي اتخطفت
= وانا كمان بنتي اتخطفت
" بيان هام.. في اتوبيس سياحي اتخطف وهو في طريق العين السخنه.. الاتوبيس كان فيه طالبات ثانوي لمدرسة خاصة.. الطالبات كانوا في طريقهم لقضاء رحلة سياحية احتفالاً بأنتهاء العام الدراسي، تم الاختطاف من قبل عدد من المجرمين، لا نعلم حتى الآن سبب الاختطاف! ننتظر ما ستفعله وزارة الداخلية"
حالة من الفزع اصابة جميع العائلات عقب رؤيتهم لهذا الخبر على جميع مواقع الاخبار.
تجمع عدد كبير من الصحافة والاعلام لتغطية الحدث ومعرفة كل التطورات.
بداخل مكتب وزير الداخليه ، لم يتوقف هاتفه عن استقبال الاتصالات من عائلات الطالبات وكبار المسؤلين بالدولة، تجمع عدد كبير من مساعدي الوزير وعدد من الضباط ذو الكفاءة والخبرة، يبحثون في الحادث لمعرفة من الخاطف! تحدث مساعد وزير الداخلية بثقة:
- مفيش غير ظابط واحد هو اللي هيقدر يفيدنا في القضية دي.
اتجهت اليه الانظار بأهتمام، تابع حديثه واضاف بثقة:
- النقيب رشيد الجبالي.. حفيد اللواء نور الدين الجبالي.
تبادلت النظرات بينهم بتأكيد على الاختيار. تحدث الوزير:
- احنا كلنا طبعًا نعرف اللوا نور الدين الجبالي.. بس انت متأكد ان النقيب رشيد هيقدر يفيدنا في القضية دي ويرجع البنات؟ الموضع خطير واهل البنات وكل المسؤولين في الدوله بيكلموني كل شوية.
أومأ اللواء برأسه بالايجاب مؤكدًا بثقة:
- طبعا يا فندم.. النقيب رشيد من اكفاء الظباط عندنا وتم تكليفه في اكتر من قضية من النوع ده وقدر يحلهم في اقل من 24 ساعة، وهو الوحيد اللي هيقدر يوصل للبنات في اسرع وقت.
ارتفع صوت وزير الداخلية:
- وهو فين دلوقتي.. كلموه يجي حالاً.
*********
في مكان لأطلاق النار.
وقف النقيب رشيد الجبالي وهو يركز في اطلاق النار مصوبً الهدف بكل تركيز. اقترب منه صديقه المقرب النقيب "خالد" وتحدث اليه بنبرة مرحة:
- رشيد باشا.. ايه رأيك هنتغدا فين النهارده؟
اطلاق اخر هدف له واصابه بأحتراف، ابتسم صديقه وتحدث بفخر:
- طول عمرك صياد!
ابتسم رشيد وتحدث بمرح:
- يبقى نتغدا سمك النهاردة.
ابتسم خالد ببلاهة وحرك يديه فوق معدته بجوع:
- وطبعًا انت اللي هتعزمني؟
هز رشيد رأسه بقلة حيلة واخذ متعلقاته الشخصيه وذهب وهو يبتسم وتحدث بمرح:
- مش ملاحظ ان انت من يوم ما اتجوزت وانا بس اللي بعزمك!
ابتسم خالد وهو يدعي الحزن على حاله وتحدث بطريقه دراميه:
- والله يا باشا انا نفسي اعزمك مرة بس المدام ربنا يخليهالي بتاخد المرتب كله وبتديني مصروفي يوم بيوم وانت عارف ان المرتب اتأخر الشهر ده!
ضحك رشيد بستهزاء وهز رأسه بمرح:
- لا عاش يا باشا.. احبك كده وانت مسيطر!
توقف خالد عن السير وتحدث بطريقه دراميه:
- انت كمان بتتريق عليا!.. ماشي.. بكره تتجوز ومراتك تاخد مرتبك وتديك مصروفك زيي.
اقترب رشيد من سيارته ووضع متعلقاته بداخلها وتحدث بثقة:
- لا انت بتحلم.. مش انا يا حبيبي.
ضحك خالد بمرح وتحدث بثقة:
- بكره نشوف يا حبيبي.
رن هاتف رشيد برقم اللواء "طلعت" نظر الي الهاتف بدهشة وهمس "غريبه ليه اللوا طلعت بيتصل بيا دلوقتي! " رد على الهاتف بفضول، استمع الي صوت اللواء يطلب منه سرعة الحضور الي مكتب وزير الداخليه ، اجاب بالايجاب وأغلق الهاتف. نظر اليه خالد بدهشه وتحدث اليه بقلق:
- خير يا رشيد في ايه؟!
