رواية كارمن الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه ملك إبراهيم حصريه وجديده في مدونة أصل للمعلومات والروايات
![]() |
رواية كارمن الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه ملك إبراهيم حصريه وجديده في مدونة أصل للمعلومات والروايات
الله لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
صوت فتح الباب استوقفها، التفتت تنظر الي من فتح الباب... شهقت بصدمة عندما رآت رشيد يقف امام الباب وهو عاري الصدر، يظهر عليه النعاس، كان مغمض العينين قليلاً وشعره متناثر فوق جبينه بطريقه فوضويه. وقفت أمامه تنظر اليه بصدمة، فتح عينيه قليلاً ونظر اليها ببرود قائلاً:
- ادخلي نضفي البيت وجهزيه بسرعه.
التفت الي الداخل قبل ان يستمع الي ردها. تابعته بصدمة بعد ان خفق قلبها بقوة وتخبطت مشاعرها عند رؤيتها له هكذا، لم يتغير عن الماضي، كان ومازال وسيمً للغايه، خطف قلبها عند رؤيتها له.
خطت بقدميها الي الداخل، رعشة قوية اصابة جسدها بعد دخولها الشقة، توقفت انفاسها وهي تتذكر دخولها الي هذه الشقة منذ اربعة اعوام... ✋.
يوم عقد قرانها من مطاوع {الخميس.. شتاء عام 2019}
عندما اخبرتها والدتها ان مطاوع في الطريق ومعه المأذون حتى يتم عقد القران. ركضت مسرعة الي غرفتها وقامت بمهاتفة رشيد لكي تخبره وهي تلهث بخوف وهلع. استمع اليها بهدوء واخبرها ان تجهز حقيبتها وتضع بها ملابسها ومتعلقاتها وتكون في انتظاره بداخل غرفتها.
فعلت ما قاله لها وهي في اشد حالات الخوف والتوتر. اغلقت الباب من الداخل لكي لا تراها والدتها وهي تجهز حقيبتها.
بعد وقت قليل وصل مطاوع ومعه المأذون والشهود، خفق قلبها بخوف عندما اتت والدتها الي غرفتها لكي تخبرها ان العريس وصل ومعه المأذون. تحدثت الي والدتها من خلف الباب واخبرتها انها ترتدي ثيابها وتستعد.
عادت والدتها الي الضيوف وجلسوا في انتظار العروس.
دقائق قليلة ووصل رشيد، وقف امام باب منزلهم وقام بالاتصال على كارمن وطلب منها الخروج من غرفتها الان. خرجت من غرفتها وجسدها يرتجف من شدة الخوف.
فتحت والدتها الباب وتفاجأت بوجود رشيد، نظرت اليه بستغراب واردفت ببرود:
- انت جاي تشهد على عقد الجواز ولا ايه يا حضرة الظابط؟!
رمقها بغضب واجابها ساخرًا:
- لا حضرتك انا جاي اخد مراتي.
حدقت به بصدمة، جف حلقها وهي تتحدث اليه بزهول:
- مراتك مين مش فاهمه؟!
تقدم الي الداخل بخطوات واثقه متجاهلاً صدمة سهير، اقترب من مطاوع والمأذون والشهود وتحدث اليهم بقوة:
- ممكن اعرف ايه اللي بيحصل هنا؟!
وقفت كارمن تتابع ما يفعله بتوتر وقلق، نظر اليه مطاوع بستغراب ثم تحدث الي سهير والدة كارمن:
- مش ده الظابط ابن طليقك يا سهير؟!
اقتربت منهم سهير واجابته بتوتر:
- اااه هو..
نظر اليها رشيد بسخرية ثم اجاب على مطاوع بقوة:
- وابقى جوز بنتها..
انتفض مطاوع من مكانه وتحدث بصدمة:
- بنتها مين!!
اجابه رشيد بثقة:
- للأسف هي ملهاش غير بنت واحدة.
نظر مطاوع الي سهير والدة كارمن وتحدث اليها بصدمة:
- الكلام ده حقيقي يا سهير؟ انتي ضحكتي عليا!
اقتربت منه سهير وتحدثت بقوة وصراخ:
- لا كدب.. متصدقوش.. بنتي مش متجوزة.. بنتي مش هتتجوز غيرك انت زي ما اتفقنا.
اقترب رشيد من المأذون واعطاه عقد زواجه من كارمن وهتف بقوة:
- ده عقد الجواز.. اتفضل حضرتك شوفه واتأكد.
نظر المأذون الي عقد الزواج ثم وقف من مكانه واردف بتأكيد:
-لا حول ولا قوة الا بالله.. كنتي هتودينا في داهية يا هانم لو كنت كتبت كتابها وهي متجوزة.. عقد الزواج صحيح.. اظن وجودي هنا دلوقتي ملوش لازم.. عن اذنكم.
ذهب المأذون وخلفه الشهود، وقفت سهير تنظر إلى رشيد بصدمة، ثم التفتت تنظر الي ابنتها الواقفة بعيدًا تتابع ما يحدث دون تدخل، اقتربت منها والدتها بخطوات واسعه وامسكت بذراعيها وضغطت عليها بقوة واردفت بصراخ:
- انتي فعلا اتجوزتيه؟ انطقي.. ردي عليا؟!
بكت كارمن من الخوف وأومأت برأسها بالايجاب واجابت على والدتها بصوت مبحوح:
- اه يا ماما اتجوزته.
صفعتها والدتها بقوة، ركض رشيد الي كارمن واخذها من امام والدتها ووقف هو امامها وتحدث اليها بغضب وتحذير:
- دي اول واخر مرة ايدك تتمد على مراتي.. انتي لو مكنتيش مامتها انا كنت دفعتك تمن القلم ده حياتك.
صرخت سهير بصدمة وهي لا تصدق انه تزوج من ابنتها وانتصر عليها، اخذ رشيد كارمن واخفى وجهها بداخل صدره بحماية وهي تبكي بداخل حضنه.
