رواية كارمن الفصل السادس عشر حتى الفصل الثالث والعشرون بقلم الكاتبه ملك إبراهيم حصريه وجديده على مدونة أصل للمعلومات والروايات
![]() |
رواية كارمن الفصل السادس عشر حتى الفصل الثالث والعشرون بقلم الكاتبه ملك إبراهيم حصريه وجديده على مدونة أصل للمعلومات والروايات
على جثتي يا ابويا لو طالت شوية تراب من الارض.
تحدث فراج بذهول
- ارض ايه يا عمتي.. ما تفهموني ايه حكاية الارض دي؟
اجابته عمته بقسوة اعمت بصرها بعد ما تذكرت ما فعله صادق ابن عمها معها عندما حطم قلبها برفضه الزواج منها منذ سنوات عديدة، عندما كانا الاثنان بعمر الشباب، تركها ليلة الزفاف وترك البلد بأكملها هاربًا من هذا الزواج، تركها بثوب الزفاف تنتظره لساعات حتى اتاها والدها واخبرها انه ترك كل شئ رفضاً الزواج منها وبعد اشهر قليلة زوجها والدها من رجل يكبرها بسنوات كثيرة بعد ان تسبب صادق في الاشهار بها وبسمعتها بعد رفضه الزواج منها، كم عانت كثيرا بعد زواجها من رجل في الخمسين من عمره وكان يعاني من مرض القلب، كان يقتلها الشعور بالنقص والاهانه بعد ان فضل صادق الزواج من امرأة أخرى ورفض الزواج منها وقرر التنازل عن ارضه في المقابل حتى يتركه عمه وشأنه بعد ما فعله في حق ابنته.
صوتها القوي الحاد لم يستطيع تهدأت النيران التي اشتعلت بقلبها بعد معرفتها بمجيئ تلك المرأة التي تزوجها صادق وفضلها عليها! كم من الليالي كانت لم تستطيع النوم وهي تفكر؛ كيف هي من فضلها صادق عليها؟ ماذا بها لكي يضحي بكل شئ من أجلها!
وداد: الارض اللي هي جاية تاخدها هي وبنتها دي.. هي نفس الارض اللي انت وابوك ضيعتوا فيها عمركم يا فراج .. الارض اللي شربت من عرقكم وارتوت.. الهانم بتاع مصر جايه تاخدها علي الجاهز! مكفهاش اللي خدته زمان!
جن جنون فراج وهو ينظر الي جده واردف بذهول:
- الست دي وبنتها جاين ياخدوا ارضنا يا جدي؟!.. انت كنت عارف سبب مجيهم هنا؟
أومأ جده برأسه بالايجاب وتحدث بصوت قوي:
- انا كنت عارف ان اليوم ده هيجي يا فراج.
تحدث فراج باصرار:
- ارضنا مش هتروحلهم يا جدي.. الارض دي انا تعبت فيها وابويا عاش ومات فيها.
نظر الجد امامه بتفكير وتحدث اليه بهدوء:
- ارض عيلة الهوارى مش هتروح لحد يا فراج..
نظر الي ابنته وداد وحفيدته ازاهار وتحدث بصرامة:
- خدي امك يا ازهار واطلعوا علي فوق.
هتفت وداد باصرار:
- الارض مش هتروح لبتاع مصر يا ابوي.
اجابها والدها بصرامة:
- اطلعي علي اوضتك مع بنتك يا وداد وسبيني اتكلم مع فراج...
توقفت تنظر الي والدها دون ان تتحرك، ارتفعت حدة صوته اكثر: خدي امك علي فوق يا ازهار.
اقتربت ازهار من والدتها مسرعة واخذتها خارج القاعة، نظر فراج الي جده وتحدث بعصبيه:
- عمتي عندها حق.. ارضنا مش هتروح لحد غريب يا جدي.
نظر اليه جده وتحدث بثقة:
- الارض هتفضل ارض عيلة الهواري.. والعقربه بتاع مصر مش هتنول اللي في بالها.
حدق فراج بـ جده بفضول وانتظر ان يتابع جده حديثه،.. نظر اليه الجد بثقة وأضاف:
- البت شكلها غلبانه وطالعه لابوها.. بس ليها ام عقربة.
تحدث فراج بدهشة:
- انت تعرف الست دي يا جدي؟
أجاب عليه جده:
- المحامي بتاع صادق كلمني وقالي انها راحت سألته عن الارض وقالي انها عايزة فلوس بأي طريقه وعرفني ان بنت صادق متبهدله معاها في مصر!
زفر فراج بغضب:
- يعني هنعملهم ايه يا جدي؟ هياخدوا شقانا وتعبنا كده بالساهل؟!
نظر اليه الجد بتفكير للحظات ثم تحدث بثقة:
- انا كنت عارف ان هيجي اليوم اللي مرات صادق او بنته هيجو فيه هنا ويطلبوا حقهم في الارض.
تحدث فراج بعصبيه:
- هما ملهمش حق عندنا يا جدي.. لو ليهم حق ياخدوه فلوس، لكن الارض لأ.
ابتسم الجد لحفيده واردف بثقة:
- ارض ايه اللي ياخدوها يا فراج! دا انا كنت ادفنهم فيها.
صمت فراج قليلا ثم اردف بفضول:
- وهنعمل ايه معاهم؟ هنديهم تمن الارض؟
تحدث الجد:
- انت عارف تمن الارض كام دلوقتي يا فراج؟ صادق له نص ارضنا.
حدق فراج بجده بصدمة واردف بذهول:
- يعني هما ليهم حق في نص الأرض بتاعنا؟!
أومأ الجد برأسه ثم صمت قليلاً ينظر الي حفيده بتفكير ثم تحدث:
- المحامي فهمهم انهم مش هيقدروا ياخدو الأرض من تحت ايدينا بالساهل، واكيد هما جاين يطلبوا حقهم في الارض فلوس.
تحدث فراج:
- يعني احنا نتعب في الارض طول السنين دي وهما يجو ياخدوا مننا فلوس كمان!
اردف الجد بغضب:
- مفيش ارض ولا فلوس هياخدوها!
نظر فراج الي جده بفضول، صمت الجد قليلا ثم اضاف بهدوء:
- احنا هندفع لمرات صادق فلوس ونخليها تتنازل عن نصيبها في الارض ونخلص منها خالص.
تحدث فراج بدهشة:
- وبنتها؟!
تحدث الجد:
- لو بنت صادق خدت فلوس، امها هتاخدها منها وهتضيع الفلوس والبت هتتبهدل معاها.. ولو ماخدتش دلوقتي مسيرها تتجوز وجوزها يجي يطلب حقها.
فراج: والحل ايه يا جدي؟
تحدث الجد بثقة:
- بنتنا تعيش هنا وسطنا وامها تاخد الفلوس اللي نديهالها وتتنازل عن نصيبها في الارض وتمشي.
تحدث فراج بدهشة:
- وبنت عمي صادق هتوافق تسيب عيشت مصر وتعيش معانا هنا؟!
تأمله الجد واجاب عليه:
- مش بمزاجها.. هتعيش معانا هنا غصب عنها.
استغرب فراج من حديث جده، صمت الجد للحظات ثم اردف:
- في الاول والاخر بت صادق لحمنا واحنا أولى بيها..
عقد فراج ما بين حاجبيه بعدم فهم، ليضيف الجد:
- انا بفكر اجوزك بنت صادق يا فراج وتبقى الارض بتاعتك كلها.. ايه رأيك؟!
حدق فراج بجده بصدمة ولمعت عيناه وهو يستمع الي كلمات جده:
- اتجوزها ازاي يا جدي.. و.. وازهار.. وعمتي!
تحدث جده بصرامة:
- متشلش هم عمتك انا هعرف اخليها توافق هي وبنتها.. ازهار مراتك مش عارفه تجبلنا حتة عيل يشيل اسم العيلة واحنا مش هنفضل نستنا الدكاترة والعلاج والعمر بيجري وانا نفسي اشوف عيالك قبل ما اموت.
توتر فراج كثيرا وتحدث بحيرة:
- بس انت عمرك ما فكرت او اتكلمت في موضوع زي ده يا جدي! انا مش مصدق انك عايزني اتجوز علي ازهار!
تحدث الحاج عبد الرازق بتأكيد:
- انت مش هتتجوز اي حد يا فراج.. بنت صادق من دمنا.. يعني العيال اللي هتخلفهم هيبقوا ولاد الهوارى اب وام.. دا غير الارض اللي هتفضل تحت ايدينا بعد ما تبقى مراتك.
نظر فراج امامه بتفكير في حديث جده، لن يستطيع إخفاء ان هذا ما تمناه بداخله عندما اصطدمت به والتفتت تنظر اليه، خفق قلبه عند رؤيته لعيناها اللامعه وجمالها الطبيعي الذي اثر قلبه.
ابتسم الحاج عبد الرزاق وهو يتابع شروده، يعلم انه يفكر بها، الفتاة حقًا جميلة ويتمناها كل من يتطلع اليها. خرج فراج من شروده على صوت جده:
- هي البت مش عجباك ولا ايه يا فراج؟
اجاب فراج بشغف:
- مش عجباني ايه بس يا جدي! دا البت حتة قشطة.
ضحك جده وتحدث اليه بثقة:
- هجوزهالك يا فراج بس انا ليا شرط..
نظر فراج الي جده بقلق، ابتسم الجد واضاف:
- تملالي الدار عيال، نفسي اشوف عيالك قبل ما اموت.
ابتسم فراج:
- ربنا يديك طول العمر يا جدي متقولش كده، ربنا يخليك لينا وتشيل عيالي وعيال عيالي.
تحدث الجد:
- المهم عندي يا فراج ان اجمع ولاد الهواري كلهم تحت سقف واحد وكمان عيالك اللي هتخلفهم من بنت صادق هيبقوا ولاد الهواري اب وام وده اللي كان نفسي اعمله من زمان بجواز صادق ابن اخويا من عمتك وداد بس صادق هرب وفضحنا في البلد كلها واهو جه اليوم اللي بنته تجيلي لحد هنا عشان تصلح اللي ابوها عمله.
ابتسم فراج بثقة:
- هيحصل يا جدي ان شاء الله.
تحدث الجد بتأكيد:
- يبقى على خيرة الله.
ابتسم فراج وهو ينظر امامه بشغف ويتذكر ملامح كارمن الرقيقه وجمالها الذي اثر قلبه من اول نظرة. تنفس بعمق وهو ينتظر اللحظة التي يملكها فيها وتصبح زوجته كما اخبره جده.
*****
توقف رشيد بسيارته امام العقار الذي كانت تسكن به كارمن مع والدتها بالغرفة الصغيرة بالطابق الاخير، جلس بداخل سيارته يراجع قراره، لقد جاء اليها الان لكي يتحدث معها ومع والدتها، يريد كشف الحقيقة كاملة قبل اتخاذه اي قرار.
ترجل من السيارة وارتدى نظارته السوداء وتقدم الي داخل العقار، صعد الي الدور الاخير حتى وصل الي سطح العقار، توقف للحظات ينظر حوله بصدمة! لا يصدق ان حبيبته تعيش هنا! تقدم بخطوات هادئه من الغرفة المتهالكة وتوقف امام الباب وطرق عليه بهدوء، طال انتظاره امام الباب دون رد من احد بالداخل.
كانت هناك غرفة مقابلة للغرفة التي تعيش بها كارمن مع والدتها، خرجت من الغرفة المقابلة سيدة عجوز وتحدثت اليه بصوتها الضعيف:
- مفيش حد عندك يا بني.
التفت ينظر اليها بستغراب وتقدم منها بهدوء قائلا:
- كارمن ومامتها عايشين هنا؟
اجابته السيدة العجوز بتأكيد:
- ايوه يا بني بس انا شوفتهم امبارح وهما واخدين شنطهم وماشين من هنا.
حدق بها بصدمة قائلا:
- حضرتك متأكدة؟!
اجابته بثقة:
- طبعا يا بني متأكدة.. انا شوفتهم بعيني وهما ماشين ومعاهم الشنط بتاعهم.
نظر امامه للحظات بصدمة ثم تحدث اليها برجاء:
- طب حضرتك متعرفيش هما راحوا فين؟ او لو في مكان تعرفيه ممكن يكونوا راحوا ليه؟!
اجابته بأسف:
- معرفش عنهم حاجة يا بني والله.. هما جم من كام شهر وأجروا الاوضه اللي قصادي دي وكانوا عايشين فيها لحد امبارح!
بهتت ملامحه بالحزن وهو يقف بصدمة يفكر بداخله؛ اين ذهبت؟ لماذا كلما أراد كشف الحقيقه تبتعد هي عنه! اين هي الآن؟ وماذا تفعل؟ كثرة الاسئلة برأسه بدون جواب، كلما تقدم خطوة يعود مجددًا الي نقطة البداية.
ذهب من العقار وهو يفكر؛ اين يبحث عنها وكيف يجدها! لا يعلم متى سينتهي هذا العذاب وتتوقف عن ارهاق قلبه.
جلس بداخل سيارته يفكر بحيرة؛ ماذا عليه ان يفعل الان؟ من المؤكد انه سيبحث عنها، لكنه اين سيبحث عنها! ولماذا ذهبت هكذا والي اين ذهبت؟!
اغمض عيناه بأرهاق، لا يعلم لماذا كلما اقترب منها خطوة تبتعد عنه اميال، همس اسمها بين شفتيه:
- ياترى روحتي فين يا كارمن!
*******
بمنزل عائلة الهواري في المساء.
خرجت سهير من الغرفة لكي تذهب إلى القاعة التي يجلس بها الحاج عبد الرازق بعد ان استدعاها عن طريق إحدى العاملات بالمنزل لكي تخبرها انه ينتظرها بمفردها!
تقدمت الي داخل القاعه وكان الحاج عبد الرازق يجلس فوق مقعده بهيبة ووقار.
اقتربت منه بخطوات واثقة وتحدثت اليه بهدوء:
- قالولي ان حضرتك طلبتني؟
بخارج القاعه اقتربت ازهار من باب القاعه لتسترق السمع وتشبع فضولها بعد ان اخبرتها الخادمة ان الحاج عبد الرازق طلب الضيفه الي القاعه بمفردها دون ابنتها، توقفت ازهار جانب باب القاعه تستمع اليهما.
تعمق الحاج عبد الرازق في النظر الي سهير بغموض قبل ان يجيب عليها:
- اقعدي يا ام كارمن عايز اتكلم معاكي.
جلست أمامه وانتظرت حديثه، رمقها بنظرات غامضة واضاف بهدوء:
- عايز اعرف منك سبب زيارتكم؟
بللت سهير لعابها وحاولت اظهار ثقتها واجابته بتوتر مخفي:
- سبب زيارتنا اننا عايزين حقي انا وبنتي في ارض صادق الله يرحمه.
أومأ برأسه وتحدث:
- وصادق الله يرحمه معرفكيش انه اتنازلي عن الارض بتاعه قبل ما يسيب البلد!
اجابته بثقة:
- اللي اعرفه ان مفيش اثبات انه اتنازل.
ابتسم ساخرًا:
- كلمة الراجل اثبات.
تحدثت بوقاحة:
- بس انا مليش علاقه بكلام الرجالة ومش بحبه.. خلينا في حقنا انا وبنتي.
كتم غضبه وتحدث بقوة:
- ملكيش دعوه ببنتك وحقها.. خلينا فيكي انتي الأول.
نظرت اليه بدهشة واستمعت اليه وهو يضيف:
- ايه اللي يكفيكي وتتنازلي عن ورثك في الارض.
لمعت عيناها بالطمع وتحمست كثيرًا واعتدلت في جلستها باستعداد قائلة:
- مرتبتش افكاري انا عايزة كام بالظبط.. بس خليني اعرف الأول الارض عاملة كام وحقي وحق بنتي هيكون كام؟
اجابها بقوة:
- قولتلك ملكيش دعوه بحق بنتك.
نظرت اليه بستغراب قائلة:
- يعني ايه مليش دعوة بحق بنتي؟!
اجابها بغضب:
- بنتك تبقى بنتنا.. وبنات الهوارى مبيطلعوش برا.. انتي اللي غريبة عننا وتاخدي حقك وترجعي مطرح ما جيتي!
شعرت بشئ من حديثه وهذا ما تريده ان يحدث، تريد ان تبقى ابنتها معهم وتصبح واحدة من العائلة لكي تستطيع استغلالها واخذ منهم المزيد دون توقف. تحدثت اليه بنبرة ماكرة لكي تتأكد من حديثه:
- مش فاهمه يعني ايه ارجع من غير بنتي؟!
قبل ان يجيبها استمع الي صوت فراج وهو يعنف زوجته ازهار بعنف عندما امسك بها وهي تسترق السمع اليهما كما اعتادت ان تفعل.
وقفت ازهار امام زوجها فراج ترتجف بخوف بعد ان امسك بها وهي تستمع الي حديث جدها مع الضيفه بالداخل. عنفها فراج بغضب وامرها ان تذهب الي غرفتها وتنتظره بداخل الغرفة حتى يأتي اليها.
ذهبت ازهار الي غرفتها بخطوات مهرولة، وقف فراج يتابع صعودها الدرج بغضب ثم التفت الي القاعة وتقدم الي الداخل.
تحدث اليه جده عقب دخوله القاعه:
- ايه اللي حصل يا فراج؟!
زفر فراج بغضب واجاب باقتضاب:
- مفيش حاجة يا جدي.
لم يضغط عليه الحاج عبد الرازق وصمت قليلاً ثم تحدث الي سهير:
- مقولتيش عايزة كام عشان تتنازلي عن نصيبك في الأرض؟
رمقته بغموض وتحدثت بمكر:
- ونصيب بنتي؟
اجابها الحاج عبد الرازق بحدة:
- قولتلك ملكيش دعوه بنصيب بنتك! وبعدين بنتك هتفضل هنا وسط اهلها ومش هترجع معاكي.
ابتسمت بداخلها بثقة، ثم نظرت الي فراج الذي يقف بصمت يتابع الحديث دون تدخل منه، ثم نظرت الي الحاج عبد الرازق وتحدثت:
- عايزة افهم يعني ايه بنتي مش هترجع معايا.. يعني هتفضل هنا تعمل ايه من غيري؟!
ضرب الحاج عبد الرازق بعصاه فوق الارض بغضب قائلا بقوة:
- هجوزها لـ ابن عمها وهتعيش معانا هنا.. عندك اعتراض على كلامي؟!
حاولت جاهدة إخفاء سعادتها بعد تحقيق ما تمنته منذ رؤيتها لكل هذا الثراء دون ان تفعل شئ، تمنت لو تتزوج ابنتها من وريث العائلة ويصبح كل هذا الثراء ملكـً لها. صمتت قليلاً تفكر بداخلها ثم تحدثت بهدوء:
- لا طبعا مش معترضه علي كلام حضرتك.. في النهايه كارمن بنتكم وحضرتك ادرى بمصلحتها.. بس في حاجة لازم تعرفوها.
نظروا اليها بانتباه، استجمعت قوتها واضافة:
- كارمن كانت متجوزة من اربع سنين واطلقت.
حدق بها الحاج عبد الرازق بصدمة، تجمد فراج مكانه من الصدمة قائلا:
- كانت متجوزة ازاي؟!
ابتسمت ساخرة واجابته:
- كانت متجوزة زي ما انت متجوز! بس الفرق ان جوازها كان عمره قصير واطلقت على طول.
نظر الحاج عبد الرازق الي حفيده وأومأ برأسه بالايجاب وتحدث بقوة:
- جوازها وطلاقها ميعيبهاش.. هي بنتنا واحنا اولا بلحمنا..
تجمد فراج مكانه بصدمة يفكر قليلاً، كان يعتقد انه الرجل الاول بحياتها. رمقه جده بنظرات قوية وتحدث بتأكيد:
- فراج هيتجوز بنت عمه والموضوع ده انا قررته خلاص؟
أومأ فراج برأسه:
- اللي تشوفه يا جدي انا تحت امرك.
ابتسمت سهير بهدوء وتحدثت الي الحاج عبد الرازق:
- وانا موافقه.. بس اخد حقي في الارض.. وطبعا متحرمنيش اجي اشوف بنتي واطمن عليها من وقت للتاني.
اجابها الحاج عبد الرازق بقوة:
- هتاخدي اللي انتي عيزاه.. المحامي جاي في الطريق دلوقتي.. هتاخدي فلوسك وتمضي علي التنازل.
لمعت عيناها بالطمع وتحمست كثيرا لاخذ الاموال والعودة الي حياة الأثرياء التي تركتها منذ اعوام رغمًا عنها على يد طليقها الاخير.. تابع الحاج عبد الرازق سعادتها بالحصول على المال وعدم اكتراثها لامر ابنتها بدهشة واضاف:
- بعدها تسلمي على بنتك وترجعي مطرح ما جيتي.
نظرت اليه سهير وتحدثت بدهشة:
- يعني مش هحضر فرح بنتي؟!
أجاب عليها الحاج عبد الرازق بهدوء:
- بنتك مش هتعرف دلوقتي انها هتتجوز ابن عمها، ولما نحدد الفرح هنبقى نبعتلك تيجي تحضريه.
#الفصل_السابع_عش
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ❤️ استغفر الله العظيم واتوب اليه عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته 🤍
Part 17
- بنتك مش هتعرف دلوقتي انها هتتجوز ابن عمها، ولما نحدد الفرح هنبقى نبعتلك تيجي تحضريه.