تحدث رشيد وهو ينظر امامه بتفكير:
- اللوا طلعت طلب مني اني اروحله على مكتب وزير الداخليه حالاً!
همس خالد بقلق:
- اشمعنا يعني! هيكون في ايه ؟
نظر اليه رشيد وكتم ضحكته واجابه بنبرة مرحة:
- ممكن تكون مراتك قدمت بلاغ عشان المرتب اتأخر الشهر ده!
حدق به خالد بغيظ، ضحك رشيد بمرح وصعد الي داخل سيارته وذهب في طريقه الي مكتب وزير الداخليه . وقف خالد بوجه حزين وهمس بأحباط:
- طارت العزومة.
*********
على طريق العين السخنه. بداخل الباص المخطوف. وقف عدد من المسلحين بداخل الباص يهددون الفتيات بالسلاح لكي يسيطرون على الوضع.
بالمقعد الاخير كانت تجلس "كارمن" فتاة في الثامنة عشر من عمرها، توفي والدها وهي في العاشرة من عمرها، تعمل والدتها على صيد الرجال الاغنياء لكي تعيش بنفس المستوى الاجتماعي العريق بعد وفاة زوجها "والد كارمن" بعد خسارته جميع امواله واعماله التجارية، تنتقل والدة كارمن من زوج لأخر، تاركه خلفها ابنتها، فقط توفر لها المال وتتكفل بدفع الاموال لتعليمها في واحدة من اكبر المدارس الخاصة، لا تعلم كارمن الكثير عن أفعال والدتها، فقط تعلم ان والدتها تعشق المال وتتزوج من رجال الاعمال الاغنياء في الخفاء.
كانت كارمن ترتدي فستان صيفي كحلي به زهور ملونه وتترك شعرها منسدل بطريقه رائعه. هي فتاة جميلة ذو بشرة بيضاء وعيونها سوداء كاحلة. كانت تجلس بجوارها صديقتها المقربه "سما" ابنة احد رجال الأعمال. سما فتاة رقيقه ومسالمه، صديقة كارمن منذ الطفوله، همست سما الي صديقتها كارمن بخوف:
- وبعدين يا كارمن! المجرمين دول هيعملوا فينا ايه؟
تابعت كارمن تحرك الخاطفين حولهم وتصويب السلاح عليهم بخوف وهمست:
- مش عارفه هما هيموتونا ولا هيعملوا فينا ايه يا سما، انا خايفه اوي.. يارب حد يجي ويخلصنا منهم بسرعه.
همست سما بخوف:
- بابي لو عرف اكيد هيتصرف ويخلصنا.
بهتت ملامح كارمن بحزن وهمست بخيبة أمل:
- ياريت بابا كان عايش.. ماما عمرها ما هتسيب جوزها وترجع من شهر العسل بتاعها عشاني!
نظرت اليها سما بحزن وربتت على يديها بحنان. ارتفع صوت احد الخاطفين وأمرهم بالصمت، كتموا انفاسهم بخوف وهم يتطلعون اليه بهلع.
*********
داخل مكتب وزير الداخلية.
جلس رشيد يستمع الي الوضع بكل تركيز بعد ان اخبره رئيسه ان الاختيار قد وقع عليه في حل هذه القضيه وفي اسرع وقت.
تحدث رشيد بعد استماعه الي جميع الخطط المقترحه لتخليص الفتيات:
- ممكن اعرف ايه طلبات اللي خطفوا الأتوبيس؟
تحدث اللواء طلعت:
- هما لهم طلب واحد.. اننا نفرج عن رئيسهم.
تساءل مرة أخرى بفضول:
- ومين رئيسهم؟
اجابه اللواء:
- سعد بشار.. اكبر تاجر مخدرات في البلد واتمسك متلبس واتحكم عليه بمؤبد وهو دلوقتي في السجن لتنفيذ الحكم.
هز رشيد رأسه بالايجاب وتحدث بثقة:
- يبقى انا هحتاج سعد بشار من السجن.
حدق به الجميع بصدمة، هز رأسه بثقة واضاف:
- المهم دلوقتي اننا نخلص البنات دول لأن هما ملهمش ذنب بشغلنا.. وسعد بشار انا اللي هرجعه للسجن تاني بإيدي زي ما هاخده.
تحدث اليه وزير الداخلية بصرامة:
- بس ده مش حل يا سيادة النقيب.. بالشكل ده كل يومين هنلاقي اتوبيس اتخطف والخاطفين يطلبوا الافراج عن مجرم زيهم واحنا هنضطر ننفذ طلبهم!
خفض رشيد رأسه بأحترام للحديث ثم نظر الي وزير الداخليه وتحدث بثقة:
- بس احنا هنعمل منهم عبره لأي حد يفكر انه يكرر اللي هما عملوه.. وانا بوعد حضرتك ان سعد بشار هيبات في السجن الليلة دي هو ورجالته وهيدفعوا تمن عملتهم غالي اوي.