وقف مطاوع يتابع مشهد احتضان رشيد الي كارمن بصدمة وجنون، اقترب من سهير وتحدث اليها بتهديد:
- كل الفلوس اللي خدتيها مني ترجعلي تاني يا سهير، يا اما انتي عارفه انا ممكن اعمل فيكي ايه.
انتهى من حديثه وذهب بغضب، وقفت سهير تصرخ وتبكي بعد ان ضاعت فرصة الزواج والحصول على الكثير من اموال مطاوع مقابل زواجه من ابنتها.
نظر اليها رشيد بشمئزاز بعد ان تأكد من حقيقة انها ارادت بيع ابنتها لهذا الرجل مقابل المال! ربت على ظهر زوجته وهمس اليها بهدوء:
- حبيبتي احنا لازم نمشي من هنا.
رفعت وجهها وهي تبكي بداخل حضنه وتحدثت اليه بصوت مبحوح:
- هنروح فين؟
مسد على وجهها بحنان واجاب:
- هنروح بيتنا.
نظرت الي والدتها بعيون باكيه، لا تريد ترك والدتها بهذه الحالة، ابتعدت عن رشيد واقتربت من والدتها وتحدثت اليها ببكاء:
- سامحيني يا ماما انا اسفه.. بس صدقيني انا مكنتش هقدر اتجوز الراجل ده.
رمقتها والدتها بغضب واردفت بنبرة حادة:
- ابعدي عن وشي مش عايزة اشوف وشك تاني.. امشي مع اللي اتجوزتيه من ورايا.. بس خلي بالك لما يزهق منك ويطلقك هتلاقي بابي مقفول في وشك.
انتفض جسدها من قسوة حديث والدتها معها، حمل رشيد حقيبتها واقترب منها وامسك بيديها وتحدث الي سهير قبل ان يأخذ كارمن ويذهب:
- من حقك تغضبي من جوازنا.. بس انا عايزك تعرفي قبل ما نمشي ان مفيش راجل في الدنيا هيحب بنتك قد ما انا حبيتها.. ومفيش مخلوق في الكون كله هيقدر يحافظ عليها ويسعدها قدي.
رمقته بنظرات غاضبة وصرخة بهما بقوة:
- خدها وابعدوا عن وشي.. انا بنتي ماتت ودفنتها.. سامعين.. بنتي ماتت ودفنتها.
بكت كارمن بصدمة، اخذها رشيد من يدها الي خارج المنزل، كانت تبكي بانهيار، حديث والدتها وغضبها عليها كان قاسي ولم تتحمله. اخذها رشيد الي السيارة وصعد بداخلها وانطلق بها الي منزلهما الجديد، لم ينقطع بكاءها طوال الطريق، كلما تذكرت قسوة والدتها تشعر بألم شديد بقلبها، لم تتوقف عن البكاء حتى توقفت علي اعتاب هذه الشقة... ✋.
عادت من ذكرياتها على صوته وهو يخرج من غرفة النوم بعد ان بدل ثيابه وصفف شعره وأصبح جاهزًا للخروج من المنزل:
- انتي لسه واقفه عندك!
نظرت اليه بتوتر ثم عادت ببصرها الي اثاث المنزل وجميع محتوياته المحطمة ومتناثره فوق الارض، بللت لعابها ونظرت اليه مجددًا قائلة بتوتر:
- مين اللي عمل في البيت كده؟!
اقترب منها وهو يرتدي جاكيته وتوقف امامها يرمقها بغضب قائلاً:
- ده شئ ميخصكيش.. يلا نضفي البيت وجهزي كل حاجة.
وقوفه أمامها جعل جسدها يرتجف وقلبها يخفق بقوة، مازالت المشاعر بقلبها مثل الماضي واكثر، لم يبدل الفراق بينهما شئ، بل ذاد الاشتياق واشعل اللهفة بداخلها، تشتاق كثيراً لعناقه لها، شعورها بالأمان بداخل حضنه، لمست يديه الدافئه، صوته الحنون، رقته معها ومزاحه المستمر، دلاله لها ومعاملته الطيبه. تشتاق اليه بشدة. كم تمنت لو يعود بهما الزمان مرة أخرى!
رمقها بنظرات غاضبه، يريد صفعها بقوة على كل ما فعلته به، يريد الصراخ بها وسؤالها "لماذا خدعته؟ ماذا فعل معها حتى تبادل حبه وعشقه لها بالخيانه وكسر الوعود! لماذا تركته ولم تلتفت اليه! لماذا خذلته؟ اين ذهبت برائتها ولمعت عيناها وهي تقف امامه وتطلع اليه بكل برود! هل هي بارعة في الخيانه حقًا مثل والدتها؟ هذا ما حذره منه جده في الماضي وهو لم يصغى اليه، كم خذلته امام الجميع، كم حطمت قلبه وجعلته غائبًا عن الوعي والاستيعاب لعدة شهور، يؤلمه قلبه بشدة، رؤيته لها تعذبه، وعدم رؤيته لها تألم قلبه وروحه.
هتف بها بغضب وهو يتطلع اليها بقسوة:
- اعملي اللي قولتلك عليه مفيش وقت.
تركها وتابع سيره اتجاه الباب، استوقفه صوتها وهي تنادي اسمه. اغمض عينيه بألم يتذكر عندما كانت تستوقفه بصوتها في الماضي وهو ذاهب الي عمله، كانت تركض اليه وتعانقه بقوة وتتمسك به في محايله منها حتى لا يذهب إلى العمل ويبقى معها، كان يبادلها العناق بقوة ويمازحها بحنان. كم كان سعيدً معها وتمني ان تبقى معه الي اخر العمر، لكن ليس لأمنياته معها مكانً بهذا العالم.