*****
جلس مع خالد صديقه يتناولون القهوة ويتحدث رشيد بغضب:
- هتجنن يا خالد.. مش هقدر استحمل انها تختفي تاني وملقهاش قبل ما اعرف منها الحقيقه!
تنهد خالد بحزن على حال صديقه واردف بهدوء:
- حاول تهدى بس يا رشيد واكيد هنلاقيها.
نظر امامه بتفكير وتحدث بحزن:
- انا مش عارف ليه بيحصل معانا كده! ليه حياتي معاها فيها عقد كتير ومسافات دايما بتبعدنا عن بعض! اوقات بفكر واقول يمكن احنا ملناش نصيب نكمل مع بعض وانا اللي لحد دلوقتي متمسك بالوهم وعايش فيه!
تحدث اليه خالد بقوة:
- وهم ايه اللي انت عايش فيه يا رشيد! كارمن مراتك واللي انت عملته ده مش اي راجل يقدر يعمله! انت رفضت تاخد قرار في لحظة غضب او ضعف.. رفضت تحكم عليها بالخيانه وانت مش ماسك في ايدك دليل قوي يثبت خيانتها لك.. انت تعبت واتعالجت بسبب انك رافض تصدق او تستوعب خيانتها.
تحدث رشيد بغضب:
- انا بتعذب يا خالد وانا مش قادر اعرف الحقيقه.. وانا مسافر كنت بحاسب نفسي في اليوم ١٠٠ مرة وأسأل نفسي انا عملت فيها ايه عشان تعمل فيا كده! كنت بحاول اقنع نفسي بخيانتها يمكن اقدر انساها وارتاح.. انا دلوقتي بدور على الحقيقه وانا خايف منها.. خايف تطلع خاينه فعلا وانا ظلمت نفسي معاها! وخايف تطلع بريئه وانا اللي ظلمتها طول السنين دي!
تحدث خالد بحيرة:
- مفيش حل غير اننا نعرف منها ايه اللي حصل بالظبط! هل هي فعلا اللي اتعاونة مع سعد بشار وكانت متعمده الشهادة ضدك؟ .. ولا في حد اجبرها تعمل كده.. ولا في حاجة تالته احنا منعرفهاش؟!
هز رشيد رأسه بتأكيد قائلا:
- المهم الاقيها واعرف هي راحت فين! مش هستحمل تختفي تاني وانا معرفش مكانها.
أومأ خالد برأسه مؤكدًا:
- هنلاقيها يا رشيد متقلقش.. انا هفضل معاك لحد ما نلاقيها.
أومأ رشيد برأسه بهدوء ثم شرد قليلا يفكر بها ويتسأل بداخله؛ اين ذهبت وماذا حدث معها؟!.
*****
بداخل الغرفة التي تجلس بها كارمن تنتظر والدتها.
اكثر من ساعتين منذ ترجلت والدتها الي الاسفل لكي تتحدث مع الحاج عبد الرازق ولم تعود. كانت كارمن تدور بداخل الغرفة ذهابً وايابً تنتظر والدتها بقلق.
بعد دقائق دلفت والدتها الي داخل الغرفة ووجهها يشع بالسعادة والحماس. اقتربت منها كارمن بقلق وتحدثت إليها بفضول:
- اتأخرتي تحت اوي يا ماما! ايه اللي حصل؟!
نظرت اليها والدتها بسعادة واجابة بحماس:
- كل اللي فكرت فيه واتمنيته حصل وهيحصل.
نظرت اليها كارمن بستغراب وتحدثت بفضول:
- قصدك ايه يا ماما؟ يعني هناخد منهم حق الارض ونرجع؟!
ابتسمت والدتها بسعادة واردفت بحماس:
- احنا مش هناخد حق الارض بس..
نظرت حولها بطمع واضافة:
- احنا هناخد كل اللي هما عايشين فيه ده.
حدقت كارمن بوالدتها بستغراب، لم تفهم ما تقصده والدتها. اقتربت منها والدتها وامسكت بذراعيها وتحدثت بتأكيد:
- الفرصة اللي جاتلك دي مستحيل تضيعيها يا كارمن.
شعرت كارمن بالخوف وهتفت بقلق:
- فرصة ايه يا ماما مش فاهمه؟!
نظرت اليها والدتها بتفكير، لم تريد اخبارها بما اتفقت عليه مع الحاج عبد الرازق حتى لا تعترض كارمن على الزواج من فراج وتهدم احلامها الطامعه في الحصول على اموال عائلة الهوارى بعد زواج ابنتها من الوريث الوحيد للعائلة، اتفق معها الحاج عبد الرازق بعد ان اخذت حقها في الارض على عدم اخبار ابنتها بشئ، وتعود من حيث اتت وتترك ابنتها مع عائلتها.
ابتعدت عنها والدتها واتجهت الي حقيبتها لكي تبدل ثيابها وتذهب، نظرت اليها كارمن بدهشة وتحدثت بقلق:
- ماما انا مش فاهمه حاجة.. خلينا نرجع احسن انا مش عايزة منهم حاجة.
التفتت اليها والدتها وتحدثت بارتباك:
- كارمن انتي هنا وسط اهلك.. دول عيلتك ولازم تعيشي معاهم.
حدقت بها كارمن بصدمة:
- قصدك ايه يا ماما مش فاهمه!
اجابتها والدتها بتوتر:
- مش قصدي حاجة.. بس انا مضطره ارجع القاهرة النهارده وانتي مش هينفع ترجعي معايا.
حدقت بها كارمن بصدمة وارتجف جسدها بذهول قائلة:
- يعني ايه يا ماما! يعني ايه مش هينفع ارجع معاكي؟! انتي اللي جبتيني هنا.. ازاي عايزة تمشي وتسبيني مع ناس معرفهمش!
تحدثت اليها والدتها بحدة:
- دول عيلتك يا كارمن.. وبعدين انتي عايزة تسيبي كل ده وترجعي القاهرة تعملي ايه!
تحدثت كارمن بصدمة:
- انا مش عايزة حاجة من هنا يا ماما.. انا عايز ارجع القاهرة وبس.
نظرت اليها والدتها بتفكير ثم تحدثت اليها بمكر:
- اسمعيني كويس يا كارمن.. جدك رفض يدينا حقك في الارض وحط شرط انك تقعدي معاهم هنا فترة عشان يديكي حقك.
صرخت كارمن ولمعت عيناها بالدموع:
- انا مش عايزة حاجة منهم يا ماما.. انا اصلا مكنتش عايزة اجي هنا وحضرتك اللي اصريتي.. دلوقتي عايزة ترجعي وتسبيني مع ناس معرفهمش!
صرخت بها والدتها بقوة:
- الناس دول عيلتك وانتي ليكي حق هنا ولازم تاخدي حقك.
وقفت كارمن تبكي وتهتف باصرار:
- انا مش هفضل هنا.. انا لازم ارجع معاكي.
تبدلت ملامح والدتها الي الجمود وتحدثت بقسوة:
- وانا مش عيزاكي ترجعي معايا.. انا عايزة ارتاح اللي باقي من عمري.. مش هفضل شايله همك طول حياتي.. كفايه عمري اللي ضيعته عليكي! سبيني اشم نفسي شويه وانتي بعيد عني.
كلمات والدتها القاسيه جعلتها في حالة من الصدمة والذهول، توقفت عن الحديث وعيناها لم تتوقف عن ذرف الدموع. لم تهتم والدتها بصدمتها وتابعت تبديل ثيابها واخذت حقيبتها وخرجت من الغرفة دون التحدث اليها. اغمضت كارمن عيناها بحزن، لا تعلم ماذا ستفعل هنا! وكيف تعيش مع هؤلاء! تمنت لو يأتي اليها رشيد ويأخذها من هنا. هتفت اسمه بداخلها وهي تبكي وتدعوا الله ان يخرجها من هنا.
*****
بعد مرور اسبوع..
لم تخرج كارمن من غرفتها بمنزل الهوارى، امتنعت عن تناول الطعام لمدة يومين بعد ذهاب والدتها، حتى فقدت الوعي وجاءت الطبيبه من اجلها، منذ ذالك اليوم وازهار تهتم بها دون ان تعرف بترتيب جدها بزواج كارمن من زوجها فراج. حتى جاء اليوم وطلبها جدها الي القاعة التي يجلس بها هي ووالدتها وداد.
دلفت ازهار الي داخل القاعه ولم تتوقع سبب طلب جدها لها. خطت بقدميها واقتربت من جدها ووالدتها، نظرات عين والدتها الدامعه لم تبشر بالخير، خفق قلبها بقوة بعد استماعها الي صوت جدها القوي:
- تعالي يا ازهار اقعدي هنا، عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم.
جلست امامه وهي تنظر الي والدتها بفضول، اعين والدتها اللامعه بالدموع كانت تخبرها بشئ لم تستطيع قوله. صوت جدها اخرجها من شرودها وجعلها تنتبه لحديثه اليها:
- انا كنت بتكلم مع امك دلوقتي يا ازهار في موضوع يخصك انتي وفراج.. انتوا دلوقتي متجوزين بقالكم سنتين، وانا نفسي افرح بحفيد يشيل اسم العيلة واطمن عليكم قبل ما اموت.
توترت ازهار وارتبكت كثيرا، نظرت الي والدتها وتحدثت بتلعثم:
- ربنا يخليك لينا يا جدي.. وانا كمان نفسي ربنا يرزقني بالخلف، بس هنعمل ايه! حكمت ربنا.
تحدث جدها بقوة:
- ونعم بالله يا ازهار.. بس ربنا يا بنتي ادا لجوزك رخصه للظروف اللي زي دي.
عقدت ما بين حاجبيها بصدمة وتحدثت بدهشة:
- رخصة ايه اللي تقصدها يا جدي؟!
خفضت وداد وجهها ارضًا بحزن على ما يحدث مع ابنتها، لا يمكنها التصدي لوالدها ومنعه من ما ينوي فعله، صمتت وقلبها يخفق بحزن وهي تستمع الي حديث والدها مع ابنتها:
- قصدي ان جوزك من حقه يتجوز ويجرب حظه مع واحدة تانيه.
شهقت بصدمة وانتفضت من مكانها، رفعت والدتها وجهها ونظرت اليها بحزن، وقفت ازهار تردد حديث جدها بصدمة:
- يتجوز واحدة تانيه ازاي! ازاي يا جدي عايز فراج يتجوز عليا؟!
اجابها جدها بقوة:
- عشان مصلحة العيلة يا ازهار. العمر بيجري وعيلة الهواري لازم يتمد عودها باحفاد كتير.
بكت ازهار وتحدثت بانهيار:
- بس انا مقصرتش يا جدي! انا عملت كل اللي عليا! روحت لدكاتره وخدت علاج وبعمل كل حاجة يقولوا عليها، قولي اعمل ايه اكتر من كده وانا اعمله؟
اجابها جدها بقوة:
- متعمليش حاجة يا ازهار.. انا عارف ان انتي عملتي اللي عليكي ومفيش فايده، وعشان كده قررت اجوز فراج واحدة تانيه.. وانتي هتفضلي على ذمته وليكي حقوقك كامله.. ولو يوم فراج قصر معاكي انا اللي هقف له.
بكت بحزن ونظرت الي والدتها وهتفت ببكاء:
- قولي حاجة يا امي.. سامعه جدي عايز يعمل فيا ايه؟!
وقفت والدتها واقتربت منها وعانقتها بقوة وهي تبكي هي الاخري وتحدثت الي ابنتها بحزن:
- جدك كبير العيلة يا ازهار وهو ادرى بصلحتنا ومصلحة العيلة.
بكت ازهار بداخل حضن والدتها، ربتت والدتها علي ظهرها وهي تنظر الي والدها الحاج عبد الرازق بحزن، لم تتبدل ملامح الجمود الذي رسمها الحاج عبد الرازق على وجهه، كادت ان تأخذ وداد ابنتها وتخرج من القاعه، لكن ازهار توقفت وهي تبكي ونظرت الي جدها وتحدثت اليه بصوت مبحوح من شدة البكاء:
- ومين العروسة اللي اختارتها عشان تجوزها فراج يا جدي؟!
صمت جدها قليلا وهو ينظر إليها بهدوء ثم اجابها بصوت قوي:
- كارمن الهواري.
ارتجف جسدها بصدمة مع استماعها للاسم، انهارت وجن جنونها وتحدثت بصراخ:
- قولوا كده بقى من الاول! يعني انتوا كنتوا متفقين من الاول وعشان كده جت مع امها وبعدين امها سابتها ورجعت لوحدها! كنتوا متفقين على الجوازة دي من بدري وانا الهبله اللي معرفش حاجة!
نظر اليها جدها بصدمة، لم تعطيه فرصة للرد عليها وابتعدت عن والدتها وركضت الي خارج القاعة وصوتها صدح عاليا بالمنزل:
- انا هعرفها خطافة الرجاله دي اللي جت عشان تخرب عليا حياتي وتسرق مني جوزي.
ركضت والدتها خلفها وهي تنادي اسمها بصراخ لكي توقفها، دلف فراج الي داخل المنزل وهو يستمع الي صراخ عمته بأسم زوجته، صعدت ازهار الدرج بخطوات واسعه وركضت الي غرفة كارمن.
لم تستطيع والدتها الامساك بها، صرخت والدتها بأسم فراج عندما رأته بالمنزل:
- الحق يا فراج ازهار لتعمل حاجة في بنت صادق!
نظر اليها فراج بصدمة ثم صعد الدرج بخطوات مسرعة لكي يلحق بها.
ركلت ازهار باب غرفة كارمن بقدميها وهجمت عليها بعدوانية. لم تفهم كارمن ماذا حدث لكنها حاولت التصدي لهجوم ازهار المفاجئ وهي تسألها بصدمة:
- في ايه يا ازهار؟!
اجابتها ازهار بعنف وهي تحاول اقلاع شعرها بيدها:
- بقى انتي مش عارفه في ايه يا خطافة الرجالة.. بقى من كل الرجالة اللي في مصر دول ومش لاقيه غير جوزي وجايه تخطفيه مني وعايزة تتجوزيه!
صرخت كارمن وهي تحاول تخليص خصلات شعرها من بين يديها:
- جوزك مين اللي اتجوزه انتي اتجننتي!
دلف فراج الي داخل الغرفة وركض اليهما لكي يخلص كارمن من يدي ازهار، كانت كارمن تصرخ بين يديها وازهار تتمسك بخصلات شعر كارمن بقوة، وفراج يحاول فك قبضة ازهار القوية.
دلفت وداد الي داخل الغرفة وحاولت مساعدة فراج في ابعاد ازهار عن كارمن، تخلصت كارمن من يدي ازهار بصعوبه بعد أن انتزعت ازهار بعد خصلات شعر كارمن بيديها. وقفت كارمن تبكي وتتألم بعد اقتلاع بعض الخصلات من شعرها على يد ازهار. اقتربت منها وداد واخذتها بعيدا عن ابنتها، امسك فراج بزوجته وحاول حملها بعيدا عن كارمن حتى استطاع أخذها الي خارج الغرفة.
وقفت كارمن تبكي وجسدها يرتجف بخوف وتردد ببكاء:
- انا معملتلهاش حاجة.. ليه عملت فيا كده!
رمقتها وداد بقسوة واجابة عليها بحدة:
- كل ده ومعملتلهاش حاجة! عايزاها تعرف انك هتتجوزي جوزها وتسكت!
نظرت كارمن الي عمتها بصدمة:
- جوزها مين اللي اتجوزه!
حدقت بها وداد بفضول وبدأت تشعر ان الفتاة لا تعلم شئ! صمتت قليلاً ثم اجابتها بنبرة حادة:
- هو انتي مش جيتي من مصر عشان تتجوزي فراج وتخطفيه من مراته؟!
شهقت كارمن بصدمة وصرخت بصوت مرتفع:
- فراج مين اللي جيت اتجوزة! انا مستحيل اتجوز فراج او اي حد غيره.. انا جيت هنا غصب عني عشان ماما.
رمقتها وداد بغضب وتحدثت بنبرة ساخرة:
- ولما انتي جيتي عشان ماما! ليه مرجعتيش معاها!
انهارت كارمن في البكاء واجابتها بحزن:
- عشان هي مش عايزاني بعد ما خدت حقها وجدي رفض يديها حقي! ماما الفلوس عندها اهم مني ومن حياتي.
نظرت اليها وداد بصدمة، ارادت ان تربت عليها بعطف لكنها تراجعت بعد ان تذكرت انها ابنة صادق الذي تركها في الماضي وتزوج من أمرأة اخري، همست بنبرة ساخرة:
- فين صادق يجي يشوف اللي سبني واتجوزها! يجي يشوف بتعمل ايه في بنته.
نظرت الي كارمن بسخرية وتحدثت بقسوة:
- امك اتفقت مع جدك عبد الرازق علي جوازك وبعتك ليه بالرخيص.. مبروك عليكي جوازك من ابن اخويا.
وقفت كارمن تبكي بانهيار، تفكر بصدمة ماذا عليها ان تفعل الان؟..
نظرت اليها وداد بتفكير لبعض الوقت، ثم التفتت الي باب الغرفة واغلقته عليهما من الداخل حتى لا يستمع احد الي حديثها مع كارمن، اقتربت من كارمن وتحدثت اليها بهدوء:
- يعني انتي حقيقي متعرفيش ان جدك اتفق مع امك على جوازك من فراج وان الجواز هيكون كمان يومين؟!
نظرت اليها كارمن وهي تبكي بانهيار وتحدثت بصوت متقطع من شدة البكاء:
- انا معرفش اي حاجة.. ولو كنت اعرف حاجة زي دي كنت هربت من هنا ومقعدتش هنا لحظة واحدة.. انا مستحيل اتجوز اي حد غير رشيد.
نظرت اليها عمتها بصدمة وهتفت بفضول:
- ومين رشيد ده؟!
اجابتها كارمن وهي تبكي:
- رشيد كان جوزي، بس هو طلقني وانا مستحيل اتجوز غيره.
شهقت عمتها بصدمة قائلة:
- هو انتي كنتي متجوزة كمان!
أومأت برأسها وهي تبكي، ثم رفعت وجهها وتحدثت اليها برجاء:
- ارجوكي ساعديني عشان امشي من هنا.. انا مستحيل اتجوز اي حد.. لو ده حصل انا هموت نفسي ارحم.
نظرت اليها بتفكير ثم تحدثت اليها بصوت منخفض:
- يعني انتي فعلا مش عايزة تتجوزي فراج؟
اجابتها كارمن بصدق واصرار:
- اه والله العظيم انا مش عايزة ومستحيل اتجوزه.
أومأت عمتها برأسها وتحدثت اليها بهدوء:
- انا ممكن اساعدك تهربي من هنا والجوازة دي متحصلش.. بس بشرط.
أومأت كارمن برأسها وتحدثت بلهفة:
- موافقه علي اي شرط.
تحدثت وداد بتأكيد:
- مش لما تعرفي ايه هو الشرط الاول!
اجابتها كارمن بتأكيد:
- انا موافقه اعمل اي حاجة بس امشي من هنا.
ابتسمت وداد بداخلها وتحدثت اليها بمكر:
- حتى لو قولتلك ان الشرط بتاعي عشان اساعدك، انك تتنازلي ليا عن الارض بتاعك وتبقى بأسمي.
تحدثت كارمن بثقة دون تردد:
- انا اصلا مش عايزة ارض وموافقه على الشرط بتاعك ومستعدة امضي على التنازل دلوقتي حالا بس ارجوكي ساعديني.
ابتسمت وداد بثقة، هكذا تشعر ان حقها وكرامتها ردت اليها بعد رفض صادق لها بالماضي، الان ستأخذ ارضه رد حق بعد ما فعله بها. أومأت برأسها بالايجاب وتحدثت بتأكيد:
- يبقى اتفقنا.. بس المهم دلوقتي انك متبينيش لاي حد انك رافضه الجواز من فراج، عشان لو جدك عرف يبقى هيشدد الحراسه على الدوار عشان متعرفيش تخرجي منه.
نظرت اليها كارمن بقلق:
- يعني ايه الكلام ده! يعني هقول اني موافقه؟!
ابتسمت وداد بنبرة ساخرة واجابتها:
- محدش هياخد رأيك عشان تقولي انك موافقه ولا رافضه.. خلاص جدك قرر جوازك من فراج وحدد كتب الكتاب والفرح هيكونوا اخر الاسبوع ده.. يوم الخميس اللي بعد يومين.
شهقت كارمن بصدمة وتحدثت بصراخ:
- انا مستحيل اوافق على المهزله دي! ازاي جدي يقرر ويحدد مصيري من غير ما ياخد رأيي! انا مستحيل هوافق على الجوازة دي.
تحدثت وداد بصوت منخفض:
- اهدي يا بنت صادق واسمعيني.. العناد مش هيفيد مع جدك، هتلاقي نفسك متجوزة فراج ومقفول عليكم باب واحد وغصب عنك مش بمزاجك.
نظرت اليها كارمن بصدمة، اضافة وداد بثقة:
- الحل الوحيد انك تسمعي كلامي.. في اليومين دول لازم تبيني انك راضيه وموافقه.. وليلة الفرح الدار بتبقى زحمه وكل اهل البلد داخلين طالعين وساعتها هقدر اهربك من الدار وانتي وشطارتك بقى تبعدي عن البلد على قد ما تقدري.