نظر اليه وزير الداخلية بتفكير، رآى بعينيه الثقه والاصرار، نظر الي جميع مساعديه وجميعًا وافقوا على خطته، حرك الوزير رأسه بالايجاب:
- وانا موافق على خطتك يا رشيد وواثق فيك.
ابتسم رشيد بثقة ووقف من مكانه وتحدث:
- وانا ان شاء الله هكون قد ثقة حضرتك فيا.
ثم اضاف:
- انا هتحرك دلوقتي ومعايا قوة بس لازم اروح السجن الاول واستلم سعد بشار بنفسي.
ابتسم اليه الوزير بثقة، ذهب رشيد وهو يفكر في خطته بذكاء ويضع على قائمة خطته حياة الفتيات.
_____________
بعد اقل من ساعة.
وصل رشيد الي السجن لكي يقابل سعد بشار ويأخذه معه لكي يطلق سراحه وينفذ طلب الخاطفين.
جلس بغرفة مأمور السجن وانتظر مجئ سعد بشار، بعد لحظات طرق الباب ودخل احد رجال الشرطة ومعه سعد بشار ويديه مكبلة بالحديد، نظر اليه رشيد باهتمام؛ كان سعد بشار رجل ضخم في الاربعين من عمره، لديه لحيه سوداء طويله، نظراته باردة، يتعمد اظهار القوة والثقة بوقفته.
وقف رشيد واقترب منه وتحدث اليه بهدوء:
- انت بقى اللي رجالتك عاملين لنا الدوشة دي كلها!
ابتسم سعد ببرود واجابه بسخرية:
- لولا اللي رجالتي عملوه ده مكنتش شوفت سعادتك هنا دلوقتي يا باشا!
هز رشيد رأسه بالايجاب وربت على ظهره بتأكيد على حديثه، ثم قام بوضع يديه فوق ياقة قميص سعد لكي يعدل من وضعيتها وتحدث اليه:
- عندك حق.. فعلا لولا اللي رجالتك عملوه ده مكنتش هتشوف سعادتي!
نظر الي العسكري الواقف يتابع الحديث بفضول وتحدث اليه:
- فك الحديد من ايديه.
نظر اليه العسكري بقلق، تحدث المأمور بقوة:
- نفذ الامر.
اقترب العسكري من يد سعد وقام بفك قيوده وهو يرتجف من الخوف، نظر سعد الي العسكري وابتسم بثقة، ثم تحسس يديه موضع القيد الحديدي وتحدث الي المأمور بسخرية:
- ابقوا هاتوا كلبشات واسعه شويه يا باشا..
ثم نظر الي رشيد واضاف بستهزاء:
- اصل القاعده في السجن من غير شغله ولا مشغله بتتخن !
رسم رشيد على وجهه ابتسامة استخفاف وهو يحاول كتم غضبه بداخله، تحدث الي المأمور:
- احنا لازم نتحرك يا فندم.
أومأ المأمور برأسه بالايجاب، تحدث رشيد الي سعد ببرود:
- اتفضل قدامي.
تحرك سعد امامه وهو يرسم علامة النصر فوق ملامحه.
_________
بداخل الباص السياحي.
وقف احد الخاطفين يتحدث بالهاتف، اخبره احد الاشخاص التابعين لهم ان رئيسهم سعد بشار تحرك من السجن وفي طريقه إليهم مع رجال الشرطة، صدح صوت زعيمهم بعد انتهاء المكالمه وأمر رجاله ان يكونوا على استعداد لمهاجمة الشرطة في أي وقت. حالة من الهلع اصابة الفتيات، قام احد الخاطفين بأطلاق بعض الطلقات في الهواء لكي يصمت الفتيات عن البكاء والصراخ.
همست سما الي صديقتها بخوف وهي تبكي بجوارها:
- انا خايفه اوي يا كارمن.. احنا خلاص كده هنموت.
نظرت كارمن إلى قدميها، تفاجأت انها لم تعد تشعر بها، حاولت تحريكها ووضع يديها وتحسس قدميها ولا تشعر بشئ، نظرت الي صديقتها بصدمة وهمست:
- انا مش حاسه برجلي!
حدقت بها سما بصدمة وهمست:
- يعني ايه مش حاسه برجلك!
بكت كارمن بصوت مكتوم من الخوف وانسالت الدموع من عيناها بغزارة:
- انا مش حاسه برجلي خالص!
ايه اللي ممكن يكون حصل في رجل كارمن؟ �
#الفصل_الثاني
الفصل_الثاني
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
ربتت سما على يديها وهمست اليها بحزن:
- متقلقيش يا حبيبتي هتلاقي ده بسبب الخوف والتوتر اللي احنا فيه!