التفت ينظر اليها وينتظر ماذا تريد، اقتربت منه بخطوات مرتبكة وتحدثت اليه بصوت مبحوح:
- مراتك وابنك فين؟
رمقها بغضب واجابها بقسوة:
- انتي جاية هنا النهاردة تشتغلي خدامه في البيت ده.. يعني مش من حقك تسألي اي سؤال، وتاني مرة مش عايز اسمع اسمي بصوتك لاني بقيت بكرهه.
تألم قلبها من قسوة كلماته، نظراته الغاضبه وصوته القاسي يؤلم قلبها بشدة، تلألأت الدموع بداخل عيناها وهي تتراجع الي الخلف مرة اخرى، أومأت برأسها وخفضت وجهها ارضً قائلة:
- انا أسفه.
رمقها بسخرية وهو يستمع الي عبارتها المعتادة، تحدث اليها ساخرًا قبل ان يترك المنزل ويذهب:
- وانا مبقتش آقبل اسفك.
خرج من المنزل واغلق الباب خلفه بقوة، وقفت تنظر امامها بصدمة، هنا سمحت لدموعها بالتساقط كما يروق لها، انهارت وهي تبكي وتتألم، كتمت صوت شهقاتها وبكاءها بيديها. لا يمكنها فعل شئ الان، فقط يمكنها البكاء بحسرة وندم على ما وصلت اليه علاقتهما. تعلم ان البكاء لن يعود بالماضي.
نظرت حولها وعيناها مازالت تذرف دموع الندم، وضعت يديها فوق الأثاث ومسدت عليه بحزن، هناك الاريكة التي طالما كانا يجلسان عليها وهي بداخل حضنه في ليالي الشتاء الباردة، كانت تصنع المشروبات الساخنه وهم يشاهدان التلفاز معًا. وهنا المطبخ الذي كانت تقف به بالساعات وفي النهاية تخرج منه وهي تبكي بعد احتراق الطعام وانتزاع المكونات، كان يتقبل فشلها في طهي الطعام بصدر رحب، كان يمازحها ويساعدها في كل شئ. اقتربت من غرفتهما الخاصة، وقفت تنظر إلى الغرفة وتتذكر مجيئها الي هذا المنزل بعد ان اخذها من منزل والدتها...✋.
تتذكر عندما اتي بها إلى هنا واخبرها ان هذه الشقة لهما الان، واخبرها كيف اشتراها. كانت سعيدة جدا بجمال الشقة ورقي اثاثها، ظلت تدور بداخلها وتشاهدها من الداخل بحماس، اقتربت منه وهي تبتسم بسعادة قائلة:
- الشقة حلوة اوي اوي يا رشيد.. مش مصدقه ان ده بقى بيتنا!
خفق قلبه بشدة وهو يتابع ابتسامتها الرائعه وسعادتها الكبيرة، اقترب منها اكثر وعانقها بقوة قائلاً:
- انتي اللي ضحكتك حلوة اوي علي فكرة.
ابتسمت بخجل وهي تتنعم بدفئ حضنه،
رفع وجهها اليه وتأمل شفاتيها واقترب منها لكي يقبلها، ابتعدت عنه بخوف وجسدها يرتجف بشدة. تفهم خوفها وتوترها من اكتمال علاقتهما. قرر ان يعطيها بعض الوقت لكي تعتاد عليه وعلى المنزل. اخذها الي غرفتهما الخاصة واخبرها ان هذه ستكون غرفتهما ويمكنها وضع ثيابها بها وترك لها مساحة كبيرة من حرية الحركة بداخل الغرفة عندما اخبرها انه سيذهب الي عمله لبعض الوقت. أومأت برأسها وهي تستمع اليه بتوتر حتى ذهب من المنزل، التقطت انفاسها وهي تنظر حولها بسعادة وشغف. اعتادت على المنزل سريعاً واستطاع رشيد ان يطمئنها بحنانه وحبه الكبير لها، حتى اكتمل زواجهما بعد ايام قليلة من المكوث معًا بداخل شقتهم...✋.
عادت من ذكرياتها وهي تتقدم الي داخل الغرفة وتطلع اليها بشتياق، كل شئ بالغرفة كما هو! لم يتغير شئ! وقفت تنظر إلى الفراش وابتسمت بحزن عندما تذكرت ليلة إتمام زواجهما... ✋.
تتذكرت عندما استمر بكائها بطريقة طفوليه اكثر من ساعتين ورشيد يحاول تهدأتها وايقافها عن البكاء، حتى تنهد بتعب وتحدث اليها بهدوء:
- حبيبتي انتي بقالك اكتر من ساعتين بتعيطي!
تحدثت اليه ببكاء وهي تضرب بيديها فوق صدره:
- انت ضحكت عليا يا رشيد.
ضحك على طفولتها وتحدث اليها بدهشة:
- ضحكت عليكي في ايه يا كارمن انتي مراتي!
اجابته بعصبيه اثارت ضحكته اكثر:
- بس انت مقولتليش ان ده الجواز!
حدق بها بصدمة في محاولة لستيعاب ما تقوله، شعرت بالغيظ من سخريته وحاولت الابتعاد عنه وترك الفراش، امسك بيديها وهو يحاول كبت ضحكته بصعوبة:
- هو المفروض انا كنت هقولك ازاي؟ وبعدين انتي مكنتيش تعرفي يعني ايه جواز؟!
اجابته بغضب وهي تحاول تخليص يديها من قبضة يديه لكي تبتعد عن الفراش وتتركه بالغرفة بمفرده:
- وانا كنت هعرف منين! شوفتني اتجوزت قبل كده!
تحدث وهو يضحك:
- يعني انتي اللي شوفتيني اتجوزت قبل كده!
وقفت تنظر اليه بغيظ، حاول كتم ضحكته ورسم الجديه على ملامحه قائلاً لها:
- ممكن تهدي بقى وتخلينا ننام.
اجابته بعناد:
- لا مش هنام.
أومأ برأسه وتحدث اليها بمكر:
- تمام برحتك.. انا اصلا اللي غلطان، كان المفروض اسيبك تتجوزي مطاوع.