استمعت كارمن الي خطتها باهتمام، قلبها كان يخفق بخوف، ليس لديها حل اخر غير ان تثق بعمتها. صوت وداد اخرجها من شرودها وهي تضيف بتأكيد:
- وفي اليومين دول هكون انا روحت للمحامي وخليته يجهز ورق التنازل عن الارض.. عشان تمضي عليه قبل ما اهربك.
أومأت كارمن برأسها بالايجاب وهي تفكر بداخلها؛ اين ستذهب بعد هروبها من هذا المنزل؟!.
*****
مساء اليوم التالي.
بأحدى الحفلات الخاصة والتي تقيمها احدي الجمعيات الخيرية بقيادة عددً من سيدات المجتمع الراقي.
دخلت سهير الحفل بكل ثقة وهي ترتدي ثوب جديد من افخم الماركات، ارادت العودة الي حياتها الطبيعيه بعد حصولها على النقود مقابل حقها في ارض زوجها وترك ابنتها. كانوا جميعا يلتفتون وينظرون اليها بدهشة، بعد غيابها الطويل عن حضور مثل هذه الحفلات وعدم ظهورها بهذا الوسط. كانت تسير بثقة وهي تستمع الي همسات الجميع وهم يتطلعون اليها بدهشة ويتساءلون؛ اين اختفت كل هذه الاعوام!
اقتربت من بعض السيدات وانضمت الي الطاوله التي تجمعهم وتحدثت اليهم بثقة:
- وحشتوني اوي.. مقدرتش اعرف ان في حفلة خيرية زي دي ومحضرهاش.
نظروا اليها جميعا بدهشة وسألتها احدي السيدات:
- انتي كنتي فين يا سهير كل الفترة دي؟!
اجابتها بثقة:
- كنت مسافرة باريس.. متعرفوش الحياة هناك ممتعه قد ايه، لدرجة اني كنت بفكر مرجعش مصر تاني.
ابتسمت احدي السيدات بنبرة ساخرة:
- بس احنا كنا سمعنا ان جوزك الاخير نصب عليكي واخد كل فلوسك وسابك فقيرة ومعندكيش اي فلوس.. ازاي قدرتي تسافري باريس!
كتمت سهير غيظها واجابة عليها ببرود:
- معرفش مين اللي طلع الاشاعة دي! انتوا عارفين ان اللي بيغيروا مني كتير واكيد واحدة فاضيه طلعت الاشاعة دي عشان ترضي غيرتها!
تبادلت النظرات بين السيدات، وقفت سهير ترفع رأسها بتكبر غير مباليه بنظراتهم وهمساتهم التي تلاحقها.
بإحدى الطاولات القريبة من الطاولة التي تجلس عليها سهير سالم. كانت سما صديقة كارمن تجلس بجوار والدتها، شهقت بحماس عندما رآت والدة صديقتها كارمن، وقفت من مكانها وذهبت اليها لكي تسلم عليها وتسألها عن كارمن.
كانت سهير تجلس بغرور وغير مباليه بأحد، تحاول استرجاع كبرياءها وغرورها امام الجميع. اقتربت منها سما وهي تتحدث بسعادة لرؤيتها بالحفل:
- طنط سهير!
نظرت اليها سهير بتكبر وتحدثت ببرود:
- اهلا يا سما.. انتي موجودة هنا!
اجابة سما بحماس:
- اه يا طنط جيت مع ماما.. هي كارمن فين؟ هي مجتش مع حضرتك؟!
استرخت سهير فوق مقعدها واجابة على سؤال سما بصوت مرتفع وفخر لكي ينتبه اليها الجميع:
- كارمن اتجوزت رجل اعمال غني جدا وعايشه معاه في اوروبا.
- كارمن اتجوزت رجل اعمال غني جدا وعايشه معاه في اوروبا.
انتبه الجميع لحديثها، حتى نظرت اليها إحدى الفتيات بالحفل بستغراب بعد ان استمعت الي اسم كارمن، كانت تجلس بجوار والدتها بالطاولة المجاورة لطاولة سهير، نظرت الفتاة الي والدتها وهمست اليها بفضول وهي تشير اتجاه سهير قبل ان تعرف من هي:
- ماما انتي تعرفي الست دي؟!
نظرت والدتها الي سهير بشمئزاز واجابة علي ابنتها بهمس:
- دي سهير سالم.. ست مغروره وشايفه نفسها وتقريبا بتتجوز في السنه اربع او خمس مرات!
شهقت ابنتها بصدمة وتحدثت بزهول:
- يعني دي تبقي مامت كارمن بجد زي ما توقعت!
نظرت اليها والدتها بستغراب:
- وانتي تعرفيها منين يا "نهى" هي او بنتها؟!
اجابة على والدتها:
- كارمن بنتها تبقى مرات رشيد صاحب خالد يا ماما.
#الفصل_الثامن_عشر
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
Part 18
- كارمن بنتها تبقى مرات رشيد صاحب خالد يا ماما.
عقدت والدتها ما بين حجابيها بدهشة قائلة:
- رشيد صاحب خالد جوزك؟!
أومأت نهى برأسها بتآكيد:
- اه يا ماما هي.. انا وخالد زورناهم في شقتهم اول لما اتجوزوا.
نظرت والدتها الي سهير بشمئزاز وهمست:
- ازاي اللوا نور الدين الجبالي يسمح ان حفيده يتجوز بنت سهير سالم!
*****
صباح اليوم التالي.
بداخل منزل الهوارى.
بدأ الجميع بداخل المنزل يستعدون لحفل زفاف فراج علي ابنة عمه صادق والذي سيقام بمساء الغد.
التزمت ازهار المكوث بداخل غرفتها ممتنعه عن تناول الطعام وعن المشاركة بأي شئ.
التزمت كارمن هي الأخرى غرفتها بعد ان منع الجد خروجها من المنزل، لا تصدق ان جدها قرر زواجها من حفيده المتزوج دون الاستماع لموافقتها، صدمتها بما فعلته بها والدتها حطمت قلبها، جعلتها تنتظر ما سيحدث بجسد خالي من الروح.
كان فراج يستعد للزواج وكأنه يتزوج للمرة الأولى، كان سعيد بالزواج من الفتاة التي اسرت قلبه من النظرة الأولى بجمالها. كان يحلم بامتلاكها في كل لحظة، وينتظر عقد القران بفارغ الصبر، متجاهلاً تحطم قلب زوجته ازهار وحزنها الشديد بسبب زواجه عليها.
اتفقت وداد مع محامي العائلة ان يعد لها اوراق التنازل في سريه تامه ولا يخبر والدها بشئ، واخذتها منه لكي توقع كارمن علي الاوراق وتساعدها على الهرب من العرس وهكذا تعود لها ارض صادق التي تركها بالماضي وتخلص ابنتها ازهار من زواج فراج عليها.
*****
بشقة الرائد خالد صديق رشيد.
وقف خالد ينتهي من ارتداء ثيابه لكي يذهب الي عمله، استيقظت نهى زوجته وتحدثت اليه بصوت ناعس:
- صباح الخير يا حبيبي.
التفت اليها بابتسامة:
- صباح الفل يا حبيبتي.
جلست فوق الفراش وهي تداعب شعرها بنعاس، ابتسم خالد وتحدث بنبرة مارحة:
- اتبسطي في حفلة امبارح؟
اجابته نهى بملل:
- الحفلة كانت ممله جدا.
ضحك خالد بمرح:
- دا الطبيعي بتاع الحفلات دي.
صمتت نهى قليلاً ثم استرسل لها عقلها ما حدث بالحفل أمس:
- عارف شوفت مين في الحفلة امبارح!
تحدث خالد دون اهتمام:
- مين؟
تحدثت نهى بحماس:
- مامت كارمن مرات رشيد.
التفت اليها خالد بصدمة قائلا:
- مامت كارمن مرات رشيد انتي متأكدة؟!
اجابته بثقة:
- اه طبعا متأكده.. انا مشوفتهاش قبل كده، بس متأكدة انها هي.. مش مامت كارمن اسمها سهير سالم؟
اجابها خالد باهتمام:
- اه هي!.. طب وكارمن.. شوفتي كارمن معاها؟!
تحدثت نهي بدهشة من رد فعل زوجها الغريب:
- لا كارمن مكانتش موجودة! بس سمعت مامتها قالت حاجة غريبة كده في الحفله! مش متأكدة من اللي انا سمعته ده هو صح ولا ايه!
تحدث خالد بنفاذ صبر:
- سمعتي ايه يا نهى، قولي على طول!
تحدثت نهي بتردد:
- متهيألي اني سمعتها بتقول ان كارمن اتجوزت وسافرت مع جوزها!
حدق بها خالد بصدمة وذهول، اضافة نهى بحيرة:
- مش عارفه اللي انا سمعته ده صح ولا انا سمعت غلط..
لم يستوعب خالد ما قالته زوجته، همس بصدمة:
- دا لو طلع صح هتبقى مصيبه!
نظرت اليه نهى بدهشة:
- ممكن اكون سمعت غلط! مش معقول يعني كارمن هتتجوز ازاي يا خالد وهي لسه مرات رشيد؟!
لم يجيب عليها خالد، كان شاردًا بافكار كثيرة، عقله رافض الاستعاب حتى الان؛ ماذا سيحدث لو تزوجت كارمن حقًا من رجل اخر! ماذا سيفعل رشيد؟!
استغربت نهى شروده وصمته وتحدثت اليه بقلق:
- في ايه يا خالد قلقتني! هو رشيد طلق كارمن؟!
اجابها خالد بصدمة:
- لا مطلقهاش.. بس هي فاكرة انه طلقها.
شهقت نهي وكتمت فمها بيديها، نظر اليها خالد وتحدث بصدمة:
- هتبقى كارثة لو كارمن اتجوزت فعلا.
تحدثت نهى بصدمة:
- وهنعمل ايه دلوقتي يا خالد.. انا مش متأكده من اللي انا سمعته ده صح ولا غلط! يمكن اكون سمعتها غلط لاني مكنتش مركزة في كلامها غير لما سمعت اسم كارمن.
وضع خالد يديه فوق رأسه بتفكير عميق ثم اردف بتردد:
- مش قادر افكر.. مش عارف اعمل ايه.. اقول لـ رشيد ولا نستنا لحد ما نتأكد؟!
فكرت نهى معه بحيرة وتحدثت بقلق:
- انا بقول اننا لازم نتأكد الأول.
نظر اليها خالد باهتمام قائلا:
- وهنتأكد ازاي؟!
فكرت قليلاً ثم اجابته:
- نروح لمامت كارمن ونسألها.
تحدث خالد:
- واحنا هنعرف عنوانها ازاي وهي اصلا غيرت عنوانها وانا ورشيد دورنا عليها ومقدرناش نعرف مكانها!
اجابة نهى بثقة:
- موضوع عنوانها ده سهل جدا نوصله.. انا هكلم ماما تسأل صحباتها اللي ليهم علاقة قوية بـ سهير سالم وقريبين منها واكيد هي قالتلهم على عنوانها او حتى رقم تليفونها ونقدر بالطريقه دي نوصلها.
ابتسم خالد وتحدث الي زوجته بنبرة مرحة:
- مطلعتيش قليلة يا نهى!
ضحكت برقه واجابت عليه بثقة:
- مراتك يا سيادة الرائد.
ابتسم خالد وهو يتأملها بحب، اهتز هاتفه واعلن عن اتصال، نظر الي الهاتف بصدمة وتحدث اليها بقلق:
- ده رشيد اللي بيتصل.
نظرت اليه بقلق، حدق بالهاتف وضغط على زر الرد، ليقابله صوت رشيد يتحدث اليه:
- خالد انا لقيت سهير مامت كارمن وعرفت عنوانها.
حدق خالد بزوجته وهو يستمع الي حديث رشيد، ثم تحدث بتوتر:
- لقيتها وعرفت عنوانها ازاي؟!
اجاب رشيد وهو يقود سيارته في طريقه الي منزل سهير الجديد:
- كانت سهرانه في حفلة امبارح وناس اعرفهم شافوها وقدرت اعرف عنوانها الجديد.
تحدث خالد بفضول:
- وكارمن معاها؟!
اجاب رشيد بثقة:
- اكيد يعني يا خالد كارمن معاها في نفس البيت.. عموما انا لسه عارف عنوانها حالا وانا دلوقتي في طريقي لبيتها الجديد.
تحدث خالد بقلق:
- بلاش تروح لوحدك يا رشيد.. ابعتلي العنوان وانا هجيلك على هناك.
رفض رشيد بشدة:
- متقلقش يا خالد انا هتكلم معاهم بهدوء.
اصر خالد بقوة:
- لو سمحت يا رشيد ابعتلي العنوان.
استغرب رشيد من اصراره وتحدث بدهشة:
- تمام يا خالد انا هبعتلك العنوان دلوقتي.
اغلق خالد الهاتف وتحدث الي زوجته سريعا:
- انا لازم انزل بسرعه اروح لـ رشيد على بيت مامت كارمن.. ربنا يستر واللي انتي سمعتيه ده ميكونش حقيقي.
أومأت زوجته بالايجاب وتحدثت بقلق:
- ان شاء الله يا حبيبي ميطلعش حقيقي.. متنساش تطمني.
أومأ برأسه وهو يخرج من المنزل مسرعًا.
****
بمنزل الهوارى.
كارمن بداخل غرفتها تبكي بخوف، كلما نظرت الي الخارج عبر النافذه، شهقت بصدمة وهي ترى الكثير من الرجال يقومون بحراسة المنزل.
طرقت وداد على باب الغرفة ودلفت وهي تحمل بيديها ثوب الزفاف. شهقت كارمن بصدمة عندما رآت ثوب الزفاف بيد عمتها. اغلقت وداد باب الغرفة وتقدمت من كارمن وهي تبتسم وتحدثت اليها بهدوء:
- فستانك اللي هتلبسيه في فرحك بكره يا عروسة؟
حدقت بها كارمن بصدمة قائلة:
- فرحي ايه؟! مش حضرتك اتفقتي معايا تهربيني من هنا؟
ابتسمت وداد بثقة واجابة عليها:
- انا قولت يمكن غيرتي رأيك ولا حاجة؟
تحدثت كارمن بقلق:
- لا طبعا انا مغيرتش رآيي! انا مستغربه انهم فعلا بيجهزوا لفرح من غير ما ياخدوا رأيي.. ومستنياكي من الصبح ومش قادرة اخرج من هنا.
شردت وداد في الماضي وتذكرت عندما زوجها والدها من رجل يكبرها بسنوات كثيرة بنفس الطريقه دون ان يأخذ رآيها. كانت تقف بداخل غرفتها لا تصدق ان هذا الاحتفال من اجلها، همست بحزن وهي تجيب عليها:
- من كام سنه عملوا معايا نفس اللي عايزين يعملوه معاكي.. جوزوني لراجل كبير من غير ما ياخدوا رآيي.. وابوكي كان السبب في كل ده.
شهقت كارمن بصدمة:
- بابا!!
اجابتها وداد وهي تتذكر الماضي بقلب تحطم منذ سنوات علي يد من احبه:
- ابوكي رفض يتجوزني وساب البلد كلها يوم فرحنا.. كانت فضيحه كبيرة لما عريس يسيب عروسته يوم فرحها..
حدقت بها كارمن بصدمة، تابعت وداد حديثها بحزن:
- يومها اتنازل عن ارضه لابويا ومحدش فيهم اهتم بالصدمة اللي كنت فيها، ابويا جوزني لراجل اكبر مني بـ ٣٠ سنه.. ومات بعد ما خلفت ازهار بنتي بسنه واحدة وبقيت ارملة وانا لسه بنت ٢٠ سنه.
ادمعت اعين كارمن وهي تستمع الي قصتها الحزينه، نظرت اليها وداد بقوة واضافة باصرار:
- الارض اللي انتي وامك جيتوا تاخدوها دي! هي الارض اللي اتنازل عنها ابوكي عشان ميتجوزنيش.. انا دفعت تمن الارض دي من عمري وحياتي.. الارض دي مش من حق اي حد غيري.
بكت كارمن من اجلها وتحدثت بصوت مبحوح من شدة البكاء:
- انا مش عايزة ارض صدقيني ومستعدة اتنازلك عن اي حق ليا فيها دلوقتي حالا.. بس ارجوكي..
انهارت كارمن وهي تضيف:
- ارجوكي ساعديني.. انا مش عايزة اعيش اللي انتي عيشتيه.
نظرت اليها وداد بقسوة وهتفت بقوة:
- صدقيني يا بنت صادق لو بإيدي كنت دوقتك المر اللي ابوكي دوقهولي وعيشتك نفس اللي عيشته واكتر.. بس حظك ان ابويا ملقاش حد يجوزك ليه غير فراج جوز بنتي! يعني لو الجوازة دي تمت.. هكسر قلب بنتي قبل ما اكسرك.
شحب وجه كارمن بخوف وارتجف جسدها وهتفت بتلعثم:
- يعني حضرتك هتساعديني اهرب من هنا؟!
نظرت اليها وداد بتفكير ثم اخرجت اوارق التنازل من ثيابها واشارة لها قائلة:
- خدي امضي على التنازل.
اخذت كارمن الاوراق بيد ترتجف ووقعت عليهم بسرعه ودموعها تتساقط فوق الورق من الخوف ان لا تساعدها عمتها. اعطتها الورق بيد ترتجف وتحدثت بخوف:
- ارجوكي ساعديني.
القت وداد ثوب الزفاف فوق الفراش واشارة برأسها اتجاه ثوب الزفاف:
- هتلاقي في قلب الفستان ده عباية سوده.. تلبسيها وتحطي الطرحه السوده على شعرك وعلى وشك ومتخليش حاجة تبان منك..
اخذت كارمن ثوب الزفاف وبحثت بداخله واخذت الثياب الاسود منه وامسكت بيدها وهي ترتجف من شدة التوتر وتحدثت بخوف:
- البسهم دلوقتي؟
تحدثت وداد بقوة:
- مش دلوقتي.. لما الليل ينزل ستايره.. هنحاول نشغل فراج وابويا والرجاله اللي بيحرسوا الدوار واهربك.
تحدثت كارمن بخوف:
- ولما اخرج من هنا هروح فين؟!
هتفت وداد بغضب:
- تطلعي علي الطريق يا بنت صادق وتهربي في اي عربية زي ما عمل ابوكي زمان.
خفضت كارمن وجهها بخوف وتحدثت بصوت منخفض:
- يعني مش ممكن حد يشوفني؟
رمقتها وداد بغضب واجابة بنبرة حادة:
- الليل ستار ومحدش هيشوفك ولو طلعتي من نحيت الاراضي الزراعية ومنها على الطريق على طول مفيش حد هيحس بيكي.. ومش عايزة اشوف وشك او وش امك بعد ما تغوري من هنا.
بكت كارمن وهي تخفض وجهها، تشعر انها لم تستطيع مواجهة كل ما تمر به بمفردها، تنادي رشيد من قلبها ان يأتي اليها ويأخذها ويخلصها من كل هذا الخوف الذي تشعر به. بكت وهي تتساءل بداخلها؛ كيف ستذهب في الليل وهي تخشى الظلام! اين ستذهب ولمن ستذهب! من المؤكد انها لن تذهب الي والدتها مرة أخرى ولا يمكنها الذهاب الي رشيد بعد ما فعلته به! اغمضت عيناها وهي تبكي وتشعر بالضيق، قلبها كان يبكي وجسدها يرتجف خوفًا من القادم، همست تنادي الله بقلبها: يارب ساعدني.
*****
توقف رشيد بسيارته امام واحد من الابراج الهائلة الذي يضم عددً كبير من اصحاب الطبقة المخملية، بداخل حي سكني للأثرياء.
لحق به خالد وتوقف بسيارته بجوار سيارة رشيد، خرج رشيد من سيارته وخرج خالد هو الاخر واقترب من رشيد وتحدث اليه:
- هو ده العنوان انت متأكد؟
اجابه رشيد بثقة وهو ينظر الي البرج السكني:
- هو.
نظر اليه خالد بقلق:
- رشيد اهم حاجة قبل ما ندخل انك تحاول تمسك اعصابك على قد ما تقدر.
نظر اليه رشيد بدهشة قائلا:
- انا مش عايز اعرف منها غير الحقيقه بس يا خالد!
أومأ خالد برأسه بالايجاب وتقدم معه الي داخل البرج السكني وهو يدعوا من قلبه ان يجدوا كارمن بالأعلى وما استمعت اليه نهى يكون خاطئ.
توقف المصعد بالطابق الحادي عشر. خرج منه رشيد وخالد واقترب رشيد من شقتها وهو يشعر بالتوتر الشديد. توقفا امام باب الشقة واخذ رشيد نفسً عميق قبل ان يضغط علي زر الجرس.
انتظر هو وخالد امام الباب بضع دقائق حتى فتحت لهما الخادمة. نظر اليها رشيد بدهشة وتحدث بهدوء:
- مدام كارمن موجودة؟
نظرت اليه الخادمة بستغراب قائلة:
- لا يا فندم مفيش حد هنا بالاسم ده!
نظر اليها رشيد بصدمة ثم نظر الي خالد، توتر خالد وتحدث الي الخادمة:
- ده بيت مدام سهير سالم؟
اجابته الخادمة بالايجاب:
- اه يا فندم هو.
حدق بها رشيد بصدمة قائلا:
- هي فين مدام سهير؟!
اجابة بهدوء:
- هي لسه نايمه.. اقولها مين حضرتك؟!
تحدث رشيد بعصبيه:
- قوليلها رشيد جوز بنتك.