بكت كارمن بخوف وهي تضع يديها فوق قدميها وتحاول تحريك قدميها ولكن بدون فائدة.
*******
بعد مرور ساعتين.. وصلت سيارات الشرطة الي موقع الباص على طريق العين السخنه. ترجل النقيب رشيد من سيارة الشرطة ووقف ينظر إلى الباص وتحدث بصوت قوي الي الخاطفين بداخل الباص:
- رئيسكم معانا.. ياريت تخرجوا البنات من الاتوبيس بهدوء.
ترجل احد الخاطفين من الباص، كان يخفي وجهه لكي لا يتعرف عليه رجال الشرطة، وقف امامهم بحذر وتحدث بثقة:
- لما نتأكد من حرية الباشا بتاعنا الاول يا حضرة الظابط؟
نظرات رشيد كانت تتعقب تحركات الخاطفين حول الباص وداخله بتركيز، أومأ برأسه واجاب عليه:
- وعايزين تتأكدوا ازاي ان الباشا بتاعكم حر؟!
اجابه الخاطف بقوة وهو يبحث بعيناه عن رئيسهم "سعد بشار" :
- الباشا هيركب العربية بتاعنا ويتحرك بيها واحنا هنتحرك وراه من غير ما حد فيكم يقرب مننا..
ظهرت ضحكه ساخرة على وجه رشيد وهو يستمع اليه، توتر الخاطف من ثقة الضابط واضاف بتوتر:
- وعايز اقول لسيادتك معلومة صغيرة يا باشا، احنا زارعين متفجرات في الاتوبيس، يعني لو لحقتونا، بضغطة واحدة هفجر الاتوبيس بلي فيه.
استمع رشيد الي بكاء الفتيات وصراخهم بهلع عقب استماعهم لحديث الخاطفين، اشار الي رجال الشرطة بأمر لكي يتركوا سعد بشار يذهب إلى رجاله، ركض سعد الي السيارة التي تنتظره، جلس بداخل السيارة بثقة وأشار بيديه يودع الضابط رشيد بسخرية، ثم تحركت به السيارة دون ان يتحرك احد من رجال الشرطة، فقط يتابعون ما يحدث بصبر وثبات، لحق به رجاله وهم يحذرون رجال الشرطة الا يتتبعوهم. توقف رشيد و رجال الشرطة بحذر، خوفًا على الفتيات من المتفجرات، ابتعدت سيارات هؤلاء الخاطفين وركض رشيد ورجاله الي الباص سريعاً لكي يخرجون الفتيات.
صعد رشيد أولا الي الباص وهو يتحدث بقوة ويطلب من الفتيات الهدوء والترجل من الباص بأقصى سرعة، ركض الفتيات من الباص وهم في حالة من الهلع. وقف رشيد بداخل الباص واستغرب جلوس فتاتين في المقعد الاخير من الباص، واحدة تبكي والأخرى تربت على ظهرها وتبكي معها، اقترب منهما بحذر وتحدث اليهما بفضول:
- انتوا ليه قاعدين ومنزلتوش؟!
نظرت اليه سما وتحدثت بصوت باكي:
- صحبتي مش قادرة تقف على رجليها!
تأمل صديقتها بدهشة، كانت تبكي بخوف وتضغط فوق قدميها بقوة، تحدث اليها بفضول:
- رجلك مصابة؟
هزت رأسها بالنفي وهمست ببكاء:
- لا..
تحدثت صديقتها سما بخوف:
- تقريبا حالة نفسيه بسبب الخوف اللي اتعرضنا له!
تأملهما بتفكير ثم اقترب من كارمن وانحنى بجزعه ووضع يديه اسفل ساقيها والاخرى اسفل ظهرها وقام بحملها بين يديه، ارتجف جسد كارمن من الخوف وقامت بالامساك به بخوف من السقوط. ترجل من الباص وهو يحملها وصديقتها تتبعه ببكاء، وقف الجميع يتابعون ما يحدث بدهشة، اخفت وجهها بداخل صدره بخوف، كانت تشعر انه مصدرها للأمان الان بعد ما تعرضت له من خوف وهلع، شعور غريب راوده وهي تتمسك به وكأنه طوق النجاة، اقترب من سيارة الاسعاف ووضعها بداخل السيارة برفق واخبر الطبيب بما حدث معها وطلب من صديقتها ان ترافقها الي المشفى. وقف امام سيارة الإسعاف قبل ان تنطلق في طريقها إلى المشفى، نظرات عيناها وهي تترجاه بخوف ان لا يتركها، كم تنفر من رائحة التعقيم والدواء المنتشرة حولها بداخل سيارة الاسعاف. كان جسدها يرتجف بشده ونظرت حولها بهلع، لا تريد الذهاب إلى المشفى وهي تعلم انها لن تجد من يهتم لأمرها حتى تعود الي المنزل وحيدة، والدتها لم تقطع اجازتها مع زوجها وتعود من السفر كي تكون بجانبها في هذا الوضع والضعف والخوف الذي تشعر به، اغلق الطبيب باب السيارة ورشيد يقف امامها وينظر اليها باهتمام، تتشابك عيناه بعيناها وشعور بخفقات مسرعه بقلبه تزداد مع اغلاق باب سيارة الإسعاف وابتعادها عنه في طريقها الي المشفى.