شهقت بفزع ونظرت اليه بصدمة قائلة:
- لا يا رشيد متقولش كده تاني.. دا كان شكله بيخوفني اوي.
فتح ذراعه لها لكي تقترب وتنام بداخل حضنه وتحدث اليها بجدية مصطنعه:
- خلاص تعالي نامي في حضني وانا مش هقول كده تاني.
اقتربت منه بخجل، جذبها الي داخل حضنه وضمها اليه بقوة وهمس اليها بعشق:
- بحبك...✋.
جففت دموعها وهي تتذكر كم كانت سعيدة معه وحياتهما كانت رائعة، تمنت لو يعود بها الزمن ولا تفعل ما فعلته، لكن الزمان لن يعود ابدا وعليها تقبل فراقهما.
اتجهت الي المرحاض خارج الغرفة لكي تضع بعض قطرات الماء على وجهها حتى تستعيد نشاطها وتبدأ في ترتيب المنزل وتجهيزه للحفل.
*******
توقف رشيد بسيارته امام منزل عائلته، تقدم إلى داخل المنزل وهو يفكر كيف سينتقم منها. ركض اليه "مروان" ابن شقيقته، صاحب الثلاثة اعوام، ركض اليه بسعادة وهو يردد بصوته الطفولي:
- خالو..
التقطه رشيد بداخل حضنه ووقف وهو يحمله ويقبله بسعادة.
اقتربت منهما رهف شقيقة رشيد وهي تبتسم قائلة:
- من ساعة ما وصلنا وهو نازل زن عليا "فين خالو؟ .. فين خالو؟"
ابتسم رشيد وهو يداعب ابن شقيقته وتحدث اليه بمرح:
- خالو كان بيجهز مفاجأة لـ مروان.
ابتسم الطفل بسعادة وتحدثت رهف بفضول:
- مفاجأة ايه؟
غمز رشيد الي مروان بمرح واجاب على شقيقته بمشاكسة:
- دي سر بيني وبين البطل مروان.. صح يا بطل؟
اجاب الطفل بحماس:
- صح.
ضحكت رهف وتحدثت بمرح:
- يعني اخرج انا منها!
ضحك الطفل وهو بداخل حضن خاله، تحدث رشيد الي شقيقته:
- لبسي البطل وجهزيه عشان هاخده ونخرج مع بعض.
نظرت اليه رهف بدهشة قائلة:
- هتروحوا فين؟
اجاب رشيد:
- هحتفل بعيد ميلاده.
ابتسمت رهف واخبرته بهدوء:
- بس عيد ميلاد مروان كان من شهر واحنا احتفالنا بيه يا رشيد!
أومأ برأسه قائلاً:
- بس انا من شهر كنت مسافر ومحتفلتش بيه.
ابتسمت بحنان وأمأت برأسها واخذت مروان لكي تجهزه للخروج مع شقيقها.
اقتربت والدة رشيد منه وهي تنظر اليه بدهشة قائلة:
- رشيد انت منمتش في البيت النهاردة؟!
اكتفئ بأمأة بسيطة ردً على سؤال والدته، ازداد فضولها وتحدثت اليه بدهشة:
- ونمت فين؟!
اجابها بهدوء:
- نمت في شقتي.
نظرت اليه بصدمة، ثم اردفت بصوت غاضب:
- وانت ايه اللي يوديك الشقه دي تاني! معقول مش قادر تنساها بعد كل اللي عملته فيك!
حاول كتم غضبه واجاب على والدته:
- انا خرجتها من حياتي خلاص يا امي وهي ملهاش علاقه بالشقه!
غضبت والدته بشدة وتحدثت بانفعال:
- انت لازم تبيع الشقه دي وتخلص منها، انا مش فاهمه انت ليه متمسك بيها لحد دلوقتي!
خرج جده من غرفة مكتبه على أصواتهم المرتفعه، اقترب منهما وتحدث بدهشة:
- ايه الحكاية؟ ليه صوتكم عالي!
زفر رشيد بغضب واحتفظ بصمته، اقتربت منه والدة رشيد واجابته بلوم على ابنها:
- اسأله كان نايم فين امبارح يا عمي! معقول لسه محتفظ بالشقه ومش عايز يبيعها ويخلص منها!
نظر اليه جده بصمت، خفض رشيد وجهه ارضً وتحدث بغضب مكتوم:
- ياريت محدش يدخل في حياتي.. انا كبير كفايه ومش محتاج نصايح من حد.
رمقته والدته بصدمة وصدح صوتها الغاضب عاليًا:
- سامع يا عمي بيقول ايه.. مش عايزنا نتدخل في حياته.. يبقى البنت دي رجعت دخلت حياته تاني وهتقدر تضحك عليه زي ما عملت قبل كده!
لقد نفذ صبره ولم يتحمل حديث والدته، ارتفع صوته الحاد ردً على حديث والدته:
- كفاية بقى انا تعبت.. ليه محدش حاسس بالنار اللي جوايا.. ليه مش مقدرين ان انا خسرت أغلى حاجة في حياتي وخسرت شغلي ومستقبلي! انا خسرت حياتي كلها على ايد البنت الوحيدة اللي حبتها، انا مستحيل انسى خيانتها ليا.. مستحيل انسى انها دمرت حياتي! ازاي فاكرين اني ممكن اسمحلها ترجع لحياتي بالسهولة دي! انتوا ازاي متخيلين ان الاربع سنين اللي عشتهم بعيد عنها وعنكم وعن البلد كلها قدروا ينسوني خيانتها!
اقترب منه جده وتحدث اليه بهدوء:
- هو ده اللي قلقنا عليك يا رشيد، ان انت لحد دلوقتي مقدرتش تنسى!
نظر الي جده وأمأ برأسه بحزن قائلاً:
- صدقني يا جدي.. اللي يعيش الصدمة والوجع اللي انا عشته، مستحيل ينسى بالسهولة اللي انتوا فاكرينها دي!