نظرت اليه الخادمة بستغراب ورحبت به باحترام. توتر خالد وهو يشعر ان ما استمعت اليه زوجته ربما يكون صحيح! امسك بيد رشيد وهمس اليه بهدوء:
- حاول تهدا شويه يا رشيد.
رحبت بهما الخادمة وسمحت لهما بالدخول حتى تخبر سهير.
دخل رشيد وهو ينظر الي المنزل وتحدث الي خالد بستغراب:
- جابت فلوس لكل ده منين وهما المفروض خسروا كل فلوسهم من زمان!
توتر خالد وتحدث اليه بقلق:
- هنعرف كل حاجة دلوقتي.
تحدث رشيد بستغراب:
- انا مستغرب ازاي اللي بتشتغل عندهم متعرفش كارمن! معقول كارمن تكون مش عايشه مع مامتها هنا؟!
نظر اليه خالد بتوتر وهمس بداخله:
- ربنا يستر!
طال انتظارهما لها اكثر من نصف ساعه، بدأ رشيد يفقد السيطرة على اعصابه وتحدث الي خالد بعصبيه:
- معقول اللي هما بيعملوه ده!
حاول خالد تهدأته حتى اتت سهير وهي تسير بتكبر ونظرت الي رشيد ببرود:
- مفيش مرة تستأذن قبل ما تزورني في بيتي!
وقف رشيد وتحدث بغضب:
- انا مش جاي ازورك! انا جاي اقابل كارمن.
جلست بتكبر واسترخاء. اتت اليها الخادمة وهي تحمل فنجان واحد من القهوة وقدمته لها باحترام، اخذت سهير فنجان القهوة وتناولت اول رشفه بتلذذ ثم تحدثت ببرود:
- وكارمن مش موجودة هنا.
نجحت في استفزازه كما تفعل كلما التقت به، استغرب خالد من قدرتها الكبيرة على الاستفزاز وحاول تهدأت صديقه، هتف رشيد بصوت غاضب:
- وهي فين دلوقتي؟!
ارتشفت من القهوة مرة أخرى ببرود واجابته وهي تنظر الي فنجان القهوة:
- في بيت جوزها.
انتفض من مكانه بصدمة وصدح صوته عاليا:
- في بيت ميــــن؟!
وقف خالد بجواره وحاول تهدأته لكنه فشل عندما اقترب رشيد من سهير واخذ فنجان القهوة من يديها والقاه ارضً حتى صدح صوت تحطم الفنجان بقوة، تحدث اليها رشيد بصراخ:
- جوز مين انتي اتجننتي!
انتفضت سهير من مكانها وتحدثت اليه بغضب:
- انت اللي اتجننت! انت بتتهجم عليا في بيتي دا انا هوديك في داهية!
ارتفع صوته اكثر بجنون:
- دا انا اللي هوديكي في داهية انتي وبنتك واللي اتجوزته.. ازاي تتجوز وهي مراتي ولسه على ذمتي!
حاول خالد الوقوف بينه وبين سهير حتى لا يفقد رشيد اعصابه اكثر ويفعل بها شئ يندم عليه. حدقت به سهير بصدمة وتحدثت بذهول:
- مراتك ازاي مش انت طلقتها؟!
اجابها بصراخ:
- انا مطلقتهاش.. انتوا شوفتوا ورقة طلاق عشان تقولوا طلقتها! ازاي اصلا تتجوز وهي معهاش ورقة طلاق؟!
وقفت سهير تهمس الي نفسها بصدمة:
- ازاي مطلقتهاش!
ثم ارتفع صوتها وتحدثت اليه بذهول:
- ازاي مطلقتهاش وجدك جالنا وقالنا انك طلقتها؟!
#الفصل_التاسع_عشر
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
Part 19
- ازاي مطلقتهاش وجدك جالنا وقالنا انك طلقتها؟!
توقف قليلاً يحاول استيعاب ما قالته الان، ردد حديثها بصدمة:
- جدي!!
اجابت بثقة:
- اه جدك جه وقالنا انك طلقت كارمن وانت في السجن وهو اللي طلب مننا نسيب البيت قبل ما انت تخرج وقال لكارمن انك مصمم تقتلها بعد اللي هي عملته.
وقف يستمع الي حديثها بصدمة، لم تقل صدمة خالد عن صدمة رشيد! وقف الاثنان يتبادلون النظر بذهول لما يستمعون اليه. صدمة رشيد الكبيرة كانت بزواج كارمن من غيره، شعر بألم بقلبه لم يشعر به من قبل، شحب وجهه مثل الموتى عندما استرسل له عقله حقيقة ان رجل غيره تزوج من زوجته!
شعر خالد بالقلق عليه وتحدث اليه بقلق:
- رشيد انت كويس؟!
لم يستطيع الرد عليه من قسوة اللحظة التي يعيشها الان، كل شئ يهون ويمكنه تحمله الا ان تكون كارمن لغيره. تفهم خالد ما يمر به صديقه وتحدث الي سهير:
- لازم نعرف ازاي كارمن اتجوزت من غير ورقة اثبات طلاقها ومين اللي اتجوزته وهما فين دلوقتي؟
اجابته سهير بتوتر وخوف من ان يكتشف الحاج عبد الرازق انها كذبت عليه عندما اخبرته ان ابنتها مطلقه:
- هما تقريبا لسه مكتبوش الكتاب.. احنا اتفقنا على الجواز بس.
عادة الروح لـ رشيد مرة اخري عقب استماعه لجملتها المتردده، حدق بها بصدمة وتحدث بلهفة:
- انا مش فاهم حاجة! يعني كارمن اتجوزت ولا لأ؟!
توترت سهير واجابت عليه بارتباك:
- مش عارفه.. جدها اتفق معايا على جوازها من فراج ابن عمها وانا رجعت القاهرة وسبتها هناك، وكانوا قالولي انهم هيبلغوني بميعاد الفرح عشان احضر معاها.. بس لحد النهارده مكلمونيش ولا اعرف حاجة عنهم.
تابع حديثها بصدمة وهتف بصراخ:
- جدها مين وفراج ابن عمها مين! انتي بتقولي ايه؟! انتي ازاي اصلا تسيبي بنتك لوحدها وسط ناس متعرفهمش.. كارمن فين.. مراتي فين انطقي؟!
حاول خالد تهدأته وتحدث الي سهير بغضب:
- يعني انتي متعرفيش كارمن اتجوزت ولا لأ؟!
اجابت سهير بتوتر:
- قولتلكم معرفش.
تحدث اليها رشيد بغضب وانفعال:
- انتي لو مقولتيش مراتي فين دلوقتي حالا، انا هسجنك انتي وبنتك؟
نظرت اليه بحيرة وتردد، صدح صوت خالد هو الاخر بغضب:
- قوليله مراته فين بدل ما يبلغ عنك انتي وبنتك وهتروحوا في ستين داهية.
تحدثت بارتباك:
- كارمن دلوقتي في بيت عم ابوها في قنا. اسمه الحاج عبد الرازق الهواري.
نظر اليها رشيد بغضب وتحدث معها باندفاع:
- لو بنتك اتجوزت اللي انتي قولتي عليه ده او لمس بس شعرها منها.. انا هقتلك انتي وهي صدقيني.
جف حلق سهير من الخوف، قسوة عيناه والشر الذي رآته بوجهه اخافها. تراجعت الي الخلف مبتعدة عنه بحذر.
اسرع رشيد في الخروج من منزلها بعد ان اخذ منها عنوان عم كارمن بالتفصيل. لحق به خالد وتحدث اليه بقلق:
- هتعمل ايه دلوقتي يا رشيد؟
اجاب رشيد باصرار وهو يركض الي سيارته:
- لازم اروح قنا حالا.
لحق به خالد وهو يلتقط انفاسه بصعوبة قائلا:
- انا هاجي معاك يا رشيد.. مش هينفع اسيبك تروح لوحدك وانت في الحالة دي.
توقف رشيد امام سيارته يلتقط انفاسه بتعب. ثم رفع وجهه ينظر الي السماء، اصبح الطقس ملبد بالغيوم ويبشر بتساقط الكثير من الامطار الرعدية هذه الليلة. نظر الي خالد وتحدث اليه بصدمة:
- كارمن ممكن تكون اتجوزت غيري فعلا؟!
لمح خالد لمعة عيناه بالحزن، يعلم كم يحب كارمن ويعشقها، ما فعله من اجلها لم يفعله احد من اجل حبيبته من قبل. حاول تهدأته واجاب عليه بتأكيد:
- اكيد لا يا رشيد.. مستحيل في مأذون يكتب الكتاب من غير قسيمة الطلاق عشان يتأكد انها مطلقه وخلصت العده.
أومأ رشيد برأسه وهو يطمئن نفسه بهذا الحديث وصعد مسرعا بداخل سيارته، وقف خالد ينظر إلى السماء ويتوقع تساقط الكثير من الامطار عليهما وهما في الطريق الي قنا، لم يكن الذهاب الي هناك بالسيارة في هذا الطقس السئ في صالحهما، لكنه لن ولم يترك صديقه بمفرده، صعد معه بداخل السيارة وتحدث اليه:
- مش هينفع نروح بالعربيه.. خلينا نروح محطة القطر.
*****
في المساء.
حالة من الطقس الملبد بالغيوم ورياح قوية تسود محافظة قنا. تساقط الامطار الرعدية بغزارة.
الساعة العاشرة مساءًا.
وقفت كارمن بجوار النافذه تشاهد تساقط الامطار الغزيرة، وجسدها يرتجف من شدة برودة الطقس وهي ترتدي الثوب الاسود الذي اعطته لها وداد ونجح الثياب في اخفاءها بالكامل اسفله. خفق قلبها بهلع عندما فتح الباب ودلفت عمتها وداد. وقفت تلتقط أنفاسها اسفل الوشاح الذي يخفيها بالكامل. اقتربت منها وداد وهي تنظر إليها بتقيم:
- حظك حلو.. الشتا غرق البلد والطريق هيبقى فاضي، وكده محدش هياخد باله منك وانتي خارجه من البلد.
أومأت كارمن برأسها بالايجاب وتحدثت بخوف:
- بس انا مش عارفة الطريق وخايفه معرفش اهرب.
رمقتها وداد بقسوة وأخذتها بجوار النافذه واشارة بيديها وهي تصف لها الطريق:
- انتي هتمشي وسط الاراضي اللي ورا الدار من هنا، والاراضي دي هتوصلك للطريق ومنه وقفي اي عربية وتركبيها وانتي ونصيبك.
ارتجف جسد كارمن من الخوف:
- همشي وسط الأرض والمطر في الضلمه دي لوحدي؟!
ابتسمت وداد ساخرة:
- لا.. انا بقول فراج يجي يوصلك عشان متخافيش!
نظرت اليها كارمن بحزن وقلة حيلة وأومأت برأسها بالايجاب، وضعت وداد الوشاح على وجهها وتأكدت انه يخفيها بالكامل ثم تحدثت اليها:
- لازم تهربي النهارده قبل كتب الكتاب بكره.
نظرت اليها كارمن بخوف وهي تفكر فيما ستواجهه من صعوبات بعد هروبها الان في هذا الطقس وهذا الظلام الذي تخافه كثيرًا. عليها مواجهة جميع الصعوبات في مقابل ان لا تتزوج من احد رغمًا عنها، هي خلقت فقط لـ رشيد ولا يمكن ان تكون لرجل غيره. اغمضت عيناها وهمست بداخلها تنادي الله من قلبها ان يكون معها ويخرجها من هذا الضيق الذي تشعر به.
فتحت عيناها ونظرت الي عمتها وداد وتحدثت بهدوء:
- انا جاهزة..بس هخرج من هنا ازاي؟!
نظرت اليها وداد بعمق واجابة عليها بثقة:
- استني هنا شويه ومتتحركيش من مكانك قبل ما اجي اخرجك من هنا بنفسي.
نظرت اليها كارمن بدهشة وأومأت برأسها بالايجاب. خرجت وداد من الغرفة واتجهت الي غرفة ابنتها ازهار. وقفت كارمن وجسدها يرتجف بخوف كلما نظرت عبر النافذة الي الظلام وتساقط الامطار الغزيرة بالخارج.
شهقت وداد بصدمة عندما دلفت الي غرفة ابنتها ورأتها تبكي بانهيار، ركضت الي ابنتها وتحدثت إليها بفزع:
- خبر ايه يا ازهار! عاملة في نفسك كده ليه يا بنتي؟!
نظرت اليها ازهار بعيونها الدامعه واجابتها ببكاء:
- جاي تسأليني خبر ايه وجوزي هيتجوز عليا!
تنهدت وداد براحة وتحدثت بهدوء:
- مش هيحصل يا بنت بطني متخافيش.
حدقت ازهار بوالدتها وتحدثت ببكاء:
- هو ايه اللي مش هيحصل! الفرح بكره خلاص!
ابتسمت والدتها وتحدثت بثقة:
- متخافيش يا قلب امك.. انا عمري ما احرق قلبك ابدا.
حدقت ازهار بوالدتها بدهشة، اضافة والدتها بثقة:
- صحيح الفرح بكره، بس مفيش فرح من غير عروسة!
هتفت ازهار بصدمة:
- يعني ايه يا امي من غير عروسه؟!
ابتسمت والدتها وجففت دموعها بحنان:
- العروسة هتهرب النهارده.
شهقت ازهار بصدمة:
- انتي بتقولي ايه يا أمي؟! هتهرب ازاي وامتى؟
تحدثت وداد وهي تأخذ يد ابنتها:
- متقلقيش يا ازهار انا رتبت كل حاجة.. والدور عليكي دلوقتي.
نظرت ازهار الي والدتها باهتمام وتحدثت بقلق:
- دور ايه اللي عليا يا أمي مش فاهمة؟!
وداد: تعملي نفسك تعبانه ومش قادرة من الوجع لحد ما فراج وجدك ياخدوكي المستشفى.
توترت ازهار وتحدثت بقلق:
- اعمل تعبانه ازاي بس يا أمي.. ما هما ممكن يجيبوا الدكتوره هنا ويعرفوا اني مش تعبانه ولا حاجة!
تحدثت وداد بثقة:
- دكتورة مين اللي هتخرج من بيتها في الشتا ده.. وبعدين انا هقولهم انك شربتي حاجة عشان تموتي نفسك.
شهقت ازهار وهي تنظر الي والدتها. رتبت والدتها على ظهرها وتحدثت بثقة:
- اعملي اللي بقولك عليه يا ازهار عشان اعرف اهرب بنت صادق.. لو النهار طلع والبت دي لسه هنا مش هنعرف نعمل حاجة وفراج هيتجوزها عليكي.
نظرت ازهار الي والدتها وهي تفكر بحيرة، عليها فعل اي شئ لكي تمنع هذا الزواج، أومأت برأسها وتحدثت بقلق:
- قوليلي اعمل ايه يا امي وانا هعمله.
أومأت والدتها بثقة واخبرتها ماذا تفعل.
بعد دقائق قليلة..
صرخة مدوية اهتز لها جدران المنزل وتسقط ازهار ارضً تتدعي الشعور بالالم ووداد والدتها تقف مندهشة من اتقان ابنتها التمثيل! جاء الدور علي وداد وركضت الي خارج الغرفة وهي تصرخ بصوت مرتفع حتى جاء اليها فراج يركض بفزع والحاج عبد الرازق خلفه وخفر المنزل تجمعوا بالداخل بقلق ينتظرون امر الحاج عبد الرازق.
صرخت وداد بطريقة دراميه متقنه وهي تتحدث الي ابن اخيها ووالدها:
- ازهار شربت سم وعايزة تموت نفسها بسببك يا فراج.. عشان ابويا يرتاح ويجوزك.. بنتي هتموت.. اه يا حرقت قلبي يا بنتي.
حدق فراج بعمته بصدمة ثم ركض الي غرفة زوجته، كانت ازهار تقع ارضً وتدعي الشعور بالالم بشدة وتصرخ عاليا. اقترب منها فراج بلهفة وحاول مساعدتها علي الوقوف لكنها كانت تصرخ بشدة ولا تعطيه فرصة لمساعدتها. دلف الحاج عبد الرازق الي غرفة ازهار وهو يتابع ما يحدث معها بحزن وقلق. لهفة فراج على ازهار وخوفه الواضح جعلها تبكي بانهيار وهو يحاول مساعدتها، استطاعت ببراعه اتقان التمثيل بدون ان تشعر وهمست اليه بصوت متقطع وهي تبكي وتصرخ بألم:
- انا بموت نفسي اهو عشان ترتاح يا فراج.. شربت سم عشان تتجوز برحتك وتفرح مع عروستك الجديدة.
حدق بها فراج بصدمة وهي بين يديه تتألم وتبكي، صدح صوت الحاج عبد الرزاق عاليًا:
- أحملها بسرعة يا فراج خلينا نوديها المستشفى العام يلحقوها.
نظر فراج إلى جده بصدمه وتوقف عقله عن الاستعاب وهو يرى ازهار تموت بين يديه. وقفت وداد امام باب الغرفة تصرخ بصوت مرتفع حتى تزيد من توترهم. صدح صوت الحاج عبد الرازق مرة أخرى :
- احمل مراتك بسرعة يا فراج خلينا ناخدها على المستشفى ونلحقها.
وقف فراج وحمل ازهار وهي تبكي بين يديه وتصرخ بألم، خرج بها من الغرفة بخطوات واسعه تشبه الركض، كانت تهمس له ببكاء تطالبه ان يتركها للموت، همساتها كانت تقطع نياط قلبه. لحق به جده كي يذهب معه الي المشفى، ركضت وداد خلفهما وهي تصرخ عاليًا ولم تتوقف عن الصراخ الذي يزيد من توترهم وقلقهم، اوقفها الحاج عبد الرازق قبل ان تخطو بقدميها خارج المنزل وتحدث اليها بصرامة:
- انتي مش هتيجي معانا يا وداد.. هتفضحينا في المستشفى بصراخك ده!
توقفت تنظر الي والدها وارتفع صراخها اكثر:
- وبنتي يا ابويا.. بنتي هتموت.
هتف بنبرة حادة قبل ان يتركها ويلحق بحفيدة الي السيارة:
- بنتك هنلحقها ومش هيحصلها حاجة.
تركها وتقدم من السياره اسفل الامطار الغزيرة التي تتساقط دون توقف، وضع فراج زوجته بالسيارة وصعد جده معهم وانطلق بالسيارة بأقصى سرعة، لحقت بهم سيارة أخرى بها عدد من خفر الحاج عبد الرازق من يعملون على حراسة الدوار.
وقفت وداد تهتف بصراخ ان يطمئنوها علي ابنتها. انتظرت قليلا حتى ابتعدت السيارت ثم عادت الي داخل الدوار وصعدت الي الاعلي بخطوات مسرعة.
كانت كارمن تقف امام النافذة بخوف بعد استماعها الي صراخ وداد وابنتها ولم تتمكن من الخروج من الغرفة كما أكدت عليها وداد.
فتحت وداد باب الغرفة وهي تلتقط انفاسها بصعوبه وتحدثت الي كارمن بصوت متقطع:
- همي معايا بسرعه خليني اهربك عشان تلحقي تبعدي عن البلد قبل ما يرجعوا.
اقتربت منها كارمن وهمست بخوف:
- هو ايه اللي حصل؟ انا سمعت صوت صريخ كتير بس خوفت اخرج من هنا؟!
هتفت بها وداد بصرامة:
- مش وقته يا بنت صادق! همي معايا بسرعة عشان اطلعك من باب الدوار اللي ورا.. مفيش خفر عليه.. كلهم راحوا ورا ابويا.
ارتجفت كارمن من الخوف وهي تنظر اليها بتردد، تخشى الظلام كثيرا مع هذا الطقس السئ، صوت الامطار الرعدية يسبب لها الهلع.
رمقتها وداد بغضبه وصدح صوتها المرتفع:
- همي يا بنت صادق خلصيني.
أومأت برأسها بالايجاب وذهبت معها وجسدها يرتجف من شدة الخوف والتوتر.
اخذتها وداد الي الباب الخلفي للدوار وقامت بفتحه لتقابلها الرياح القوية بالخارج وظلام دامس ليس له نهاية. شهقت كارمن بخوف وخفق قلبها بقوة:
- انا هخرج هنا ازاي.. انا خايفه اوي.
هتفت وداد بجمود وهي تشير للارض المقابله للباب الخلفي:
- هتمشي من الارض اللي قدامنا دي على طول.. في نهاية الارض هتلاقي الطريق العمومي ومنه هتلاقي اي عربية اركبي فيها تاخدك علي اي بلد بعيد عن هنا.
نظرت كارمن الي الظلام الدامس بخوف وهلع، لا تستطيع رؤية شئ في هذا الظلام. دفعتها وداد بقسوة الي خارج الدوار لكي تتحرك وتركض سريعًا قبل ان يعود فراج مع جده وازهار. شهقت كارمن اسفل المطر المتساقط فوقها بغزارة، تحدثت إليها وداد بغضب:
- اجري يا بنت صادق واهربي قبل ما يرجعوا.
وقفت تبكي بخوف، صرخت بها وداد بقسوة، ارتجف جسد كارمن وتحركت بخطوات مرتبكة والامطار تتساقط فوقها والظلام يحاط بها لا ترى شئ، حذرتها وداد بصوت حاد:
- لو رجعوا قبل ما تبعدي عن البلد، فراج هيلحقك وهيتجوزك غصب عنك ومش هتعرفي تهربي منه تاني.