- تمام يا فندم.. هناخد البنات المدرية عشان ناخد اقولهم ونسلمهم لأهليهم.
فاق على هذا الصوت الذي جاء من خلفه، التفت اليه واجابه بهدوء:
- تمام يا سامح.. متنسوش لازم كل اهل البنات يوقعوا على استلامهم.
أومأ الضابط سامح بالايجاب:
- طبعاً يا باشا اطمن.
نظر رشيد الي الباص وتحدث بفضول:
- خبير المتفجرات وصل؟
اجابه الضابط سامح بتأكيد:
- في الطريق يا فندم.
أومأ برأسه قليلاً وذهب في اتجاه الباص، تحرك الضابط سامح ومعه مجموعه من رجال الشرطة في طريقهم الي مدرية الأمن ومعهم الفتيات.
وصل خبير المتفجرات وتفحص الباص وتأكد من عدم وجود متفجرات. ابتسم رشيد بثقة ونظر إلى هاتفه بعد ان اعلن عن اتصال هام، وضع الهاتف على أذنيه واستمع بأهتمام:
- تمام يا فندم.. قدرنا نعرف مكان سعد بشار عن طريق جهاز التتبع اللي حضرتك حطيته في ملابسه.
ابتسم رشيد بثقة وهو يتذكر كيف وضع جهاز التتبع الصغير بثوب سعد بشار اثناء حديثه معه في السجن، عندما اقترب منه وعدل من موضع ياقة قميصه، قام بزرع هذا الجهاز بخفه واحترافيه. أومأ برأسه وتحدث بثقة:
ِ- ابعتلي العنوان عشان لازم ازوره الليلة دي.
********
بداخل المشفي.
جلست سما تبكي خارج الغرفة التي تتمدد بها صديقتها، ركض اليها والدها ووالدتها بقلق بعد ان اخبروهم رجال الشرطة ان ابنتهم بالمشفى، اقترب والد سما من ابنته وقام بعناقها بقوة، تحدث اليها بقلق:
- ايه اللي حصل يا حبيبتي؟ انتي كويسه؟
أومأة برأسها وهي تبكي بخوف، عانقتها والدتها وتحدثت اليها بقلق:
- ايه اللي حصل يا حبيبتي؟ طمنينا عليكي؟!
اجابت علي والدتها بصوت متقطع من شدة البكاء:
- انا كويسه يا مامي.. بس.. بس كارمن تعبانه اوي.. مش قادرة تقف على رجليها من الخوف والرعب اللي عشنا فيه!
شعر والد سما بالحزن والغضب بعد تعرض ابنته الي هذا الهلع على يد هؤلاء المجرمين. صمت قليلا ثم نظر حوله وتحدث الي ابنته بفضول:
- ومامت كارمن فين؟
خفضت سما وجهها بحزن وتعاطف مع صديقتها واجابت علي والدها:
- اتجوزت جديد ومسافرة مع جوزها كالعادة!
ابتسامة ساخرة قد رسمتها والدة سما على محياها وهي تتحدث بغضب مكتوم:
- الله يكون في عونها كارمن، من بعد وفاة باباها وهي متبهدله ومامتها ولا بتهتم ولا بتسأل فيها!
ثم نظرت الي زوجها واضافة بترقب:
- هنقول ايه بقى.. حظها ان مامتها ملهاش شغلانه في الحياة غير توقع الرجاله وتاخد فلوسهم.
توتر زوجها وهو يستمع الي حديثها المقصود، يعلم ان زوجته كانت على علم بعلاقته مع "سهير سالم"والدة كارمن، ولولا تدخلها لكان وقع الان في شباك سهير سالم وتزوجها في الخفاء كما اعتادت ان تفعل مع الكثير من رجال الاعمال، لكنه تراجع عن الزواج في اخر لحظة بعد تهديد زوجته له، ولم تنتظر سهير سالم الا ايامً معدودة وتزوجت من رجل اخر في اقل من اسبوعين!
نظر والد سما إلى باب غرفة تلك الفتاة المسكينه التي لم تفقد والدها فقط، بل تفقد حنان واهتمام والدتها التي تعتقد انها توفر لها كل شئ بالمال.