اقتربت منهم رهف وهي تحمل ابنها مروان، لاحظت وجود توتر بين شقيقها وجدها ووالدتها، ركض مروان الي رشيد بحماس، حمله رشيد وقبله بحب، ثم نظر اليهم وتحدث قبل ان يذهب:
- انا هاخد مروان نحتفل بعيد ميلاده انا وهو.
ذهب من امامهم وهو يحمل ابن شقيقته ويداعبه بمرح، تابعته اعين جده ووالدته وشقيقته. نظرت والدة رشيد الي الجد وتحدثت اليه بقلق:
- وبعدين يا عمي! احنا هنسيبه يدمر اللي باقي من حياته كده؟
نظر اليها الجد بتفكير، يخشى ان يعود رشيد الي تلك الفتاة مرة أخرى. جلست رهف تفكر معهم بشرود حتى صدح صوتها بشغف:
- الحل الوحيد ان رشيد يتجوز.
#البارت_العاشر
- الحل الوحيد ان رشيد يتجوز.
نظرت اليها والدتها باهتمام تفكر في اقتراحها، تنهد الجد بقلة حيلة لانه يعلم بعدم موافقة حفيده على الزواج بعد فشل زواجه الاول. تحدثت والدة رشيد بعد تفكير:
- عندك حق يا رهف.. مفيش حد هيقدر ينسيه البنت دي غير بنت تانيه.. بس المهم تكون بنت كويسه ومن عيله تشرف عيلتنا.
نظر اليهما الجد وزفر بغضب، ثم تحدث الي زوجة ابنه:
- لما وجيه يرجع من شغله خليه يجيلي اوضتي.. لازم اتكلم معاه ونفكر في حل.
بهتت ملامحها وهمست بداخلها:
- هو وجيه فاضي لحد!
نظرت رهف الي والدتها وتحدثت بتأكيد:
- فعلا يا ماما، بابا لازم يساعدنا ويشوف حل مع رشيد.
أومأت والدتها برأسها بالايجاب وهي تفكر في إهمال زوجها لها ولعائلته.
*******
بداخل شقة رشيد.
انتهت كارمن من ترتيب المنزل واستقبلت زميلاها بالمطعم والذي جاء بالمأكولات ومستلزمات الحفل التي طلبها رشيد من مديرهم. تركها زميلاها لكي تقوم بعملها في التخديم بهذا الحفل الصغير وعاد هو الي عمله.
اعدت كل شئ بعد ترتيب المنزل ولم تستطيع البقاء في المنزل لاستقباله هو وزوجته وابنه، لا يمكنها فعل ذالك، تشعر بنيران تحرق قلبها كلما تذكرت انه استطاع الزواج من اخري.
ذهبت من المنزل قبل عودته، ركضت وكأنها تهرب من مواجهته ولا تريد رؤيته مع عائلته الصغيرة التي كونها بعد انفصاله عنها.
عاد رشيد الي المنزل ومعه مروان ابن شقيقته، كان المنزل هادئًا ولمستها الرائعه في ترتيبه كانت واضحة. تقدم إلى الداخل وبحث عنها في كل مكان ولم يجدها. اقترب منه ابن شقيقته وتحدث اليه بصوته الطفولي:
- خالو.. احنا هنعمل ايه؟
نظر اليه بتفكير، ثم تحولت نظراته الي الغموض واجاب بمكر:
- هنلعب شوية.
ابتسم الطفل بسعادة وركض يلهو ويلعب امامه، ابتسم بمكر وهو ينظر الي هاتفه، بحث عن اسم خالد صديقه واتصل عليه وانتظر رده وهو يرتب خطته بتفكير عميق. لحظات قليله واجاب عليه خالد بسعادة:
- رشيد عامل ايه طمني عليك؟
اجابه رشيد بهدوء:
- خالد انا محتاج منك خدمه ضروري.
تحدث خالد بثقة:
- وانا تحت امرك يا رشيد.
ابتسم رشيد بقسوة وأخبره ماذا يريد.
*******
بعد ثلاث ساعات بداخل الغرفة التي تمكث فيها كارمن مع والدتها.
كانت كارمن تجلس متكومة فوق الفراش بنفس الثياب التي اتت بها ولم تبدل ثيابها، كانت شارده به؛ تفكر ماذا يفعل الان مع زوجته وابنه! كيف يحتفلون؟
تابعت والدتها شرودها وحزنها الواضح بستغراب، لم تسألها ما بها! تجاهلتها وجلست تقرأ احدى الصحف وتتابع الموضه وهي تتحسر على حالها وما وصلت اليه بعد الثراء الذي كانت تعيش به.
بعد دقائق قليله استمعوا الي صوت طرق قوي على باب الغرفة، حتى كاد الطارق ان يحطم الباب. وقفت كارمن مسرعة وفتحت الباب بقلق. صدمها وجود رجال الشرطة امام الغرفة، حدقت بهم بصدمة وارتجف جسدها بشدة، همست بصوت مبحوح وهي تسألهم ماذا يريدون:
- نعم.. حضراتكم عايزين مين؟!
اجابها الضابط بقوة:
- انتي كارمن الهوارى؟
جف حلقها بخوف، شحب وجهها وهي تحدق به بصدمة، بللت لعابها واجابته بخوف:
- ااه.. انا.
التفت ينظر الي رجاله وتحدث اليهم بأمر:
- هاتوها.
اقترب منها رجال الشرطة وقاموا بالامساك بها، صرخت بين يديهم بخوف وهي تردد بهلع:
- في ايه؟ انا عملت ايه؟
لم يجيب عليها احد، اخذوها الي سيارات الشرطة بالاسفل. وقفت والدتها تتابع ما يحدث بستغراب، لم تتحرك من مكانها وهم يأخذون ابنتها امام عيناها، ولم تفكر في الالحاق بها، همست الي نفسها بثقة "اكيد في حاجة غلط وهيرجعوها تاني! كارمن مش ذكية عشان تعمل حاجة خارجة عن القانون!!"