اغمضت عيناها بخوف، عليها محاربة خوفها والهرب مسرعة من هذا الزواج. رأت رشيد بخيالها وهو يقترب منها ويأخذ يديها لكي تركض وتبتعد عن هنا. فتحت عيناها وركضت مسرعة وسط الاراضي الزراعيه اسفل الامطار التي تزداد في التساقط.
تنفست وداد براحة عندما ابتعدت كارمن وسط الظلام، اغلقت الباب وعادت الي الداخل وهي تهمس بقلق:
- ربنا يستر وتعرفي تهربي بعيد عن البلد يا بنت صادق قبل ما فراج يرجع ويعرف انك هربتي.
*****
الساعة الحادية عشر مساءًا.
وصل رشيد محافظة قنا مع صديقه خالد.
توقف القطار بداخل المحطة. ركض رشيد من القطار يبحث عن احد يسأله عن القرية التي يريد الذهاب اليها. لحق به خالد اسفل المطر وتحدث اليه بصوت متقطع من شدة برودة الطقس:
- اهدي يا رشيد وخلينا نقعد في اي مكان لحد ما المطر ده يقف شويه.
نظر رشيد الي السماء وتحدث باصرار:
- المطر مش هيقف يا خالد..
ثم اضاف وهو يركض ليبحث عن وسيلة موصلات الي القرية التي توجد بها كارمن:
- قلبي هو اللي هيقف لو معرفتش ايه اللي حصل مع مراتي.
ركض خالد خلفه والامطار تتساقط فوقهما. توقف رشيد امام سيارة اجرة وتحدث الي السائق برجاء:
- لو سمحت انا عايز اروح العنوان ده حالا.
اعطاه عنوان القرية، نظر السائق الي العنوان وتحدث بقلق:
- بس مش هينفع نروح البلد دي في الجو ده يا استاذ! الاحسن لو تخليكم للصبح عشان مفيش حد هيرضى يوصلكم في الشتا ده!
زفر رشيد بغضب وتحدث باصرار:
- انا هديك اي مبلغ تطلبه بس لازم اروح البلد دي حالا.
حاول خالد تهدأته قليلاً، صرخ به رشيد وتحدث الي السائق بقوة وهو يعطيه الكثير من النقود:
- خد الفلوس دي كلها ووصلني هناك في اسرع وقت ممكن.
حدق السائق بالنقود بشغف واردف بثقة:
- تحت امرك يا استاذ.. اتفضلوا اركبوا وانا هوصلكم.
صعد رشيد الي داخل السيارة ومعه خالد. تحرك السائق بسيارته بحماس وهو يفكر بسعادة كيف ستكون ردت فعل زوجته من سعادة عندما يعود اليها ومعه هذا المبلغ الكبير من المال الذي حصل عليه اليوم.
*****
ركضت وسط الحقول المظلمة وحبات المطر تتساقط فوقها بغزارة وجسدها يرتجف من البرد والخوف، ظلت تركض حتى كادت ان تتوقف انفاسها من الركض، نظرت حولها وهي تبكي، لم تجد نهاية لهذا الطريق المظلم، تخشي ان يأتي الصباح وهي مازالت بنفس الطريق بلا نهاية، الظلام يخيفها وصوت الأمطار الرعديه تزيد من الهلع بداخلها. تجمدت قدميها من الخوف، بكت وهي تضغط على قدميها بقوة وتبكي وتدعي ان لا يحدث معها ما حدث بالماضي عندما تعرضت لمثل هذا الخوف والهلع عندما تم اختطاف الباص وهي بداخله. فقدت الشعور بقدميها تماما حتى سقطت على الارض الطينيه المختلطه بمياه الامطار.. ضربت على قدميها بقسوة وهي تبكي وتهمس بخوف:
- لا.. بلاش ده يحصلي دلوقتي.. انا لازم ابعد عن هنا.
انهارت وهي تبكي بخوف وجسدها يرتجف من شدة البرودة والخوف، الظلام مع الامطار الرعدية وسط الحقول بمفردها، المشهد كان مرعبً لها، ليزداد الهلع بداخلها عندما استمعت صوت...... 😮
#الفصل_20
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
انهارت وهي تبكي بخوف وجسدها يرتجف من شدة البرودة والخوف، الظلام مع الامطار الرعدية وسط الحقول بمفردها، المشهد كان مرعبً لها، ليزداد الهلع بداخلها عندما استمعت صوت نباح الكلاب يقترب منها، هنا لم تعد تتحمل كل ما تمر به وفقدت الوعي هاربة من كل هذا الهلع.
*****
بداخل المشفى العام بمحافظة قنا.
وقف فراج امام غرفة استقبال الحالات الطارئة بجوار جده ينتظر ان يخرج الطبيب ويخبرهم ماذا حدث مع ازهار!
زفر الحاج عبد الرزاق بغضب واردف بصرامة:
- انا مش عارف بس هي البت دي اتجننت ولا ايه! ربنا يستر.
نظر فراج الي جده وتحدث بغضب:
- بس نطمن عليها يا جدي وانا ليا حساب معاها.
ربت الجد على ظهره بحنان قائلا:
- براحة عليها يا فراج.. هي مهما عملت بنت عمتك وانت راجلها.
تحدث فراج بانفعال:
- انت شوفت هي عملت فينا ايه يا جدي! هي يعني فاكرة لما تعمل كده انا مش هتجوز عليها!
قطع حديثهما خروج الطبيب من غرفة الكشف يسألهما بدهشة:
- هي كلت ايه ولا شربت ايه عمل فيها كده؟!
اجاب عليه الحاج عبد الرازق بقلق:
- مش عارفين يا دكتور.. احنا لقينها بتصوت من الوجع وجبناها على هنا!
أومأ الطبيب برأسه بالايجاب قائلا:
- عموما احنا عملنالها غسيل معده وممكن نعملها تحاليل ونعرف هي شربت او اكلت ايه وتسبب لها في الالم ده!
تحدث الحاج عبد الرازق بتأكيد:
- ملوش لازمة يا دكتور.. المهم ان بنتنا بخير والحمد لله.
اجاب الطبيب بتأكيد:
- هي بخير الحمدلله ومعندهاش اي حاجة.. و تقدروا تاخدوها علي البيت دلوقتي.
أومأ فراج برأسه وشكر الحاج عبد الرازق الطبيب وذهب الطبيب الي عمله.
ربت الحاج عبد الرازق على كتف حفيده وتحدث اليه:
- كلم عمتك طمنها علي بنتها يا فراج.
أومأ فراج برأسه بالايجاب واخذ هاتفه ليتحدث الي عمته.
****
توقف السائق بسيارة الاجرة امام منزل الهوارى الكبير ثم تحدث الي رشيد:
- انا وصلتكم لحد بيت كبير عيلة الهوارى اهو يا استاذ زي ما طلبت.
نظر رشيد الي المنزل وترجل من السيارة مسرعًا، شكر خالد السائق ولحق برشيد الي المنزل، اوقفهما احد خفر الحاج عبد الرازق امام البوابة الرئيسية. صدح صوت رشيد مرتفعً بغضب:
- ده بيت الحاج عبد الرازق الهواري؟
اجابه الخفير بثقة:
- ايوه يا استاذ هو.. بس الحاج مش هنا دلوقتي.. تحت امرك؟
تحدث رشيد وهو ينظر الي المنزل:
- انا عايز اي حد اتكلم معاه.
أجاب الخفير وهو ينظر اليهما:
- مفيش حد هنا دلوقتي يا استاذ.. الحاج وفراج بيه راحوا المستشفي ومش عارفين هيرجعوا امتى!
اشتعلت النيران بداخله عندما استمع الي اسم فراج الذي ذكرته سهير واخبرته انه سيتزوج من كارمن، نظر الي الرجل بغضب واردف بعصبيه:
- انا عايز اي حد هنا.. مراتي جوه في البيت ده وانا جاي اخدها.
نظر اليه الخفير بصدمة وعدم فهم. استمعت وداد الي الاصوات المرتفعه بالخارج واقتربت منهم لترى ماذا يحدث. وقفت امام البوابة الرئيسيه وتحدثت الي الخفير:
- ايه اللي بيحصل عندك هنا؟! ثم نظرت إليهما وتحدثت بحدة:
- عايزين مين؟!
اجاب عليها رشيد بقوة:
- انا مراتي هنا وعايزها.
نظرت اليه وداد بصدمة واسترسل لها عقلها سريعًا انه من الممكن ان يكون زوج كارمن الذي اخبرتها عنه من قبل واخبرته انه طلقها. تحدثت اليه بفضول:
- مراتك مين؟!
اجاب عليها بقوة:
- كارمن الهواري.. مراتي.
نظرت اليه بذهول وتحدثت بقلق:
- انت رشيد؟
حدق بها بستغراب واجاب بقلق:
- ايوه انا.
جف حلقها من الصدمة ونظرت الي الخفير بتوتر وتحدثت بارتباك:
- بس كارمن قالت انك طلقتها!
تحدث خالد بهدوء:
- رشيد مطلقهاش وهي لسه على ذمته.
نظرت اليهما وداد بصدمة وهمست بداخلها:
- صحيح حيه زي امها! كانت هتتجوز فراج وهي متجوزه!
صدح صوت اطارات سيارة تقترب من المنزل. شهقت وداد بصدمة عندما رأت السيارة الخاصه بـ فراج وضوء السيارة القوي تسلط عليهم. توقفت السيارة امامهم وخرج منها فراج ينظر الي الواقفين أمام منزل عائلته بستغراب:
- انتوا مين.. مين دول يا عمتي؟!
اجابة عليه عمته بارتباك:
- بيقولوا ان الاستاذ ده يبقى جوز كارمن!
نظر اليهما فراج بصدمة:
- جوز مين؟
تحدث اليه جده بصوت مرتفع من داخل السيارة:
- رحب بالضيوف يا فراج وخلينا نتكلم جوه.
رمقهم رشيد بنظرات غاضبه وتحدث بغضب:
- انا مش جاي اتكلم انا عايز مراتي.
تحدثت اليه وداد بتوتر:
- الكلام مينفعش هنا.. تعالوا اتفضلوا جوه.
أومأ خالد برأسه بالايجاب وهو ينظر الي رشيد. اخذتهما وداد الي داخل المنزل. وعاد فراج الي السيارة وصعد بداخلها لكي يتوقف بها امام باب المنزل الداخلي. تابعت ازهار ما يحدث بصدمة وهي تجلس بداخل السيارة مع جدها وتدعي التعب.
رحبت بهما وداد داخل قاعة الضيافة الخاصة بوالدها، ثم خرجت بأمر من والدها واخذت ابنتها ازهار وصعدت بها الي الأعلى.
تقدم الحاج عبد الرازق مع حفيده الي داخل القاعة ورحب بهما مرة أخرى، وقف رشيد وتحدث إليه دون مقدمات:
- انا رشيد الجبالي..وكارمن الهوارى تبقى مراتي.. ومامت كارمن قالتلي انها عندكم هنا.
تحدث اليه فراج بتهور:
- مراتك مين؟! بنت عمي مش متجوزة.. امها بنفسها قالتلنا انها مطلقه وانا فرحي عليها بكره.
وقف خالد مسرعًا يمسك بـ رشيد حتى لا يتهور ويفعل شئ بهذا الاحمق الذي يخبره بكل برود انه سيتزوج من زوجته. تحدث اليه رشيد بغضب:
- تتجوز مين دا انا كنت اقتلك واقتلها قبل ما تفكروا تعملوها.. كارمن مراتي وانا مش هتحرك من هنا من غيرها.
رمقه الحاج عبد الرازق بفضول وتحدث بهدوء:
- معاك قسيمة الجواز؟
أجاب رشيد بثقة:
- اه طبعا معايا..
ثم اخرج من الجاكيت الذي يرتديه نسخه من عقد الزواج واعطاها الي الحاج عبد الرازق واضاف بثقة:
- انا بقى عايز اسألكم انتم او هي معاها قسيمة طلاق تثبت ان انا طلقتها عشان تتجوز تاني؟!
نظر فراج الي جده. حدق الحاج عبد الرازق في عقد الزواج وتأكد من صحته. تحدث اليهما خالد:
- لو سمحتوا ممكن نهدا عشان نعرف نتكلم.. اهم شئ دلوقتي ان الحمدلله الجواز لسه متمش لانها كانت هتبقى مصيبه لو كارمن اتجوزت وهي لسه على ذمة رشيد!
نظر اليهما الحاج عبد الرازق بتفكير ثم تحدث الي فراج بقوة:
- ابعت عمتك تصحي كارمن وخليها تنزل هنا ونشوف ايه الحكاية دي!
أومأ فراج برأسه بالايجاب وهو يخرج من القاعة، نظر الحاج عبد الرازق الي رشيد وتحدث اليه:
- القسيمة اللي معاك بتثبت فعلا انها مراتك، بس لازم نفهم منها ايه الحكايه الاول ولو طلع ليك حق عندنا هتاخد مراتك وانت ماشي.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب ثم جلس مكانه مرة أخرى بثقة وهو ينتظر مجيئها، ارتاح قلبه كثيرا عندما علم انها لم تتزوج من غيره، ربت خالد علي كتفه وهمس اليه براحة:
- الحمد لله ان احنا وصلنا في الوقت المناسب.
أومأ رشيد برأسه براحة وهو ينتظر مجيئها بلهفة.
صعد فراج الي الطابق العلوي واتجه الي غرفة زوجته وطلب من عمته ان تذهب الي غرفة كارمن وتحضرها الي قاعة الضيافه بالاسفل. توترت وداد كثيرا عندما طلب منها فراج ان تحضر كارمن الي غرفة الضيافه! كيف ستخبرهم انها استطاعت الهرب؟ وهل استطاعت كارمن الابتعاد عن القرية ام مازالت قريبة منهم ويمكنهم العثور عليها بعد اكتشافهم انها ليست بالمنزل! تزاحمت الافكار برأسها وحاولت إظهار عكس ما تشعر به، ادعت عدم معرفتها بشئ وتعمدت الذهاب الي غرفة كارمن امام فراج حتى لا يشك احد بها ويعلمون انها هي من ساعدت كارمن على الهرب.
وقف فراج يزفر بغضب ويحدث نفسه بعد مقابلته لطليق كارمن والذي يؤكد انها مازالت زوجته!. رمقته ازهار بغيظ وهي تتمدد فوق الفراش بعد عودتها من المشفى، تحدثت اليه بصوت ضعيف وهي تدعي المرض:
- امي قالتلي ان عروسة الهنا طلعت متجوزة!
رمقها بغضب واردف بعصبيه:
- ملكيش صالح بالحديث ده يا ازهار.. انا لسه محسبتكيش على اللي انتي عملتيه فينا النهارده!
جف حلق ازهار من التوتر والقلق، تركها فراج و خرج من الغرفة، خرجت وداد من غرفة كارمن امامه واقتربت منه وهي تشهق بصدمة وتهمس له بصوت منخفض:
- يادي الفضيحه.. بنت صادق شكلها هربت يا فراج! دورت عليها في كل حته ومش لقياها!
حدق فراج بـ عمته بصدمة وتحرك بخطوات مسرعه الي غرفة كارمن واكتشف عدم وجودها بداخل الغرفة بنفسه، خرج من الغرفة وبحث عنها بجميع غرف الدوار ولم يجدها، صدح صوته عاليا وهو يترجل الدرج بخطوات واسعه وينادي الخفير المسؤال عن حراسة بوابة الخروج.
استجاب الخفير الي نداءه مسرعًا ووقف امام فراج يتحدث باحترام:
- امر جنابك يا فراج بيه؟!
صدح صوت فراج عالياً:
- الضيفه اللي كانت هنا خرجت من الدوار وانت سبتها تخرج؟
نظر اليه الخفير بخوف واجاب بتلعثم:
- مفيش حد دخل ولا خرج غير الاتنين الضيوف اللي جم من شوية.
نظر فراج حوله بصدمة وصدح صوته بصراخ عاليا:
- اومال هتكون راحت فييين؟!
استمع جده الي صوت صراخه وهو بداخل القاعة ومعه رشيد وخالد. تقدم فراج الي داخل القاعة ووقف امامهم وتحدث بصوت حاد:
- كارمن هربت من الدوار.
وقف رشيد بصدمة ينظر اليه بذهول. ابتسم الحاج عبد الرازق وتحدث بسخرية:
- الهرب مش جديد علي بنت صادق.. ابوها عملها قبلها!
نظر اليهما رشيد بصدمة قائلا:
- هتكون راحت فين في الجو ده؟ كارمن مبتعرفش تروح اي مكان لوحدها! وبعدين البلد هنا بعيدة عن الطريق.. ازاي هتهرب من هنا لوحدها وكمان في الليل وهي بتخاف من الضلمة!
وقف الحاج عبد الرازق ينظر اليه بتفكير ثم تحدث الي فراج:
- لو مهربتش من البوابه الكبيرة تبقى اكيد هربت من البوابة الخلفيه على الطريق الزراعي.
أومأ فراج برأسه بالايجاب وتحدث رشيد بقلق:
- فين الطريق الزراعي ده؟!
اجاب عليه فراج:
- الطريق اللي ورا الدوار بتاعنا.
تحدث الحاج عبد الرازق مع حفيده بصرامة:
- اجمع الرجاله بسرعه واطلعوا على الطريق الزراعي يمكن تلحقوها قبل ما تبعد عن البلد.
تحدث رشيد باصرار وقلبه يخفق بقوة من شدة الخوف والقلق عليها:
- انا هاجي معاكم.
نظر فراج الي جده، أومأ الجد برأسه وذهب فراج ومعه رشيد وخالد ومجموعه من رجال الحاج عبد الرازق.
******
بداخل غرفة ازهار بالأعلى.
جلست ازهار بقلق فوق الفراش تنتظر ان تأتي اليها والدتها وتخبرها ماذا حدث.
دلفت وداد الي غرفة ابنتها وهي تحدث نفسها بقلق:
- ربنا يستر وتكون بنت صادق عرفت تهرب.
اعتدلت ازهار فوق الفراش وتحدثت الي والدتها بقلق:
- طمنيني يا امي.. حد عرف ان انتي اللي هربتيها؟!
رمقتها والدتها بغضب واردفت بصرامة:
- اكتمي يا ازهار.. انا مش نقصاكي دلوقتي!
اردفت ازهار بفضول:
- طب هما هيعملوا ايه دلوقتي يا أمي؟ وايه حكاية جوزها ده؟!
جلست وداد وهي تفكر في القادم ثم اجابت على ابنتها بشرود:
- شكله جوزها بجد وفي حاجات بينهم احنا منعرفهاش! بس هنستنا نشوف الاول هيلاقوها ولا عرفت تهرب وتبعد عن البلد!
صمتت ازهار وهي تنظر الي والدتها بقلق، شردت وداد وهي تهمس بداخلها "ياترى عرفتي تهربي يا بنت صادق ولا هلاقيهم راجعين بيكي تاني"
*****
لم تتوقف الامطار عن التساقط فوقهم وهم يبحثون عن كارمن وسط الحقول ويستعملون مصابيح يحملونها باليد تساعدهم على الرؤية في هذا الظلام.
كلما تقدم رشيد خطوة للامام ولم يجدها يشعر بخفقات قلبه تزداد من الخوف والقلق عليها. يتساءل بداخله؛ كيف كانت تسير هنا وسط الحقول في هذا الظلام الدامس والامطار ترافقها في هذا الطقس شديد البرودة! كان يدعي الله من قلبه ان يجدها بخير، اقسم بداخله انه لن يتركها مجددًا عندما يجدها ولن يعود الي المنزل من دونها، ولم يعطيها فرصة للابتعاد عنه مرة أخرى.
ارتفع صوت احد الخفر:
- لقيتها.. يا فراج بيه.. لقيت الضيفه اللي بندور عليها.
لم يشعر رشيد بقدميه وهو يركض الي الخفير وقلبه يخفق بعنف. تابعه الجميع وهم يركضون الي الخفير خلفه.
توقف رشيد امامها وتوقفت انفاسه وهو يراها جثة هامدة متمددة على الارض دون حركة.
وضع احد الخفر يديه بالقرب منها بالمصباح الذي يحمله بيديه لكي يستطيع رؤيتها بوضوح. حدق بها رشيد بصدمة عندما رأها بالثوب الاسود والوشاح الذي كانت تضعه اثناء هروبها، وجهها كان شاحبً مثل الموتى وشفاتيها باللون الازرق من شدة البرودة، حبات المطر تغرق وجهها، ثيابها مبتل وملطخ من الارض الطينية.
انحنى اليها وقلبه يخفق بقوة، لمس يديها وشعر بنبضها الضعيف، رفع وجهها اليه وهو ينادي اسمها بجنون لكي تعود الي وعيها. وقف الجميع يتطلعون اليهما بقلق، شعر فراج بالغيرة منه ومن اقترابه منها وهتف بصوت غليظ:
- خلونا ناخدها علي المستشفى العام بسرعه.
لم يتوقف رشيد عن نطق اسمها بلهفة وخوف وهو يحاول الاطمئنان عليها، اقترب منه خالد وتحدث اليه بهدوء:
- رشيد شيل كارمن وخلينا ناخدها المستشفى بسرعه.
نظر اليه رشيد وعقله متوقف عن التفكير لا يصدق ما يحدث معه الان، حبيبته بين يديه في حالة سيئة ويمكن ان تفارق الحياة وتتركه. أومأ خالد برأسه وتحدث اليه بقوة:
- لازم ناخد كارمن المستشفى بسرعه يا رشيد.. كارمن ممكن تموت هنا.