خرج الطبيب المعالج من غرفة كارمن، اقترب منه والد سما وزوجته وابنته، تحدث إليه والد سما بقلق:
- طمني يا دكتور.. البنت حالتها ايه؟
ابتسم الطبيب بهدوء واجاب:
- متقلقوش الحمد لله البنت بخير، هي بس اتعرضت لخوف وهلع شديد وده اتسبب في حالة نفسيه انها تفقد القدرة على تحريك قدمها.
بكت سما بخوف، ربتت والدتها علي ظهرها وتحدثت الي الطبيب بفضول:
- يعني كده البنت مش هتقدر تقف على رجليها تاني؟
نظر إليهم الطبيب وتحدث بتوضيح:
- لا طبعا هتقف على رجليها وهتقدر تمشي تاني، بس ضروري دكتور نفسي يتابع معاها.
خفض والد سما وجهه ارضا بحزن، تحدثت سما ببكاء:
- ممكن نشوفها يا دكتور؟
رفض الطبيب مؤكدًا:
- للأسف هي نايمه دلوقتي والافضل انها ترتاح.
تركهم الطبيب وعاد إلى عمله، عانقة والدة سما ابنتها ونظرت إلى زوجها وحركت عيناها تطالبه ان يذهبوا، أومأ لها زوجها ومسد بيديه فوق شعر ابنته وتحدث اليها بهدوء:
- يلا يا حبيبتي خلينا نمشي ونسيب كارمن ترتاح شويه.
بكت سما وهي تنظر الي الغرفة التي تتمدد بها صديقتها بمفردها وتحدثت بخوف:
- هنسيبها ازاي لوحدها كده يا بابا!
تحدثت والدتها وهي تضم وجهها بين يديها بحنان:
- هنيجي الصبح نطمن عليها يا حبيبتي متقلقيش.
نظرت الي باب الغرفة وبكت بشدة، اخذها والدها من يدها وهو يوعدها انه سيأتي بها في الصباح الباكر لرؤية صديقتها، سارت سما مع والدها ووالدتها وهي تبكي بحزن على حال صديقتها الوحيدة.
********
الساعه الثانية عشر من منتصف الليل.
بإحدى المناطق الشعبيه.. وصل رشيد ومعه قوة من العمليات الخاصة الي العنوان الذي اشار اليه جهاز التتبع الذي زرعه في ثياب سعد بشار. تحركوا بخطوات مدروسه ومتقنه، اقتحم رجال العمليات الخاصة المنزل الذي يجلس به سعد بشار، قاموا بمهاجمة من في المنزل والتعامل معهم، كان بالمنزل عدد كبير من رجال سعد بشار، تبادلوا اطلاق النار مع رجال الشرطة، كان رشيد في المقدمة، اصابته احدى الطلقات بكتفه، ظل صامدًا ويقف على قدميه ويحمل سلاحه بيديه، استسلم رجال سعد بشار بعد سقوطهم واحد تلو الاخر على يد رجال الشرطة، لم يستطيع سعد الهرب وخرج مستسلمًا لرجال الشرطة بعد ان راء سقوط رجاله أمام عيناه وتأكد من محاصرة رجال الشرطة له، اقترب منه رشيد وهو يبتسم له بثقة، استغرب سعد بشار من وجود الضابط الذي اطلق سراحه من السجن اليوم، لا يصدق ان الضابط استطاع الوصول اليه بهذه السرعه، اقترب منه رشيد وهو يصوب السلاح بوجهه ويبتسم له ساخرًا، صدح صوته قائلاً بنبرة قوية ساخرة:
- ازاي كان هيجيلك نوم يا سعد بعيد عن الزنزانه بتاعك؟!
نظر اليه سعد بصدمة، ابتسم رشيد وتحدث الي احد الضباط:
- خدوه ينام في زنزانته.
اقترب احد رجال الشرطة واخذ سعد بشار وخرجوا من المنزل في طريقهم الي السجن، وقف رشيد يتنفس براحة بعد إتمام مهمته بنجاح، بدء يتسلل اليه الشعور بالألم بكتفه، اقترب منه احد الضباط ونظر اليه بصدمة بعد رؤيته للدماء تغرق ثيابه، صدح صوت الضابط يطالب بسرعة حضور سيارة الاسعاف، بدء يشعر رشيد بالضعف، قام الضابط بمساندته واخذه إلى سيارة الاسعاف.
*********
استيقظت على اصوات مزعجة تستمع اليها من خارج غرفتها، لا تعلم ماذا يحدث بالخارج، يبدوا ان هناك حالة من الهرج تعم بالمشفى، اعتدلت فوق الفراش وهي تشعر بالخوف والقلق. دخلت احدى الممرضات الي الغرفة لكي تعطيها الدواء بالموعد. نظرت الي الممرضة وتحدثت اليها بتوتر:
- ايه الدوشه اللي في المستشفى دي!