صعدت كارمن الي داخل سيارة الشرطة، كانت تبكي بخوف واهل الحي يقفون على الصفين يشاهدون ما يحدث معها ويتسألون ماذا فعلت هذه الفتاة!
*******
في وقت باكر جدا من صباح اليوم التالي ومع اول ظهور لخيوط الشمس.
بداخل قسم الشرطة.
جلس رشيد امام الرائد خالد صديقه وزميله سابقًا قبل ان يخسر رشيد عمله بالشرطة منذ اربعة اعوام.
تحدث اليه خالد بثقة وهو يخبره ماذا فعل مع كارمن بعد مكالمته:
- بعت ظابط ثقة من رجالتي المطعم اللي هي بتشتغل فيه وخدوا العنوان من هناك وراحو خدوها من البيت.
أومأ برأسه وهو يستمع الي نجاح خطته، ثم نظر الي خالد وتحدث اليه بفضول:
- وهي فين دلوقتي؟
توتر خالد قليلاً واجاب عليه بهدوء:
- انا خليتها تبات في غرفة مكتبي وقعدت انا هنا في المكتب ده.
رمقه رشيد بغضب واردف بعصبيه:
- ليه عملت كده يا خالد! انا كنت عايزاها تبات في التخشيبه على الارض.. كنت عايزها تدوق اللي انا دوقته بسببها.
وقف خالد من مكانه وجلس امام رشيد وتحدث اليه وهو يجلس مقابلاً له:
- مكنش ينفع اعمل غير كده يا رشيد.. متنساش ان كارمن لسه مراتك.
نظر اليه رشيد بصدمة. أومأ خالد برأسه بالايجاب واضاف:
- محدش يعرف انك مطلقتهاش غيري.. ولو انت نسيت ده،، فـ انا مستحيل انسى.
نظر اليه رشيد واردف بغضب:
- انا مطلقتهاش لحد دلوقتي عشان من حقي اعرف هي ليه عملت فيا كده..؟
ربت خالد علي يديه بدعم:
- وانا معاك يا رشيد لحد ما تتأكد وتعرف الحقيقة، للاسف احنا مقدرناش نعرف الحقيقة من أربع سنين بسبب اختفاءها المفاجئ، بس هي دلوقتي ظهرت وتقدر تعرف منها هي ليه عملت فيك كده!
نظر اليه رشيد وهو يعلم ان كل شئ حدث يؤكد خيانة كارمن له، لكن هناك شعور بداخله يرفض تصديق خيانتها. وضع يديه فوق رأسه بتعب، أرهقه التفكير كثيرًا. تذكر ما فعلته بعد ثلاثة أشهر من زواجهما...✋🖤.
كم كان سعيدًا معها، كانت حياتهما رائعة طوال الثلاثة أشهر، ازداد عشقه لها وتعلقه بها، كانت تلجأ اليه وتعتمد عليه في كل شئ، كانت فتاته المدللة، كان يذهب إلى عمله في الصباح وهي تذهب الي الجامعه، ويعودان في المساء. كانا يتناولان الطعام معا وسط أجواء رومانسيه رائعه ويتبادلان الحديث والمزاح حتى الصباح. اصبح قلبه ينبض بعشقها، كان سعيدًا معها للغاية حتى تمنى لو تتوقف الحياة وهي بداخل حضنه.
لكن الحياة بينهما تغيرت فجأة!
هي من تغيرت! اصبحت طوال الوقت صامته، شاردة، التوتر يسيطر عليها طوال الوقت، حديثها غامض و ردودها حادة، تساءل كثيراً بداخله: ماذا حدث معها لكي تتبدل هكذا! ما الشئ الذي يقلقها ويجعلها شاردة طوال الوقت؟.. يتذكر عندما كان يسألها ماذا حدث معها، كانت دائمًا تخبره انها بخير، رغم ملاحظته القوية لتغيرها وعصبيتها الغير طبيعيه.
تذكر ذات يوم عندما كان بعمله، اخبره احد زملائه ان هناك شخصًا ما قدم بلاغ ضده، يتهمه باستخدام سلطته وعمله في الاتجار بالمواد المخدرة. كان الخبر مثل الصاعقة عليه، اخبره زميله انهم في طريقهم لتفتيش منزله. ركض الي منزله مسرعًا لكي يكون بجوارها عند حضور رجال الشرطة الي منزله، حتى لا يفزعها حضورهم وتفتيشهم للمنزل.
وصل إلى المنزل قبل وصول رجال الشرطة، استغربت كارمن حضوره باكرًا، تحدث معها واخبرها ان هناك تفتيش من الادارة وعليه تنفيذ الامر، لم تفهم شئ، وقفت بتوتر وهي تستمع الي صوت جرس الباب، ذهب رشيد وفتح الباب ورحب برجال الشرطة، اعتذر منه احدهم وأخبره ان عليه تنفيذ الامر بالتفتيش. رحب بهم رشيد وهو على يقين ان البلاغ كاذب وسوف يتأكدون الان عند تفتيشهم المنزل وتأكدهم ان البلاغ كيدي.
بدأ رجال الشرطة في التفتيش، كانت كارمن تتابع ما يحدث بخوف وتوتر، اقترب منها رشيد وامسك بيديها لكي يهدأها قليلاً وظل يطمنها ان كل شئ على ما يرام.
خرج احد رجال الشرطة من غرفة النوم وهو يحمل بيديه حقيبه بلاستيكية صغيره بها اكياس من مادة الهيروين المخدرة. اقترب من الضابط واعطاه الحقيبه باحترام.
وقف رشيد بصدمة يتابع ما يحدث بزهول، لا يصدق ما حدث، كيف خرج من غرفته بهذه الحقيبه! من اين اتي بها؟ كيف اتت هذه الحقيبه الي غرفته؟!