أومأ رشيد برأسه وتأملها للحظات وهو يدعوا الله بداخله ان يمدها بالحياة ولا يحدث لها مكروه، ثم عانقها بقوة وحملها بين يديه غير مبالي لأحد، اخفض الجميع وجوههم عنهما بحرج، نظر اليه فراج بصدمة. اسرع رشيد في خطواته وهو يحملها ويعانقها بداخل حضنه بقوة ويهمس لها بصوته ويطمئنها انه معها ولن يتركها مجددًا.
*****
ارتفع صوت اذان الفجر وهم يقفون امام غرفة الطوارئ بداخل المشفى العام بقنا.
خرج الطبيب واستغرب من وجود الحاج عبد الرازق وفراج للمرة الثانيه في نفس الليلة ولكن بفتاة اخري.
اقترب منه رشيد وتحدث اليه بقلق:
- طمني يا دكتور حالتها ايه دلوقتي؟!
نظر اليه الطبيب وتحدث بهدوء:
- حضرتك تقربلها؟
اجاب رشيد بثقة:
- انا جوزها.
أومأ الطبيب برأسه وتحدث:
- هي اتعرضت لضغط عصبي او صدمة قوية وصلتها للحالة دي؟
نظر رشيد حوله بقلق ثم اجاب:
- هي عندها مشكله من زمان يا دكتور.. يعني لما بتتعرض لأي ضغط عصبي او خوف، رجليها بتتجمد ومش بتقدر تحركها او تتحكم فيها.
أومأ الطبيب بتفهم:
- تمام فهمت.. عموما هي محتاجة تكون في المستشفى يومين وفي اشاعات وتحاليل لازم نعملهالها هنا ونطمن عليها وبعد ما تخرج الافضل لو تتابع مع دكتور نفسي.
أومأ رشيد برأسه:
- تمام يا دكتور انا ممكن اشوفها دلوقتي؟
اجاب الطبيب بأسف:
- للأسف مش هينفع.. الافضل لو تسيبوها ترتاح دلوقتي.
اقترب خالد من رشيد وربت علي ظهره بدعم، تركهم الطبيب وذهب ليتابع عمله، نظر فراج الي جده وتبادل الاثنان النظرات. تحدث الحاج عبد الرازق بهدوء:
- وجودنا هنا ملوش لازمة دلوقتي.. خلونا نروح تغيروا هدومكم وترتاحوا شويه ونرجعلها تاني لما الدكتور يسمح بالزيادة.
صدح صوت رشيد رفضًا تركها بشدة:
- انا مستحيل اتحرك من هنا واسيبها لوحدها في المستشفى.
تحدث الحاج عبد الرازق:
- وجودك هنا مش هيفيدها بحاجة يابني.. انت لازم تغير هدومك دي وترتاح شويه عشان متتعبش وتقدر تكون جنبها.
أومأ خالد برأسه وتحدث الي رشيد:
- الحاج عنده حق يا رشيد.. احنا هدومنا كلنا غرقانه من المطر ولازم نغيرها وكمان وجودك هنا مش هيفيدها وهي نايمه ومش حاسه بأي حاجة.
تحدث رشيد باصرار:
- يا خالد انا مش هينفع اسيبها وامشي.. انت متعرفش كارمن.. كارمن لو فاقت ولقت نفسها هنا لوحدها هتكون خايفه وانا لازم اكون جنبها.
صدح صوت فراج بغيظ:
- تكون جنبها بأي حق واحنا لسه مش متأكدين انت جوزها صحيح ولا طلقتها!
رمقه رشيد بغضب وتحدث اليه بقوة:
- انا جوزها غصب عن أي حد ومش محتاج اثبتلك انها مراتي!
تحدث الحاج عبد الرازق بهدوء:
- في كلام كتير بينا لازم يتقال ولازم افهم ليه امها قالت انك طلقت بنتها وهي لسه على ذمتك!
نظر اليهم خالد وتحدث بهدوء:
- اظن ده مش الوقت المناسب يا حاج.. نطمن على كارمن الاول واكيد رشيد هيقعد مع حضرتك ويفهمك كل حاجة.
أومأ الحاج عبد الرازق برأسه:
- عندك حق يا بني.. يبقى دلوقتي تيجو معانا الدوار تغيروا هدومكم دي وترتاحوا شويه ونبقى نرجع هنا تاني نطمن عليها.
اعترض رشيد:
- اتفضلوا انتوا روحوا.. انا هفضل هنا جنبها.
تحدث اليه خالد:
- رشيد احنا فعلا محتاجين نغير اللبس ده وانت لازم ترتاح شوية.
نظر رشيد الي باب غرفتها بالمشفى وتحدث بأصرار:
- انا مش هسيبها هنا لوحدها.. روحوا انتم.
نظر خالد الي الحاج عبد الرازق وتحدث اليه:
- خلاص يا حاج اتفضلوا انتم ارجعوا ارتاحوا شويه واحنا هنفضل هنا.
تحدث الحاج عبد الرازق:
- هتفضلوا هنا ازاي يا ولدي وهدومكم غرقانه مايه كده!
نظر خالد الي ثيابه وتحدث بهدوء:
- مفيش مشكله وخلاص النهار طلع واحنا هنا نقدر ننزل نشتري لبس من اي محل قريب من المستشفى ونغير هدومنا وكمان انا لازم ارجع القاهرة عشان شغلي.
زفر فراج بضيق وتحدث الي جده بعصبيه:
- خليهم علي راحتهم يا جدي ومتتعبش نفسك معاهم اكتر من كده.
رمقه رشيد بغضب، تحدث الحاج عبد الرازق وهو ينظر الي حفيده بلوم:
- خلاص اللي تشوفوه..
ثم نظر الي رشيد واضاف:
- مش هينفع تاخد مراتك من المستشفى وترجعوا قبل ما تيجي الدوار ونتكلم مع بعض وافهم حكايتكم ايه.
أومأ رشيد برأسه قائلا:
- طبعا حضرتك اطمن.
التفت الحاج عبد الرازق الي حفيده واخذه وذهبوا من المشفى. زفر رشيد بغضب ونظر الي باب غرفتها، ربت خالد علي كتفه وتحدث اليه بهدوء:
- انا هنزل اشوف اي محل يكون فتح واجيب لنا لبس من هناك عشان نغير وكمان انا لازم ارجع القاهرة عشان الشغل انت فاهم.
أومأ رشيد برأسه بتفهم وهو مازال ينظر الي باب الغرفة ويريد الدخول اليها.
#الفصل_21
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
أومأ رشيد برأسه بتفهم وهو مازال ينظر الي باب غرفتها ويريد الدخول اليها للاطمئنان عليها.
*****
بمنزل الحاج عبد الرازق.
وقفت وداد امام الشرفة بقلق تطلع الي الخارج وتزفر بقلق، اقتربت منها ابنتها ازهار وتحدثت:
- ايه الحكاية يا أمي.. انتي قلقانه عليها ولا ايه؟!
رمقتها والدتها بغيظ:
- قلقانه عليا انا وانتي لو جدك وفراج عرفوا منها اللي احنا عملناه.. لو قالتلهم اننا احنا اللي ساعدنها هنروح في داهية.
تحدثت ازهار بلا مبالاة:
- ونروح في داهية ليه! مش لو كانت فضلت هنا واتجوزت فراج كان زمانه هو اللي راح في داهية.. انتي ناسيه انها طلعت متجوزه!
تحدثت وداد بدهشة:
- انا كمان مش عارفه ايه حكاية جوزها اللي طلع فجأة ده مع ان البت قالت انها مطلقه!
تحدثت ازهار بغيظ:
- طلعت حربايه زي امها!
همست وداد بداخلها:
- الخوف لـ جوزها يجي يطلب حقها في الارض وابويا يعرف اني خدت الأرض منها.
استمعوا الي صوت سيارة فراج تدخل الي الدوار، انتفضت وداد وتحدثت الي ابنتها:
- ارجعي علي اوضتك بسرعة جوزك وجدك رجعوا..
نظرت ازهار الي النافذه ثم ركضت الي غرفتها.. وقفت وداد تنتظر دخولهم الي المنزل بتوتر لكي تسألهم ماذا حدث.
دخل الحاج عبد الرازق الي المنزل وخلفه فراج. اقترب منهما وداد وتحدث بتوتر:
- طمنوني ايه اللي حصل؟
اجاب عليها والدها:
- الحمدلله جت سليمه.
بللت لعابها وتحدثت بقلق:
- اومال كارمن فين؟
اجاب عليها والدها بتعب وهو يتجه الي قاعة الجلوس:
- سبناها في المستشفى وجوزها معاها.
زفر فراج بغضب ولحق بجده الي القاعة، وقفت وداد تلتقط انفاسها بخوف وقلق وتتوقع رد فعل والدها بعد معرفته انها اخذت حق كارمن في الارض.
بالقاعه التي يجلس بها الحاج عبد الرازق. تتزاحم الافكار برأسه الان بعد التأكد من زواج كارمن. عليه ايجاد حل للتفاوض مع زوج كارمن حتى لا يطالبهم بأرض زوجته.
جلس فراج وهو يزفر بغضب امام جده حتى خرج عن صمته وتحدث بعصبيه:
- احنا لازم نعرف ايه حكايته معاها بالظبط يا جدي.. منين امها تقول انها مطلقه ويجي ده يقول انه جوزها!
رمقه جده بغضب واجاب عليه بهدوء:
- هو ده اللي انت بتفكر فيه يا فراج! المهم دلوقتي انها طلعت متجوزة وجوزها معاه اثبات الجواز ويقدر يطالب بأرض مراته في اي وقت.
تحدث فراج بعصبيه:
- ملهاش أرض عندنا يا جدي.. الارض تحت ايدينا ومفيش قوة تقدر تاخدها مننا.
زفر جده بعصبيه:
- اطلع نام جنب مراتك يا فراج.. انت شكلك تعبت النهارده بزيادة!
انتفض فراج من مكانه بعصبيه قائلا:
- انام ازاي يا جدي بعد اللي حصل النهارده! المفروض كنت هتجوزها النهارده وفجأة كده يطلع واحد ويقول انها مراته!
صدح صوت جده بغضب:
- فوق لنفسك يا فراج! خلاص بنت صادق متنفعكش، عقد الجواز معاه واحمد ربنا انها جت لحد كده.
تحدث فراج بعصبيه:
- عقد جواز ايه يا جدي! امها قالت بنفسها انه طلقها من زمان!
تنهد الحاج عبد الرازق بتعب وتحدث بثقة:
- انا سبق وقولتلك ان امها دي حيه وملهاش امان والله اعلم هي مخبيه علينا ايه تاني! وبعدين جوز بنت صادق شكله راجل وابن عيلة ومش متجوزها على طمع يعني نقدر نتكلم معاه في موضوع الأرض ونحمد ربنا انه ظهر قبل ما كنت تكتب كتابك عليها واحنا على عمانا وفاكرينه طلقها.
تحدث فراج بغضب:
- يعني كده هو فاز بيها وبالارض اللي ضيعت عمري فيها!
رمقه الحاج عبد الرازق بغضب واجاب عليه بصرامة:
- ارض الهوارى مش هتروح لحد غريب، انا هتكلم معاه واشوف نيته ايه.
توقف فراج على باب الخروج من القاعة وتحدث بعصبيه:
- اللي انت شايفه صح اعمله يا جدي.. اي كلام هقوله دلوقتي ملوش لازمة.
ترك جده وصعد الي غرفته بالطابق العلوي، تنهد الجد بحزن وذهب هو الاخر الي غرفته ليرتاح قليلاً.
بالطابق العلوي. حيث غرفة فراج وزوجته ازهار.
دلف فراج الغرفة وهو يحاول كتم غضبه وغيرته من رشيد الذي اخذ منه الفتاة التي تمناها منذ رؤيته لها، استرسل له عقله الكثير من المشاهد التي رسمها بخياله تجمع رشيد بـ كارمن. اقترب من الفراش وهو شاردًا في افكاره، جلس فوق الفراش لكي ينزع حذاءه وهو يتساءل بداخله؛ ماذا يفعل رشيد معها الان؟ فهو لم يخجل من عناقها امامهم جميعا!.. اغمض عيناه بقوة لكي يهرب من افكاره.
كانت ازهار زوجته تدعي النوم فوق الفراش وتشعر به وهو يجلس فوق الفراش بجوارها، فتحت عيناها واعتدلت فوق الفراش وجلست تنظر اليه بدهشة. كان مغمض العينين وكأنه في صراع داخلي ويحاول الانتصار على مشاعره الغاضبه. وضعت يديها فوق ذراعه بقلق، انتفض جسده وفتح عيناه بفزع يحدق بها، تأملته ازهار بصدمة وتحدثت بحزن:
- فيك ايه يا فراج! للدرجادي زعلان عشان كارمن طلعت متجوزة؟!
انتفض من فوق الفراش واتجه الي خزانة الملابس وتحدث بنبرة حادة لكي يخفي عنها ما يشعر به:
- ملكيش صالح انتي يا ازهار وارجعي نامي زي ما كنتي نايمة.
وقفت من فوق الفراش ولحقت به بالقرب من خزانة الملابس وتحدثت بحزن:
- انت زعلان عشان متجوزتش عليا يا فراج؟!
زفر بنفاذ صبر والتفت ينظر اليها بغضب:
- انتي عايزة ايه في ليلتك دي يا ازهار؟ قولتلك غوري نامي وملكيش صالح بيا.
رمقته ازهار بحزن ولمعت عيناها بالدموع، زفر بنفاذ صبر واتجه الي الفراش وتركها تقف تتطلع اليه، تمدد فوق الفراش دون ان يبدل ثيابه واخفى وجهه بالغطاء. وقفت تتابع ما يفعله بصمت، فقط تتساقط دموع عيناها بحزن، كانت ترى لهفته في الزواج من كارمن، والان ترى حسرته بعد ان أتى زوج كارمن وحطم احلامه.
****
بداخل المشفى.
جلس رشيد ام الغرفة ينتظر ان يسمح له الطبيب برؤية كارمن. عاد اليه خالد بعد شرائه ثياب جديدة لهما من احد المحلات القريبه من المشفى، اعطاه خالد الثياب واتجه الاثنان الي المرحاض الرجالي بداخل المشفى وقاموا بتبديل ثيابهم ثم عادوا امام غرفة كارمن مرة أخرى.
بداخل الغرفة..
فتحت كارمن عيناها بتعب ونظرت الي الممرضه التي تعطيها الدواء وتحدثت اليها بصوت منخفض:
- انا فين؟!
اجابتها الممرضة بابتسامه:
- حمدلله علي السلامة.. انتي في المستشفى.
نظرت كارمن حولها وتحدثت بخوف:
- انا جيت هنا ازاي؟
اجابة الممرضه:
- اهلك جابوكي الفجر كده وجوزك برا مستني يطمن عليكي.
شهقت كارمن بصدمة بعد استماعها لكلمة زوجك! اعتقدت انها تقصد فراج.. حدقت بالممرضة وتحدث بخوف:
- هي المستشفي دي فين؟
اجابة الممرضة:
- هنا المستشفى العام في قنا.
شهقت بصدمة ونظرت حولها تتذكر ماحدث معها بعد هروبها من منزل عم والدها. لا تتذكر شئ سوى عجز قدميها من شدة الخوف وصوت نباح الكلاب يقترب منها.. اعتقدت ان فراج علم بهروبها واستطاع الوصول اليها وهو من جاء بها الي هنا. لمعت عيناها بالدموع من شدة الخوف وتحدثت الي الممرضه برجاء:
- انا عايزة امشي من هنا بسرعه ومش عايزاه يعرف اني مشيت.. ممكن تساعديني.. لو سمحتي.
حدقت بها الممرضه بستغراب:
- مش فاهمة يعني ايه؟!
بكت كارمن بخوف واجابة:
- لو سمحتي ساعديني.. هو عايز يتجوزني غصب عني وانا مش عايزاه.
حدقت بها الممرضه بصدمة:
- ازاي يعني هو مش جوزك!! بس هما قالوا انه جوزك واهلك مشيو وهو فضل قاعد مستني هنا عشان يطمن عليكي وكمان شكله بيحبك اوي وكان هيموت من الخوف عليكي.
بكت كارمن من الخوف وكلما تحدثت الممرضه تعتقد انها تقصد فراج بالحديث. تحدثت اليها كارمن برجاء مرة اخري:
- ارجوكي هربيني من هنا.. ارجوكي.
تحدثت الممرضة بأسف:
- انا اسفه مش هقدر اساعدك.
بكت كارمن وخفضت وجهها وهي تفكر كيف تهرب مرة أخرى. دلف الطبيب الي الغرفة واستغرب بكائها، اقترب منها وتحدث اليها:
- خير يا مدام في حاجة بتوجعك؟
نظرت اليه بعيونها الدامعه وهزت رأسها:
- لا..
استغرب الطبيب وتحدث بفضول:
- طب رجلك كويسه.. حاسه بيها؟!
تذكرت قدميها على الفور ونظرت الي قدميها وشعرت بهما جيدا لكنها فكرت سريعاً بداخلها واجابة:
- لا مش حاسه برجلي خالص.
اعتقدت ان بهذه الكذبه يمكنها البقاء اكثر في المشفي حتى تستطيع الهرب مجددا.
أومأ الطبيب برأسه بأسف واقترب يتفحص قدميها وتحدث:
- الحالة دي اتكررت معاكي كتير؟
أومأت برأسها واجابة:
- اه..
تنهد الطبيب وتحدث:
- تمام.. انتي محتاجة دكتور متخصص هو هيقدر يساعدك اكتر.. انا هطلع ابلغ جوز حضرتك ونشوف نقدر نعمل ايه.
خفق قلبها بخوف عندما خرج الطبيب من الغرفة، خرجت الممرضة خلفه وتركوا كارمن بالغرفة بمفردها.
اقترب رشيد من الطبيب وتحدث اليه بلهفة:
- خير يا دكتور طمني؟
اجاب الطبيب:
- للاسف لسه مش حاسه برجليها ولازم دكتور متخصص يشوفها.
تحدث رشيد بقلق:
- تمام انا ممكن اخدها القاهرة ونشوف دكتور متخصص هناك او ممكن اسفرها خارج مصر.
تحدث الطبيب بهدوء:
- اللي حضرتك تشوفوه بس من رأيي بلاش موضوع السفر للخارج قبل ما دكتور متخصص هنا يشوفها الاول ويقول لحضرتك رأيه في الحالة.
تحدثت الممرضه بحرج:
- تسمحولي اقول حاجة.
نظر اليها رشيد بقلق، تحدث اليها الطبيب بهدوء:
- اتفضلي.
تحدثت الممرضه بقلق وهي تنظر الي رشيد:
- تقريبا اللي عندها ده حالة نفسيه بسبب خوف من حضرتك.. وكمان هي قالتلي حاجة كده وانا خايفه انها تضر نفسها.
تحدث رشيد بقلق:
- قالتلك ايه؟
اجابة الممرضه بتوتر:
- كانت عايزاني اساعدها تهرب من هنا وتقريبا عايزة تهرب من حضرتك.
استغرب رشيد حديث الممرضه ثم نظر الي الطبيب وتحدث:
- ممكن حضرتك تسمحلي اشوفها.
نظر اليه الطبيب بحيرة.. تحدث رشيد برجاء:
- لو سمحت.
أومأ الطبيب برأسه بالموافقة. ربت خالد علي كتف رشيد بدعم قائلا:
- انا هستناك هنا.
أومأ رشيد بالايجاب واتجه الي الغرفة، ذهب الطبيب والممرضه وجلس خالد ينتظر رشيد امام الغرفة.
بداخل غرفة كارمن.
كانت تفكر بخوف في كذبتها علي الطبيب وكيف يمكنها خداعهم جميعا حتى تستطيع الهرب من المشفى.
فتح باب الغرفة بهدوء، خفق قلبها من الخوف واعتقدت انه فراج واغمضت عيناها سريعا تدعي النوم.
دلف رشيد الي الغرفة واغلق الباب من الداخل بهدوء. ارتجف جسدها من شدة الخوف وهي مغمضت العينين. اقترب منها رشيد وهو ينظر اليها باشتياق، وقف يتأملها للحظات دون حديث. استغربت صمت فراج وشعرت بالخوف من ان يقترب منها. اقترب منها رشيد بالفعل وهي تشعر بخطواته اليها وقلبها يخفق بشدة، لاحظ من ارتجاف جسدها الشديد انها تدعي النوم ولم تكن نائمة بالفعل، ابتسم بداخله واقترب منها اكثر وجلس بجوارها فوق الفراش، اغمضت عيناها بقوة اكثر وجسدها يرتجف بخوف، نطق اسمها بصوته المميز وهو يتأملها عن قرب:
- كارمن..
صوته المميز جعلها تفتح عيناها مسرعه تنظر اليه بصدمة، شهقت بصدمة بعد رؤيتها له بجوارها، نطقت اسمه بذهول:
- رشيد..!!
حاولت الاستعاب وهي تغمض عيناها وتفتحها اكثر من مرة لكي تتأكد من رؤيته، لمس خدها بيديه وتحدث اليها بحنان:
- انتي كويسه؟
حنانه عليها الذي تفتقده منذ سنوات جعلها تبكي وهزت رأسها بـ لا وارتمت بداخل حضنه تبكي وتخبره بصوت يصاحبه شهقات البكاء:
- لا يا رشيد.. انا مش كويسه ابدا.. انا تعبت اوي من غيرك.. عايزين يجوزوني غصب عني وانا مستحيل اتجوز غيرك.. انا خايفه منهم اوي.