تنهدت الممرضه بحزن واجابة:
- في ظابط وصل المستشفى دلوقتي مصاب.. ربنا يقومه بالسلامه.
شحب وجهها وارتجف جسدها قليلاً عقب استماعها لحديث الممرضة، نظرت اليها الممرضه ولاحظت شحوب وجهها من الخوف، اقتربت منها واضافة:
- انتي اكيد لسه خايفه بعد اللي حصل معاكم النهاردة، بصراحة الله يكون في عونكم على الرعب اللي عشتوا فيه وانتوا مخطوفين!
نظرت اليها كارمن بتوتر، جسدها ارتجف بشدة، ابتسمت الممرضه واضافة بفخر:
- بس انا سمعت دلوقتي انهم قبضوا على اللي كانوا خاطفينكم.
حدقت بها كارمن باهتمام وهمست اليها بصوتً ضعيف:
- بجد!
ابتسمت الممرضه واجابة بثقة:
- أيوه.. اصل انا عرفت دلوقتي ان الظابط اللي جه المستشفى مصاب هو نفس الظابط اللي انقذكم النهاردة، واتصاب دلوقتي وهو بيقبض على اللي كانوا خاطفينكم والحمدلله قبض عليهم كلهم
ابتسمت بسعادة وهي تستمع الي حديث الممرضة، بدأ يتسلل الي داخلها الشعور بالأمان بعد معرفتها بالقبض على الخاطفين، شعرت بقدميها وكأنها كانت مجمده وقد فك الجليد عنها، حدقت بقدميها بزهول وهي تحرك اصابعها وتستجيب لها، تركت الفراش ووقفت لتتأكد من شعورها، استطاعت الوقوف على قدميها حقًا بعد شعورها بالامان، استغربت الممرضه وتحدثت اليها بزهول:
- ايه ده انتي قدرتي تقفي على رجلك!
نظرت كارمن الي قدميها وتحدثت بسعادة:
- انا مش عارفه انا وقفت ازاي ولا ايه اللي حصل! بس المهم اني بقيت حاسه برجلي دلوقتي.
ابتسمت لها الممرضه وتحدثت بهدوء:
- شكل اللي حصلك ده كان فعلا من الخوف ولما عرفتي ان المجرمين دول اتقبض عليهم اطمنتي وقدرتي تقفي على رجلك!
ابتسمت كارمن وتحدثت بتوتر:
- انا كده هرجع البيت الصبح صح؟
أجابتها الممرضة:
- انا هبلغ الدكتور عشان يجي يطمن عليكي الاول وهو هيقرر ترجعي البيت امتى.
أومأت كارمن برأسها وعادت الي الفراش مرة أخرى لترتاح قليلاً.
دقائق قليلة ودلف الطبيب الي غرفة كارمن، ابتسمت كارمن وتحدثت اليه بحماس:
- انا قدرت اقف على رجلي يا دكتور.. حاسة اني بقيت احسن دلوقتي.
ابتسم الطبيب واقترب منها وتحدث بتأكيد:
- بس ده ميمنعش انك محتاجه دكتور نفسي عشان الحالة دي متتكررش تاني.
وقفت من فوق الفراش واقتربت من الطبيب:
- حاضر يا دكتور انا هروح لدكتور نفسي.. بس لو سمحت عايزة اخرج من هنا.
خفض الطبيب وجهه ارضً يفكر بحيرة؛ كيف يخبرها ان والدتها رفضت خروجها من المشفى، نظر اليها وتحدث:
- للأسف مش هينفع تخرجي من المستشفى دلوقتي.
حدقت به بصدمة وتحدثت بقلق:
- ليه يا دكتور؟ انا بقيت كويسه اهو!
أومأ الطبيب برأسه واجاب بقلة حيلة:
- إدارة المستشفى اتوصلوا مع والدتك.. والدتك هي اللي طلبت انك متخرجيش من المستشفى قبل ما ترجع من السفر وتيجي تستلمك بنفسها ودفعت للمستشفى كل التكاليف.
تلألأة الدموع بداخل عيناها وتحدثت بصوت مبحوح:
- وماما قالت هترجع امتى؟
هز رأسه بحزن واجاب:
- للاسف مقالتش.
أومأت برأسها بتفهم، خانتها عيناها وذرفت الدموع على وجنتيها، حزن الطبيب من اجلها، تركها وخرج من الغرفة واغلق الباب خلفه، انهارت في البكاء، تعلم أن والدتها لن تقطع اجازتها وتأتي من اجلها، هذا ما اعتادت عليه من والدتها، عليها الانتظار بداخل المشفى حتى تأتي والدتها وتطلق سراحها. اتجهت الي الفراش وجلست تبكي بحزن، تشعر بالوحدة واليتم، ليس لديها احد في هذه الحياة، تعلم ان والدتها لن تهتم لأمرها ولن تأتي من أجلها مهما حدث معها.