اقترب منه الضابط وتحدث اليه:
- للاسف يا رشيد انا مضطر اقبض عليك.
شهقت كارمن بصدمة. وقف رشيد وهو في حالة صدمة لا يستعب اي شئ، لا يعلم ماذا حدث ومن اين اتت هذه الحقيبه!
بكت كارمن وهي تراهم يضعون يديه بداخل اصفاد حديديه، نظر اليها وتحدث اليها بقوة:
- متخافيش يا كارمن اكيد في حاجة غلط.. خليكي في البيت واقفلي على نفسك كويس وانا هرجعلك تاني متقلقيش.
بكت بانهيار وهي تتابع ذهابهم من المنزل وهو معهم، جلست على الارض تبكي بانهيار.
كان يستمع الي صوت بكائها وهو ذاهب مع رجال الشرطة الي سياراتهم، لم يتحمل تركها بهذه الحالة، تمنى لو يركض ويعود اليها ويخبرها ان ما حدث معه ما كان اللي مزحة من اصدقائه معه. لا يعلم ان ما حدث ما كان مزحة، انما كان أمر مرتب له.
لم تنتهي التحقيقات معه لمدة 15 يومًا، جميع الأدلة كانت ضده. جلس معه المحامي الخاص به واخبره ان كل شئ ضده، حتى شهادة زوجته، نظر الي المحامي بصدمة، اخبره المحامي ان زوجته آكدت بشدة عدم دخول احد غريب الي المنزل وآكدت انه يملك تلك الحقيبة البلاستيكية التي كانت ممتلئة بالمواد المخدرة، وهذا يعني انه هو من وضع هذه الحقيبه بداخل غرفة نومه. كان يعلم جيدا ان زوجته مازالت صغيرة ساذجة ولا تعلم خطورة شهادتها عليه، لكنه كان في حيرة من عدم زيارتها له طوال الخمسة عشر يومًا! كان ينتظرها كل يوم ويتمنى رؤيتها حتى يؤكد لها انه لم يفعل ما اتهم به، يخشى ان تصدق انه خائن لعمله ويعمل في اتجار المخدرات، لا يفكر في شئ الان سوى اثبات برأته امامها.
بعد عدة ايام..
جاء ضيف جديد الي غرفة الحبس الذي يقيم بها رشيد حتى تنتهي التحقيقات، اقترب من رشيد وجلس بجواره وعلي وجهه ابتسامة باردة، نظر اليه رشيد وتذكره على الفور، تلك الابتسامة الباردة لن ينساها ابدًا. انه "سعد بشار!" الرجل الذي قبض عليه رشيد بعد اطلاق صراحه بساعات قليلة، عندما اختطف رجاله باص الرحلات الذي كان في طريقه الي العين السخنه وكان به مجموعه كبيرة من الفتيات.
ابتسم سعد ساخرًا من وضع رشيد وتحدث اليه بمكر:
- منور يا باشا.. السجن للجدعان.
رمقه رشيد بغضب قائلاً:
- السجن للمجرمين والخارجين عن القانون.
ضحك سعد بطريقه مستفزة قائلاً:
- يعني بتعترف يا باشا انك مجرم وخارج عن القانون!
رمقه رشيد بغضب وصدح صوته الغاضب قائلاً له بعصبيه:
- متنساش نفسك يا سعد واعرف انت بتكلم مين.
اجابه سعد ساخرًا:
- عارف طبعاً يا باشا.. دا انت نورت هنا على ايدي.
جذبه رشيد من ثيابه بغضب قائلاً له بانفعال:
- انت ليك يد في اللي حصلي ده؟!
اجابه سعد بأمأة بسيطه من رأسه قائلاً بستفزاز:
- اومال يعني يا باشا كنت عايز تعلم عليا وانا اقف اتفرج عليك، دا انت خليت اسمي في الارض يوم ما قبضت عليا انا ورجالتي.. كان لازم اخليك عبره قدام الناس كلها عشان ارجع هيبتي في السوق تاني.
لكمه رشيد بقوة قائلا له بغضب:
- دا انا اللي هعمل منك عبرة قدام الدنيا كلها.
جذبه من ثيابه واقترب من الباب وهو يتحدث بقوة:
- لازم تعترف ان انت اللي عملت كده.
ضحك سعد بسخرية وهو يحاول تخليص ثيابه من يديه وتحدث بثقة:
- بس انا لو اعترفت يا باشا مش هشيلها لوحدي.
حدق به رشيد بستغراب، أومأ سعد برأسه بثقة واضاف:
- المدام بتاع سيادتك هتشيلها معايا.
حدق به رشيد بصدمة، ابتسم سعد ساخرًا واضاف:
- هو انت مسألتش نفسك يا باشا مين اللي دخل المخدرات دي بيتك وحطها في دولابك؟
ترك رشيد ثيابه وهو ينظر اليه بصدمة، اعتدل سعد في وقفته واضاف بثقة:
- بس انت طلعت رخيص عند المدام اوي يا باشا.. اه لو تعرف المبلغ التافه اللي هي خدته قصاد خدامتها لينا.
رمقه رشيد بغضب ورفض تصديق حديثه، تحدث بصوت غاضب قوي:
- انت كداب.. انا مراتي مستحيل تعمل كده!
ابتسم سعد بثقة قائلاً:
- انا لو مكانك برضه مش هصدق يا باشا.. بس ايه رأيك لو تسألها بنفسك؟
ثقته وهو يتحدث كانت تأكد صحة ما يقول، لكن قلب رشيد وعقله لا يصدقان. اقترب سعد من الباب وطرق عليه، فتح له أحد رجال الشرطة، ابتسم سعد بسخرية قبل ان يذهب ونظر الي رشيد بانتصار، ثم ذهب إلى غرفة الحبس الاخرى.