عانقها بقوة وهو يقربها الي قلبه.
انهارت في البكاء وهي تضيف بحزن:
- ماما سبتني ليهم يعملوا فيا اللي هما عايزينه.. انا حاولت اهرب منهم ومقدرتش.. رجلي اتجمدت في الارض وانا بجري ومقدرتش احركها..
كان يستمع اليها بحزن وهو يعانقها بقوة، بكت بداخل حضنه بانهيار وهي تتمسك به خوفً من ان يتركها مجددًا، تحدثت بخوف وهي بداخل حضنه:
- متسبنيش ليهم يا رشيد.. هربني من هنا.. انا مش عايزة اتجوز فراج.
ضمها اليه بقوة وهو يهمس اليها بثقة:
- متخافيش يا حبيبتي.. محدش هيقدر يبعدك عن حضني تاني.
اغمضت عيناها بداخل حضنه وهي تشعر بالدفئ والراحة والأمان.. صوته ودفئ حضنه جعلها تهدأ كثيرا ونظر رشيد امامه بغضب وهو يتوعد بالانتقام من كل من ساهم في فراقهما.
بعد لحظات شعر بانتظام انفاسها بداخل حضنه، يعلم انها تعرضت للكثير من الارهاق النفسي والجسدي ولا يمكنها الصمود مستيقظه اكثر من ذالك. ابتعد عنها قليلا وابتسم عندما رآها ذهبت في نوم عميق، وضعها فوق الفراش بهدوء ووضع فوقها الغطاء ووقف ينظر اليه للحظات بتفكير ثم تركها نائمة وخرج من الغرفة.
اقترب منه خالد امام الغرفة وتحدث اليه بقلق:
- ايه الاخبار يا رشيد طمني؟
تحدث رشيد بتعب:
- الحمد لله يا خالد هي كويسه بس احنا لازم نرجع القاهرة بكره بالكتير عشان دكتور متخصص يشوفها.
تحدث خالد بحيره:
- وانا لازم ارجع القاهرة دلوقتي انت عارف الشغل.. بس انا ممكن ارجعلك هنا تاني علي باليل.
تحدث رشيد:
- انا هحاول اروح بيت جدها اخر اليوم واشوفهم عايزين يتكلموا في ايه وبعدها اخدها ونرجع شقتي في القاهرة.. متقلقش انت ومش ضروري ترجع هنا تاني.
تحدث خالد:
- خلاص انا هتابع معاك علي التليفون ولو احتجت اي حاجة هجيلك على طول.
أومأ رشيد برأسه، عانقه خالد ثم ذهب. جلس رشيد مجددًا امام الغرفة يفكر في كل شئ حدث معهما حتى الآن.
*****
بداخل منزل الهوراي.
الساعة الواحدة ظهرًا..
لم تغمض وداد عيناها لحظة واحدة، تفكر في كارمن وتتساءل بداخلها؛ هل أخبرت كارمن زوجها انها اجبرتها التوقيع علي تنازل عن ارضها؟ ماذا سيفعل زوج كارمن حينها؟ وماذا سيفعل معها والدها بعد معرفته انها هي من ساعدت كارمن علي الهرب مقابل التنازل عن الارض.
زفرت بغضب وخرجت من غرفتها وترجلت الي الاسفل، تفاجأت بجلوس والدها يستند علي عكازه بتعب، اقتربت منه وتحدثت بقلق:
- خير يا ابويا.. انت لسه منمتش ترتاح شوية؟!
اجاب والدها بتعب:
- هيجيلي نوم ازاي يا وداد بعد اللي حصل!
جلست وداد بجوار والدها وتحدثت بتوتر:
- هو انتوا متكلمتوش مع كارمن في المستشفى وتفهموا منها ايه اللي حصل وايه حكاية جوزها اللي ظهر ده؟!
اجاب والدها:
- هنعرف كل حاجة في وقتها يا وداد.. المهم دلوقتي اطلعي انتي الاوضة اللي بنت صادق كانت بتنام فيها وهاتيلها هدوم من بتاعها ناخدهالها المستشفى انا وانتي ونطمن عليها.
نظرت اليه وداد بتوتر:
- هنروحلها المستشفى دلوقتي يا بويا انا وانت؟
اجاب والدها:
- ايوه يا وداد.. اطلعي اعملي اللي قولتلك عليه.
أومآت وداد برأسها بالايجاب وصعدت الي الطابق العلوي حيث غرفة كارمن. نظر الحاج عبد الرازق امامه بتفكير ثم اغمض عينيه بتعب وهو يستند فوق عكازة بيديه.
ترجل فراج الدرج وهو ينظر الي جده بدهشة، اقترب منه وتحدث بقلق:
- خير يا جدي انت بخير؟
رفع جده وجهه واجاب عليه بهدوء:
- بخير يا فراج متقلقش.
جلس فراج امامه وتحدث بتعب:
- هنعمل ايه معاهم يا جدي؟
تنهد جده بتعب واجاب:
- انت مش هتعمل حاجة يا فراج.. انا هاخد عمتك ونروح المستشفى دلوقتي وهحاول اتكلم مع جوز بنت عمك صادق واشوف نيته ايه.
تحدث فراج بعصبيه:
- وانا مجيش معاك ليه يا جدي؟
اجاب جده:
- عشان انت كنت هتتجوز مراته يا فراج.. يعني مش هينفع اي كلام في وجودك!
زفر فراج بغضب ثم وقف من مكانه قائلا بانفعال:
- اعمل اللي تشوفه يا جدي بس مفيش حد فيهم هيقرب من ارضنا.
ترك جده وذهب، هز الحاج عبد الرازق رأسه بتعب، اهتز هاتفه يعلن عن اتصال له من القاهرة، وضع الهاتف على اذنيه وهو يستمع الي المتصل باهتمام وتركيز.
****
بعد ساعتين بداخل المشفى..
جلس رشيد أمام غرفة كارمن بالمشفى ينتظر خروج الممرضة بعد ان تعطيها الدواء. يشعر بالارهاق الشديد ويتمنى ان ينتهي كل هذا ويعود بزوجته الي منزلهما.
خفض وجهه ارضًا ووضع رأسه بين يديه بتعب، استمع الي صوت الحاج عبد الرازق يتحدث امامه:
- ازيك يا بني.. ايه الاخبار؟
رفع وجهه ونظر اليه ثم وقف واجاب عليه بهدوء:
- الحمد لله.. اهلا بحضرتك.
نظر الحاج عبد الرازق الي وداد وتحدث:
- ام ازهار عمة مراتك جت معايا عشان تطمن عليها وجبتلها هدوم معاها.
أومأ رشيد برأسه:
- شكرا لحضرتك..
ثم اشار بيديه الي غرفة كارمن قائلا لعمتها:
- الممرضه جوه معاها.. ممكن حضرتك تدخلي وتساعديها.
أومأت وداد برأسها بالايجاب ودلفت الي الغرفة وهي تدعوا بداخلها ان تستطيع اقناع كارمن ان لا تخبر احد باتفاقهما معا.
جلس الحاج عبد الرازق بجوار رشيد امام الغرفة وتحدث اليه بهدوء:
- ربنا يعينك يا بني.. انا عارف ان الوقت مش مناسب بس انا كنت عايز اعرف منك انت ليه سايب مراتك مع امها تبهدل فيها كده..؟ وليه امها قالت انها مطلقه وهي مراتك وعلى ذمتك.. انا من ساعة اللي حصل مش عارف اغمض عيني وعمال افكر.. ومتأخذنيش يعني يا بني.. انا خدت اسمك من علي عقد الجواز وسألت عليك في مصر وعرفت انك ابن ناس طيبين ومن عيلة كبيرة وجدك راجل له اسمه وابوك كمان راجل محترم.. يعني انت راجل يتشرف بيه اي حد.. ليه سايب مراتك كده؟
تنهد رشيد بتعب واجاب:
- انا مسبتش مراتي..
ثم نظر اليه واضاف بصدق:
- انا بحب مراتي ولو كانت طلبت مني روحي مكنتش هفكر لحظة واحدة وكنت هقدملها روحي وحياتي كلها بين ايديها.. بس اللي حصل وفرقنا عن بعض مكنش سهل ولسه مش واضح ليا ايه اجبرها تعمل فيا كده!..
صمت قليلا ثم اضاف بحزن:
- انا فجأة لقيت نفسي متهم في قضيه معرفش عنها حاجة ومراتي شاهده ضدي ولما ظهرت برائتي وخرجت عشان افهم منها ايه اللي حصل.. قالوا انها سافرت ومحدش يعرف طريقها.. حياتي كلها ادمرت في لحظة وللأسف مكنش عندي القوة عشان اواجه الصدمات اللي اتعرضتلها وقتها لاني كنت حقيقي بحبها وكنت واثق فيها ومسلم لها كل حياتي.. تعبت وسافرت ومرجعتش غير لما هي ظهرت مع مامتها وقبل ما افهم واعرف منها الحقيقه لقيتها اختفت تاني وعرفت انها جت عندكم وكنتوا هتجوزوها لحفيدك وهي لسه على ذمتي!
نظر اليه الحاج عبد الرازق بصدمة قائلا:
- ازاي كل ده حصل معاكم يا بني.. طب مين اللي عمل فيكم كده؟ وليه مراتك تشهد عليك وانت مظلوم؟!
هز رشيد رأسه واجاب:
- معرفش.. كارمن مش عايزة تتكلم.. وممكن يكون اللي حصلي ده اكبر منها وهي اتورطت غصب عنها وعشان كده خايفه تتكلم!
نظر الحاج عبد الرازق امامه بتفكير وحيرة:
- حكايتكم كبيرة اوي يا بني.. بس انا عايزك تطمن.. كارمن بنتنا وانا معاك لحد ما تعرف الحقيقه.
أومأ رشيد برأسه وهو يتنهد بتعب ويضغط على رأسه بارهاق من كثرة التفكير.
*****
بداخل غرفة كارمن بالمشفى.
دلفت وداد الي داخل الغرفة وهي تحمل بيدها حقيبه صغيره بها ثياب، كانت الممرضه تعطي الدواء لـ كارمن. مازالت كارمن تدعي انها لم تشعر بقدميها حتى الان.
ارتجفت كارمن بخوف عندما رآت وداد تقترب منها. ابتسمت لها وداد بمكر واقتربت منها بطريقه دراميه وعانقتها بقوة تدعي القلق عليها. استأذنت الممرضه وخرجت وتركتهما. نظرت وداد الي كارمن وتحدثت اليها بقلق:
- اوعي تكوني قولتي لحد ان انا اللي هربتك ولا عرفتيهم بلي الاتفاق اللي كان بينا؟
هزت كارمن رأسها بـ لا واجابة:
- متقلقيش انا مقولتش حاجة لحد.
تنفست وداد براحة ثم جلست بجوارها قائلة:
- اومال معرفتيش تهربي ازاي؟
اجابة كارمن:
- اغمى عليا وانا بحاول اهرب.
نظرت وداد حولها وتحدثت:
- جوزك قاعد برا مع جدك..! يعني كنتي بتكدبي عليا يا بنت صادق لما قولتي انك مطلقة؟
نظرت اليها كارمن بستغراب قائلة:
- جوزي مين؟.. تقصدي رشيد ؟!
اجابة وداد:
- ايوه هو.
تحدثت كارمن بدهشة:
- بس رشيد كان جوزي واطلقنا من زمان!
تحدثت وداد:
- طلقك ازاي وهو معاه قسيمة الجواز بتاعكم ومفيش ورقة طلاق!
نظرت كارمن امامها بتفكير ثم تحدثت بفضول:
- يعني ايه؟ هو رشيد اساسا عرف مكاني هنا أزاي؟
اجابة وداد:
- بعد ما انتي هربتي من الدوار لقيته جه ومعاه واحد كمان وسألوا عليكي.. وكان هيتجنن عليكي لما عرف انك هربتي.. ودور عليكي هو وفراج والخفر بتاعنا لحد ما لقوكي وجبوكي علي هنا.
نظرت كارمن أمامها بتفكير قائلة:
- انا مش فاهمه حاجة! رشيد ليه دور عليا بعد ما طلقني؟!
اجابة عليها وداد بثقة:
- بقولك هو لسه جوزك ومطلقكيش ومعاه قسيمة الجواز واداها لـ جدك وجدك اتأكد انك لسه مراته.
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع الي حديث عمتها وتحدثت بشغف:
- بجد رشيد مطلقنيش!!
#الفصل_22
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع الي حديث عمتها وتحدثت بشغف:
- بجد رشيد مطلقنيش!!
استغربت وداد من رد فعلها الذي يؤكد انها حقآ ساذجة.. صمتت كارمن قليلاً ثم استرسل لها عقلها ما سيفعله بها رشيد بعد خروجها من المشفي! بالطبع سيعاقبها علي كل ما فعلته به في الماضي. ارتجف جسدها بخوف وهي تنظر إلى وداد.
تحدثت اليها وداد بتحذير:
- اسمعيني كويس يا بنت صادق.. انا عملت اللي عليا وساعدتك وانتي اللي معرفتيش تهربي! يعني اتفاقنا زي ما هو ومش عايزة ابويا او جوزك حد فيهم يعرف انك اتنازلتي عن ارضك ليا.
أومأت كارمن برأسها بالايجاب قائلة:
- انا قولت لحضرتك قبل كده انا مش عايزة ارض ولا فلوس.. والارض دي اقل تعويض ممكن تاخديه من بابا علي ظلمه لكي وحياتك اللي ضاعت بسببه.
حدقت بها وداد بصدمة. لا تصدق ان هذه الفتاة تحمل بداخلها كل هذه الطيبه والسلام النفسي. اضافة كارمن وهي تنظر اليها بحزن:
- انا بس عايزاكي تعرفي ان مش حضرتك لوحدك اللي اتعذبتي بسبب رفض بابا ليكي واختياره الجواز من ماما.. بابا هو كمان اتعذب بسبب اختياره وعمره ما كان سعيد مع ماما ابدا.
حدقت بها وداد بذهول، صمتت كارمن لحظات قليلة ثم اضافة:
- وانا كمان اتعذبت بسبب اختيار بابا.. صدقيني لو كان بإيدي اختار الست اللي تكون امي كنت اختارتك انتي.
لمعت اعين وداد بالدموع وهي تستمع الي حديث كارمن الصادق والذي خرج من قلبها واخترق قلب وداد. ادمعت اعين كارمن وهي تضيف بحزن:
- لما شوفت الفرق بينك وبين ماما كنت حقيقي حزينه.. انا كنت مقدره ان حضرتك موجوعه من بابا بس في نفس الوقت عايزة تساعدي بنتك ومش عايزة تشوفيها حزينه والمهم انك مش عايزة تخربي بيتها وبتحاولي تنقذي علاقتها مع جوزها بأي طريقه.
بكت بحزن واضافة:
- ماما بقى عملت عكس كل اللي حضرتك بتعمليه عشان بنتك!
بكت وداد من اجلها واقتربت منها وعانقتها بقوة واردفت بثقة:
- وجعتي قلبي عليكي يا بنت صادق.
لاول مرة تشعر كارمن بحنان الام وعطفها.. اكتشفت بعد عناق وداد لها ان والدتها لم تعانقها بحياتها منذو طفولتها! بكت في حضن وداد وهي تربت على ظهرها بحنان وتتحدث اليها بثقة:
- من اللحظة دي انا امك ومش هفرق بينك وبين ازهار بنتي لحد ما اموت.
لم تستطيع كارمن الحديث وهي تبكي بداخل حضنها، ابتعدت عنها وداد قليلا وتحدثت اليها بقوة:
- متعيطيش يا كارمن.. بنتي متعيطش ابدا طول ما انا عايشه.
نظرت اليها كارمن واردفت ببكاء:
- انا تعبت اوي من كل حاجة بتحصلي.. انا مش عايزة حاجة من الدنيا غير ان اعيش مرتاحة مع الإنسان اللي انا بحبه.. صدقيني انا مش عايزة ارض ولا فلوس ولا قصر اعيش فيه.. انا بس عايزة اعيش من غير ما حد يأذيني!
تحدثت اليها وداد بقوة:
- الناس مش بيأذو غير الضعيف.. لازم تكوني قوية عشان محدش يقدر يأذيكي.
نظرت اليها كارمن بانتباه:
- اكون قويه ازاي؟ يعني اعمل زي ماما وافكر في نفسي وبس؟!
اجابة وداد باعتراض:
- القوة مش انك تفكري في نفسك يا بنتي.. القوة انك تقدري تحمي نفسك وتحمي اللي بتحبيهم.
نظرت اليها كارمن بعدم فهم، تنهدت وداد بحزن من أجلها وتحدثت مرة اخري:
- قبل اي حاجة انا عايزة اقولك اني هقطع ورقة التنازل عن الارض اللي انتي مضيتي عليها وهفضل على طول جنبك وعمري ما هسيبك ابدا.
ابتسمت كارمن وهي تستمع الي حديثها واردفت:
- صدقيني انا مش عايزة الارض.. كفايه ان احس ان عندي ام بتحبني بجد وبتخاف عليا ويهمها اني اكون سعيدة في حياتي.
اجابة وداد بثقة:
- انا هكون امك اللي بتتمنيها وبرضه هرجعلك ارضك.
ابتسمت كارمن وارتمت بداخل حضنها.. ابتسمت وداد وعانقتها بحنان قائلة:
- قومي يلا غيري هدوم المستشفى دي والبسي الهدوم اللي جبتهالك عشان ترجعي معانا الدوار في بيت جدك.
ابتعدت كارمن عن حضنها قليلاً وتحدثت بخوف:
- هرجع في البيت عندكم تاني!
اجابة وداد بثقة:
- لازم جوزك يعرف ان انتي ليكي اهل وعيله وبيت ترجعيله لو زعلك في يوم وكمان لما ياخدك من بيت جدك يبقى عارف ان في وراكي رجالة ومش لوحدك في الدنيا.
ابتسمت كارمن بسعادة، اصبحت الان تعرف قيمة وجود عائلة تقف بظهرها ويدعمونها دون مقابل. أومأت برأسها وهي تأخذ من عمتها الثياب لكي تبدل ثياب المشفى وترتدي ثيابها.. خرجت وداد من الغرفة وتركتها تبدل ثيابها براحة واغلقت الباب عليها واقتربت من والدها ورشيد:
- كارمن بتغير هدومها.. زهقت من المستشفى هنا وانا قولتلها ترجع معانا علي بيت جدها لحد ما تخف.
وقف رشيد وتحدث:
- بس انا لازم اخدها ونرجع القاهرة عشان نشوف دكتور متخصص في الحالة اللي بتحصلها دي!
تحدثت وداد:
- وماله.. شوفلها دكتور زي ما انت عايز هي برضه مراتك.. بس احنا كمان اهلها ومن حقنا نطمن علي بنتنا قبل ما ترجع معاك.
استغرب الحاج عبد الرازق من حديث ابنته وداد وخوفها المفاجئ علي كارمن! نظرت وداد الي والدها واضافة:
- ولا انت رأيك ايه يا ابويا؟ هينفع بنتنا تطلع من المستشفى مع جوزها كده من غير ما نطمن عليها وترجع ترتاح في بيت جدها؟!
ابتسم الحاج عبد الرازق الي ابنته ووقف من مكانه واجاب:
- لا طبعا مينفعش.. ورشيد راجل ويفهم في الاصول.
نظر اليهما رشيد بحيره، تحدث اليه الحاج عبد الرازق بابتسامه:
- ولا انت مش عايز تشرفنا في بيت اهل مراتك يا رشيد؟
تحدث رشيد:
- لا ابدا دا شئ يشرفني طبعا.. انا بس قلقان علي كارمن وكنت عايز اعرضها على دكتور في القاهرة في اسرع وقت.
تحدثت وداد:
- كارمن زي الفل الحمدلله.. ولو عايز دكتور يطمنك عليها ضروري نشوف دكتور من هنا.
لم يجد رشيد مخرجًا وتحدث بهدوء:
- تمام.. بس اكيد مش هينفع نقعد هنا وقت طويل.. يعني كفايه يوم او اتنين بالكتير عشان شغلي في القاهرة.
ابتسمت له وداد وتحدثت وهي تعود الي غرفة كارمن:
- هروح اشوف كارمن خلصت ولا ايه عشان نرجع الدوار وانا هعملكم احلى غدا بإيدي.
ابتسم رشيد وربت الحاج عبد الرازق علي ظهره بدعم.
دلفت وداد الي غرفة كارمن وجدتها انتهت من ارتداء ثيابها وتصفيف شعرها. ابتسمت وداد واقتربت منها تتحدث بحنان:
- ربنا يحفظك يا بنتي من عيون الناس يارب.
التفتت لها كارمن وهي تبتسم. تحدثت وداد مرة أخرى بمزاح:
- يلا يا ست البنات عشان ترجعي معانا على بيت جدك.. وجوزك جاي معانا.
ارتجف جسد كارمن بتوتر:
- رشيد!
اردفت وداد بثقة:
- مش عايزاكي تخافي طول ما انا عايشه وان شاء الله اي مشكله حصلت بينك وبين جوزك هتتحل.
أومأت كارمن برأسها وهي تبتسم الي عمتها وقلبها يخفق بقوة وجسدها يرتجف قليلاً خوفًا من مواجهة رشيد.