***********
خرج الطبيب من غرفة العمليات، اقترب منه اللواء طلعت ومجموعه من الضباط زملاء رشيد يسألونه عنه بقلق:
- خير يا دكتور طمنا؟!
ابتسم الطبيب لكي يطمئنهم واجاب بهدوء:
- الحمدلله قدرنا نخرج الرصاصه ومفيش اي خطر متقلقوش.
تحدث اليه اللواء طلعت بقلق:
- يعني نقدر نشوفه ونطمن عليه يا دكتور؟
اجاب الطبيب بالرفض مؤكدًا:
- الأفضل محدش يزعجه دلوقتي، هو هيتنقل غرفة عادية الصبح وتقدروا تشوفوه بكره ان شاء الله.
ختم الطبيب حديثه قبل ان يذهب:
- عن اذنكم.
ذهب الطبيب وتركهم يتحدثون معًا، تحدث احد الضباط مع اللواء طلعت:
- هنبلغ عيلة رشيد يا فندم؟
وقف اللواء طلعت ينظر امامه بتفكير ثم اجاب:
- بلاش نقلقهم دلوقتي.. احنا الحمد لله اطمنا عليه انه بخير، خلينا نمشي دلوقتي وانا هبلغ جده الصبح.
أومأ الضابط برأسه باحترام، ذهب اللواء طلعت من المشفى وذهب خلفه جميع الضباط.
***********
في الصباح.
استيقظت كارمن على صوت طرق على باب غرفتها، دلفت سما الغرفة وهي تحمل حقيبة صغيرة بها ملابس لـ كارمن، استقبلتها كارمن بابتسامة، ركضت اليها سما وعانقتها بسعادة، جلست معها سما وتحدثت اليها بتوتر:
- كارمن انا اسفه مش هقدر اقعد معاكي كتير لان مامي هي اللي وصلتني ومنتظراني تحت في العربية.
بهتت ملامح كارمن بالحزن، أومأت برأسها وتحدثت بصوت مبحوح:
- المهم انك جيتي وخلتيني اشوفك.
اعطتها سما الحقيبه وتحدثت بتوتر:
- انا جبتلك شنطتك اللي كنتي مجهزاها عشان الرحلة.
هزت كارمن رأسها بحزن واخذت الحقيبه وهمست:
- شكراً.
وقفت سما وعانقتها مرة أخرى وقالت بحزن:
- انا اسفه يا كارمن.
ربتت كارمن على ظهرها وأومأت برأسها مؤكده:
- متتأسفيش يا سما.. انا فاهمه كل حاجة.
نظرت اليها سما وهي تبكي بحزن، لا تريد ان تترك صديقتها بمفردها لكن والدتها رفضت ان تمكث مع كارمن اكثر من ذالك.
جلست كارمن بغرفتها وحيده بعد ذهاب سما، تعلم ان والدة سما لا تريد ان تستمر صداقتهما، كانت حزينه وهي بمفردها، الجميع يبتعد عنها بسبب أفعال والدتها. نظرت الي حقيبتها التي جاءت بها سما، اخذت منها ثوب لكي تبدل ثوب المشفى وترتدي ثوب اخر.
بعد انتهاءها من ارتداء ثوب انيق كان يليق بها، وقفت تصفف شعرها الطويل. دخلت الممرضة وهي تبتسم لها وتتحدث معها بمرح:
- يا صباح الجمال كله.. انا جبتلك الفطار.
ابتسمت كارمن واقتربت منها تنظر إلى طعام المشفى بدون شهيه، ثم نظرت حولها بملل وتحدثت بحزن:
- انا مليش نفس.
ابتسمت لها الممرضه وتحدثت معها بحنان:
- شكلك مضايقه من حاجة؟
أومأت كارمن برأسها وتحدثت بحزن:
- بصراحه انا مش عارفه ازاي هفضل محبوسه هنا في المستشفى لحد لما ماما ترجع!
حزنت الممرضه من اجلها، فكرت قليلاً ثم تحدثت اليها بحماس:
- ومين قال انك هتفضلي محبوسه هنا..
حدقت بها كارمن بدهشة، اضافة الممرضه بحماس:
- ايه رأيك تيجي معايا وانا بمر على المرضى؟
نظرت اليها كارمن بتفكير، اضافة الممرضه بحماس:
- انتي عارفه مين بقى في الغرفة اللي جنبك؟
نظرت اليها بفضول، اضافة الممرضه بحماس:
- الظابط اللي انقذكم وقبض على الخاطفين امبارح...
يتبع...✍️