جلس رشيد وهو في حالة من الصدمة، ظل يردد بداخله؛ كيف فعلت به هذا! من المؤكد ان هذا المجرم كاذب ويريد افساد حياته فقط، لكن كيف كان يتحدث بثقة وطلب منه مواجهة زوجته. هل عليه مواجهتها حقًا! لكنه يثق بها ثقة عمياء ولا يمكنه مجرد التفكير بخيانتها له. شعر وكأنه سيفقد صوابه الان، كان قلبه يؤلمه خوفًا من ان يتأكد ان ما اخبره به سعد حقيقيًا.
وقف وتحدث الي احد رجال الشرطة الواقفين امام الباب، طلب منه ان يخبر النقيب خالد انه يريد رؤيته في صباح الغد للضرورة.
عاد الي مكانه وجلس وهو يفكر بها، يفكر في تبدل حالها في اخر فترة بينهما! يفكر في عدم حضورها لرؤيته منذ اعتقاله! يفكر في شهادتها ضده! هناك أشياء كثيرة تجبره على التفكير في حديث سعد ولكن قلبه يخبره انها لن ولم تفعلها به.
صباح اليوم التالي..
ذهب خالد لرؤيته كما طلب منه رشيد، لكنه توقف فجأة عن السير عندما اصطدمت به كارمن وهي تخرج من المبنى المسجون به رشيد، كانت تخفي عيناها اسفل نظارة سوداء وتسير بخطوات مسرعه، ارتبكت كثيراً عندما رآها خالد، تركته وركضت من أمامه قبل ان يتحدث اليها. وقف خالد يتابع ما فعلته بستغراب، اعتقد انها اتت لرؤية رشيد وحدثت بينهما مشاجرة.
تابع سيره الي وجهته وذهب لمقابلة رشيد، انتظره قليلا وجاء اليه رشيد وهو يسير بارهاق، كان وجهه شاحب من قلة النوم وكثرة التفكير، نظر اليه خالد بقلق وتحدث اليه:
- رشيد انت كويس؟ شكلك تعبان اوي!
جلس رشيد امامه وتحدث بأرهاق:
- انا كويس يا خالد اقعد متقلقش.. انا عايزك تسمعني كويس في اللي هقوله.
حدق به خالد بستغراب قائلاً:
- في ايه يا رشيد.. انت قلقتني؟!
نظر اليه رشيد وبدأ يخبره بحديث سعد معه.. كان خالد يستمع اليه بصدمة وعقله رافض تصديق ما يخبره به. تحدث خالد بفضول بعد ان انتهى رشيد من الحديث واخبره بكل شئ قاله سعد:
- وانت لما سألت كارمن قالتلك ايه؟!
زفر رشيد بتعب قائلاً:
- مسألتهاش عشان مشوفتهاش من اليوم اللي اتقبض عليا فيه.
حدق به خالد بستغراب، ليضيف رشيد بحيرة:
- وده اللي مجنني! مش متخيل ان كارمن متفكرش تيجي تشوفني ولو مرة واحدة!
استوقفه خالد عن الحديث بأشارة من يديه قائلا بصدمة:
- لحظة واحدة.. انت عايز تقول ان انت مشوفتش كارمن من يوم ما اتقبض عليك؟ يعني كارمن مكانتش هنا النهارده بتزورك؟!
نظر اليه رشيد بستغراب واجاب:
- لا.. انا مشوفتش كارمن من اخر مرة كنا في الشقه مع بعض لما اتقبض عليا.
نظر اليه خالد بصدمة وهو يفكر؛ اذا لم تأتي كارمن لرؤيته! لمن اتت؟
حدق به رشيد بترقب وسأله بقلق:
- في ايه يا خالد؟!
نظر اليه خالد بصدمة واجاب:
- في ان انا قابلت كارمن وهي خارجة من هنا، وفكرت انها كانت بتزورك، والغريب انها اتوترت جدا لما شافتني!
حدق به رشيد بصدمة وسأله بقوة:
- انت متأكد انها كارمن يا خالد؟
اجابه خالد بثقة:
- طبعا يا رشيد متأكد.
وقف رشيد من مكانه وهو يحاول استيعاب ما يسمعه، فكر بداخله بصوت مسموع:
- معقول كارمن كانت هنا ومجتش تشوفني! هتكون كانت هنا بتعمل ايه؟
نظر اليه خالد بحيرة هو الاخر واجاب:
- يمكن كانت بتزور حد هنا!
استرسل له عقله وجود سعد بشار بنفس المبنى، التفت ينظر الي خالد وتحدث اليه بقوة:
- انا لازم اعرف هي كانت هنا بتزور مين؟
وقف خالد ونظر اليه باهتمام، تحدث اليه رشيد مرة أخرى:
- انت هتقدر تعرف بسهولة هي كانت بتزور مين.
أومأ خالد برأسه بالايجاب قائلا:
- تمام.. هروح اراجع اسماء الزوار واشوف كانت بتزور مين وارجعلك.
أومأ رشيد برأسه وهو ينظر اليه بصدمة، ذهب خالد وجلس رشيد مرة أخرى، عقله رافض استيعاب خيانتها له! هل من الممكن انها تعاونت حقًا مع سعد بشار؟ كثرة الاسئلة بأفكاره حتى شعر انه على وشك الجنون. كانت لحظات انتظاره لـ خالد گالدهر، تتخبط به الافكار مثل السهام المشتعله، يدعوا بداخله ان لا يتأكد من خيانتها، فهو يثق بها ويعلم ان ما قاله سعد بشار ما هو الا خدعة منه.
عاد خالد اليه وهو يخفض وجهه بصدمة، ملامحه ووقفته يؤكدان ان هناك شئ لا يريد اخباره به، حدق بـ خالد وسأله بترقب وقلبه يخفق بقوة شديدة:
- ايه يا خالد طمني؟
نظر اليه خالد بحزن واجاب:
- انا مش عارف اقولك ايه يا رشيد.. بس الواضح ان كلام سعد بشار صح.
يتبع
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