اخذتها عمتها من يديها وخرجت بها من الغرفة. كان رشيد يقف امام الغرفة مع الحاج عبد الرازق. تأملها بنظرات عاشقه وهي تخرج من الغرفة وتقترب منه بجوار عمتها. كانت تخفض بصرها ارضًا خوفً من مواجهته، ابتسم اليها جدها وتحدث اليها:
- حمدلله على السلامه يا بنتي.
اجابة كارمن بصوت منخفض:
- شكرا.
تحدثت وداد الي رشيد وهو يقف يتأمل كارمن بصمت:
- مراتك مكانتش مصدقه انك وافقت تقعدوا معانا يومين في بيت جدها.. قولتلها جوزك بيحبك وعمره ما يحرمك من اهلك.
أومأ رشيد برأسه وهو مازال ينظر الي كارمن بصمت. تحرك الحاج عبد الرازق وتحدث:
- هات مراتك يارشيد وخلينا نرجع الدوار.
أومأ رشيد برأسه. تحركت وداد خلف والدها وتركت كارمن تقف امام زوجها. ارتجف جسد كارمن بخوف بعد ذهاب عمتها من جانبها ومع اقتراب رشيد منها وهو يقف امامها ويتأملها باهتمام قائلا:
- انتي كويسه دلوقتي؟
أومأت برأسها وهي تخفض وجهها ارضًا، امسك بيديها وتحدث بهدوء:
- خلينا نمشي عشان جدك مستنينا.
ارتجف جسدها مع لمسة يديه الي يديها، شعر برتجاف يديها وبرودة يديها بين يديه، ضغط علي يديها باحكام وسار بها دون ان يضيف اي حديث بينهما.
كانت تسير بجواره وقلبها يخفق بقوة. اخذها الي سيارة الحاج عبد الرازق وساعدها علي الصعود داخل السيارة بجوار عمتها وتقدم هو الي الامام بجوار الحاج عبد الرازق.
****
بداخل الدوار.
وقفت ازهار تساعد العاملات في المنزل في تجهيز الطعام بعد أن تحدثت اليها والدتها عبر الهاتف واخبرتها ان تهتم بتجهيز وجبة الغداء حتى تأتي والدتها.
دلف فراج الي الدوار ولاحظ ان هناك حركة غريبه بين العاملات بالمنزل وعلى رأسهم زوجته! اقترب من زوجته ازهار وتحدث اليها بدهشة:
- ايه اللي بيحصل هنا يا ازهار؟!
اجابة ازهار بمكر:
- بنجهز الغدا عشان كارمن وجوزها جاين في الطريق مع جدي وامي.
حدق بها فراج بصدمة:
- وهما جاين هنا يعملوا ايه؟
اجابة ازهار:
- معرفش.. امي كلمتني وقالتلي نجهز الغدا عشان جوز كارمن جاي معاها ولازم تتشرف قدامه باهلها!
عقد فراج ما بين حاجبيه وزفر بغضب، نظرت اليه ازهار واضافة بحزن:
- انت لسه زعلان عشان متجوزتش كارمن يا فراج؟
رمقها فراج بغضب واردف بعصبيه:
- ملكيش صالح وروحي شوفي انتي بتعملي ايه يا ازهار.
تركها وخرج من الدوار. وقفت ازهار تتابع ذهابه بحزن وقلة حيلة.
بعد دقائق قليلة استمعت الي صوت سيارة جدها خارج المنزل. وقفت في استقبالهم كما اخبرتها والدتها.
ترجل رشيد من السيارة مع الحاج عبد الرازق واخذ يد كارمن الي الداخل. استقبلتهم ازهار واخبرتهم ان الطعام جاهز ورحبت بهم وداد الي مائدة الطعام الكبيرة الممتلئة بأشهى المأكولات.
جلسوا جميعا علي المائدة يتناولون الطعام بدون ازهار وفراج. تناولت كارمن الطعام دون شهيه بسبب خوفها وتوترها من رشيد.
بعد انتهائهم من تناول الطعام تحدث الحاج عبد الرازق الي رشيد بهدوء:
- خد مراتك واطلعوا ارتاحوا شويه.. انت منمتش من ليلة امبارح يا بني واكيد محتاج ترتاح.
أومأ رشيد برأسه وشكره علي استضافته له بمنزله. وقفت وداد لكي تأخذهما الي الغرفة وتطمئن علي كارمن.
استغربت ازهار من معاملة والدتها الطيبه مع كارمن.
دلفت كارمن الي داخل الغرفة التي تقيم بها بمنزل جدها ودلف رشيد خلفها بعد ان شكر عمتها وداد وذهبت وتركتهما بمفردهما. أغلق رشيد الباب من الداخل والتفت ينظر الي كارمن بصمت، الان اصبح معاها بمفردهما.
جلست كارمن فوق الفراش بخوف وتوتر من مواجهته. لا تفهم شئ حتى الآن ولا تعلم كيف علم رشيد بمكانها ولا تصدق انها مازالت زوجته وتتساءل بداخلها اين زوجته وابنه الذي اخبرها عنهما من قبل!
وقف رشيد يتطلع اليها وهو يلتقط أنفاسه براحة بعد الاطمئنان عليها ثم تحدث اليها:
- هو ايه اللي خلاكي تهربي من هنا؟
اجابة عليه بتوتر وهي تخفض وجهها:
- هربت عشان كانوا عايزيني اتجوز فراج على مراته.
ابتسم ساخرًا وتحدث إليها بغضب:
- يعني مشكلتك انهم كانوا عايزين يجوزوكي فراج على مراته! يعني مكنش هيبقى عندك مشكله لو مكنش فراج متجوز!
عقدت ما بين حاجبيها واجابة عليه بدهشة:
- لا طبعا.. انا مشكلتي اني مستحيل اتجوز حد بعدك!
تسلل الي قلبه شعور بالسعادة بعد ما قالته الان بقوة واصرار، لكنه حافظ على هدوئه ورسم البرود على ملامحه قائلا:
- عمومًا انتي لازم تعرفي ان مكنش هينفع تتجوزي حد بعدي لان انتي اصلا لسه مراتي!
ابتسمت بسعادة غير مباليه بأي شئ حدث بينهما وتحدثت بحماسها المعتاد:
- انت حقيقي مطلقتنيش بجد؟!
لم يستطيع رسم الجمود على ملامحه اكثر وأومأ لها برأسه بالايجاب مؤكدًا حديثه بعد رؤيته لـ سعادتها الواضحة.
صوت الطرق علي باب الغرفة اوقف حديثهما معًا، اتجه الي الباب وفتحه، كانت إحدى العاملات بالمنزل قد اتت اليه بثوب لكي يبدل ثيابه قبل النوم. اخذ منها الثياب وشكرها بهدوء واغلق الباب بعد ذهابها. عاد الي داخل الغرفة. تابعته كارمن بعيناها وهي تبتسم بسعادة ولا تصدق حتى الان انها مازالت زوجته.
وقف رشيد وهو ينظر الي الثوب الذي جاءت به السيدة، كان جلبابً صعيدي مريح. بحث عن المراحض المرفق بالغرفة ودلف المرحاض لكي يبدل ثيابه بداخله.
جلست كارمن فوق الفراش تفكر بسعادة وحماس كيف لم يطلقها رشيد! تذكرت حديث جده وتأكيده ان رشيد طلقها ولم يريد رؤيتها مجددًا، بهتت ملامحها بحزن وشعرت بالخوف بعد ان تذكرت حديث جد رشيد وتهديده لها ان رشيد يريد قتلها. بلعت ريقها بخوف ونظرت الي المرحاض وهو بداخله، وقعت في صراع داخلي بين عقلها وقلبها؛ قلبها يؤكد ان رشيد حبيبها لم يأذيها مهما فعلت به، وعقلها يؤكد ان من حقه فعل اي شئ بها حتى يثأر منها بعد خيانتها له.
خروجه من المرحاض اخرجها من شرودها، تأملته بنظرات عاشقه وهو يرتدي الجلباب الصعيدي الذي يليق به كثيرًا. نظر اليها وتفهم نظراتها اليه، تلك النظرات بعينيها مازالت تؤكد له ان هناك شئ لم يعرفه اجبرها على خيانته، لكنه لم يستطيع التحدث معها الان! ليس هذا المكان المناسب ولا الوقت المناسب للحديث.
اتجه الي الاريكة الموضوعة بداخل الغرفة وتمدد عليها بصمت، متجاهلاً نظراتها اليه الفضوليه، بهتت ملامحها بحزن وهو يبتعد عنها ويذهب للنوم بعيدًا، خفضت وجهها بحزن بعد تأكيده لها الان بعدم تغير شئ، مازالت المسافات بينهما ولا يريد الاقتراب منها. اخفت وجهها بالغطاء لكي تستطيع البكاء اسفل الغطاء بصمت دون ان يشعر بها.
اغمض عينيه وهو يتمدد فوق الاريكة ويستند برأسه فوق ساعديه، كان يستمع الي صوت بكاءها الخافت لكنه يفكر ماذا عليه ان يفعل الان بعد ما حدث، لا يمكنه تركها للعيش مع والدتها مرة أخرى، عليه اخذها للعيش معه بالمنزل حتى يستطيع اخذ القرار الصحيح في علاقته معها، الكثير من الافكار تتزاحم برأسه، تخبط في مشاعره لا يستطيع ايقافه، تنهد بتعب وهو يفكر في القادم.
****
سطعت الشمس بنورها لتضئ السماء الصافيه بلونها الازرق.
بداخل غرفة كارمن.
استيقظ رشيد علي صوتها وهي تهمهم بكلمات غير واضحة. فتح عينيه وجلس فوق الاريكة ونظر الي الفراش بدهشة، وقف وتقدم منها وهو ينظر اليها بقلق.
كانت نائمة ومغمضة العينين وحبات العرق متناثرة فوق وجهها الشاحب وتهمهم بكلمات كثيرة غير واضحة، استطاع السماع الي اسمه بين كلماتها الغيرة واضحة، وضع يديه فوق جبينها وشعر بارتفاع حرارتها قليلاً.. نطق اسمها بقلق، استجابة الي نداءه وفتحت عيناها ونظرت اليه بضعف وتحدثت بدون وعي:
- انا بحبك اوي يا رشيد.. متسبنيش تاني.. انا اسفه.
حدق بها بصدمة ثم عانقها بقوة وهمس اليها بتأكيد:
- انا مستحيل اسيبك يا كارمن.
اغمضت عيناها بداخل حضنه مرة أخرى. عانقها بقوة اكثر وهمس اليها:
- انا مستحيل اسيبك او ابعد عنك.. انتي روحي.
عانقته هي الأخرى وهمست اليه وهي تغمض عيناها:
- انا بحبك اوي يا رشيد.. انت وحشتني اوي.
همسها اليه باشتياق جعله يضمها اليه اكثر ثم ابتعد عنها قليلاً يتأملها بعشق ثم قبلها بقوة وهو يضمها اليه.
فتحت عيناها بصدمة وهو يقبلها وانتفض جسدها بين يديه. ابتعد عنها سريعاً لا يصدق ما يفعله. وضعت يديها فوق شفاتيها بصدمة وتحدثت بصوت متقطع:
- هو ايه اللي حصل؟!
التقط أنفاسه وهو يبتعد عنها اكثر ويحاول السيطرة على مشاعره اتجاهها، ثم اجاب بهدوء مصطنع:
- مفيش حاجة.. انتي شكلك كنتي بتحلمي وانا كنت بحاول اصحيكي.
ثم تركها واخذ ثيابه الذي بدله بالامس واتجه الي المرحاض لكي يرتديه مرة اخري.
ارتجف جسدها بقوة وهي تتابع ابتعاده عنها وتضع يديها فوق شفاتيها بصدمة.
دقائق قليلة وخرج من المرحاض وهو يرتدي ثيابه.
استمع لـ صوت طرقات على باب الغرفة. ذهب وفتح الباب، كانت واحدة من السيدات تعمل بالدوار، تحدثت اليه واخبرته باحترام:
- سيدي الحاج عايزكم تنزلوا تحت تفطروا.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب قائلا:
- تمام احنا نازلين.. بس لو سمحتي ممكن تجيبيلنا مسكن واي خافض للحرارة.
أومأت بالايجاب وذهبت لكي تجلب له ما طلبه منها. عاد الي داخل الغرفة واغلق الباب ونظر اليها وتحدث بهدوء:
- فين شنطتك؟
اشارة اليه برأسها وهي تشعر بالتعب وتحدثت بصوت منخفض:
- عايزها ليه؟!
وجد حقيبتها بجانب خزانة الملابس، اخذها لكي يضع ثيابها بداخلها وهو يجيب عليها:
- بجهزها عشان هترجعي معايا.
تحدثت بدهشة:
- هرجع معاك فين؟!
رمقها بنظرة غاضبه ولم يجيب عليها، استمع الي صوت طرق علي الباب مرة أخرى، ذهب وفتح الباب واخذ من السيدة الدواء الذي طلبه منها وشكرها باحترام واغلق الباب بهدوء. اقترب من كارمن وحمل بيديه كوب من الماء وتحدث اليها:
- اشربي الدوا ده عشان تخفي وتبقى احسن.
نظرت الي الدواء بيديه وتحدثت بحزن:
- وانت عايزني اخف وابقى احسن ليه! مش انت اصلا كنت عايز تموتني؟!
زفر بغضب واجاب عليها بغيظ:
- ما انا هموتك زي ما انا عايز.. بس مش دلوقتي.
حملقت به بصدمة، اعطاها الدواء والماء دون ان يتحدث مرة اخري، تناولت الدواء وهي ترتجف من الخوف وتفكر ماذا يريد ان يفعل بها؟ تركها تائهة بداخل افكارها وذهب ليضع ثيابها بداخل الحقيبة وتحدث اليها بهدوء:
- قومي اجهزي عشان هنمشي دلوقتي.
وقفت وهي تنظر اليه بخوف، اقترب منها واعطاها ثياب لها اختاره من ثيابها وهو يضعها داخل الحقيبه ثم تحدث اليها:
- ادخلي الحمام اجهزي وانا هستناكي هنا.
أومأت برأسها بخوف واخذت الثياب واتجهت الي المرحاض. تنهد بتعب بعد دخولها المرحاض ثم اغلق الحقيبه ووضعها امامه لكي يحملها ويذهبون معا من هنا.
دقائق قليلة وخرجت من المرحاض وهي تخفض وجهها ارضً بخوف، تأملها بصمت ثم اقترب منها وهو لم يستطيع ابعاد عينيه عنها لكنه حاول التماسك امامها ورسم الجدية والبرود فوق ملامحه:
- جاهزة؟
اجابة على سؤاله بأمأة بسيطه، امسك يديها وحمل الحقيبة باليد الآخرى واخذها وخرجا من الغرفة بصمت. ترجلت الدرج وهي تستند على يديه، تشعر بدوار خفيف لكنها تحاول التماسك امامه.
اقتربوا من مائدة الطعام والجميع يجلسون عليها، الحاج عبد الرازق وابنته وداد وحفيده فراج وحفيدته ازهار.
رمقهما فراج بنظرات مشتعلة بالغيرة والغضب وهو يتطلع الي يد رشيد المتشابكة مع يد كارمن. تحدث رشيد بهدوء وهو يقف أمامهم:
- صباح الخير.
رد عليه الحاج عبد الرازق:
- صباح النور يا بني.. تعالوا يلا خلونا ناكل لقمة مع بعض.
اومأ رشيد برأسه قائلا:
- حاضر.. بس بستأذن حضرتك اننا هنرجع القاهرة بعد الفطار علي طول لان عندي شغل هناك.
تحدثت وداد:
- ماتخليكم معانا كام يوم كمان على ما كارمن تخف ونطمن عليها.
تحدث رشيد:
- متقلقيش حضرتك على كارمن وان شاء الله قريب جدا هنرجع هنا في زيارة اطول من كده.. انتم اهل كارمن وانا مقدرش ابعدها عن اهلها.
نظرت اليه كارمن بدهشة، تحدث الحاج عبد الرازق:
- على راحتك يا بني.. بس بعد الفطار انا عايز اتكلم معاك انت ومراتك في موضوع مهم.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب قائلا:
- احنا تحت امر حضرتك.
*****
بعد انتهاءهم من تناول الطعام. تجمعوا بداخل القاعة، الحاج عبد الرازق، وفراج، ووداد، وكارمن، ورشيد.
جلس الحاج عبد الرازق فوق مقعده وتحدث الي رشيد:
- دلوقتي يا بني انت لازم تعرف ان مراتك لها ورث عندنا في الارض بتاعنا واكيد انت عارف ان الارض عندنا مبتخرجش برا العيلة.
أومأ رشيد برأسه قائلا:
- اعذرني حضرتك انا المفروض مليش علاقه بموضوع ورث مراتي ده نهائي.. هي مسؤوله مني وكل طلباتها واي فلوس تحتاجها مسؤوليتي.. لكن ورثها وارضها ده شئ بينكم وبينها وانا عارف مراتي ومتأكد ان هي ميهمهاش ارض قد ما يهمها ان يكون لها عيلة زيكم يحبوها ويخافوا عليها.
نظرت كارمن الي جدها واضافت على حديث رشيد بهدوء:
- وانا مش محتاجة ارض.. عمتي وداد هي احق مني بالأرض دي.. هي اللي اتظلمت ودفعت عمرها مقابل الارض.
نظرت اليها وداد وادمعت عيناها متأثرة بحديث كارمن امام الجميع. نظر الحاج عبد الرازق الي ابنته وداد وشعر بالذنب اتجاهها ثم عاد ببصره الي كارمن وتحدث:
- بس ده حقك يا بنتي.
تحدثت كارمن:
- انا مش عايزة اي حاجة غير انكم تحبوني ويبقى ليا عيلة واهل يسألوا عليا لو غبت عنهم.. صدقوني ده عند أغلي من كنوز الدنيا.
ابتسمت وداد وهي تنظر إلى كارمن بحنان، ابتسم الحاج عبد الرازق قائلا لها:
- واخده طيبة قلب ابوكي يا بنت صادق.. بس حقك لازم تخديه بما يرضي الله.. لما امك جت طلبت مني حقك انا رفضت عشان كنت عارف ان امك هتاخد منك الفلوس وتبهدلك معاها.. انما دلوقتي انتي في حماية راجل وحق الارض هتاخديه وانا مطمن عليكي.
نظرت كارمن الي رشيد ثم عادت ببصرها الي جدها، لا تعلم ماذا تقول. صمتت قليلاً ثم اردفت:
- طب ممكن بلاش اخد حقي في الارض ويفضل هنا معاكم.. انا خايفه اخد حقي في الارض وبكده تبقى انتهت العلاقة بينا.
تحدث فراج بعد صمت طويل منذ بدء الحديث بينهم جميعآ:
- مش الفلوس والارض بس اللي بتربطنا بيكي يا بنت عمي.. اللي بيربطنا دم واسم عيلة بيجمعنا كلنا.
نظر رشيد الي فراج ثم نظر الي الحاج عبد الرازق قائلا:
- الافضل لو حضرتك تحتفظ لكارمن بحقها في الارض بمعرفتك لان كارمن مش هتقدر تحافظ علي حقها.
نظرت اليه كارمن بغيظ، تجاهل نظراتها وتحدث الي الحاج عبد الرازق:
- اسمحلنا نتحرك دلوقتي عشان نلحق القطر.
تحدثت وداد بحزن:
- طب كنتوا اقعدوا معانا يومين كمان ولا حاجة يا بني.
وقف رشيد وتحدث باعتذار:
- ان شاء الله هنيجي نزوركم في اقرب وقت.
وقفت كارمن بخوف. اقتربت منها وداد وعانقتها بقوة وهمست لها بحنان:
- متخافيش من اي حاجة وفي اي وقت كلميني وهتلاقيني عندك.
أومأت كارمن برأسها وهي بداخل حضن عمتها.
علي الجانب الاخر وقف رشيد امام الحاج عبد الرازق وتحدث اليه الحاج عبد الرازق:
- مش هوصيك علي بنتنا يا رشيد.. انت هتاخدها دلوقتي امانه من دارنا ولو في يوم حاسيت انك مش هتقدر تحافظ عليها يبقى ترجعها هنا في بيتها معززه ومكرمه.
أومأ رشيد برأسه قائلا:
- متقلقش حضرتك.. كارمن مراتي وفي عينيا..
ثم صمت قليلا واضاف بداخله:
- بس ده ميمنعش اني لازم اربيها من الاول وجديد.
#الفصل_23
رواية_كارمن
الكاتبة_ملك_إبراهيم
صمت قليلا واضاف بداخله:
- بس ده ميمنعش اني لازم اربيها من الاول وجديد.
غادر رشيد منزل الهواري ومعه زوجته في طريقهم للعودة الي القاهرة.
****
في المساء.
استضافت سهير بداخل منزلها عدد من رجال الأعمال وسيدات المجتمع في حفل صغير اقامته بمنزلها لكي تستطيع عقد بعض الصفقات معهم ويقبلون المساهمه معها في انشاء مشروع خاص بها بعد ان اقتربت الأموال التي حصلت عليها مقابل ورثها بارض الهواري على النفاذ.
جلست امامهم جميعا تتحدث بكل فخر عن الارض التي تملكها بصعيد مصر ويمكنها بيعها لإنشاء المشروع الخاص بها لكنها لا تفضل بيعها في الوقت الحالي حتى يرتفع سعر الارض اكثر.
عرض عليها احد رجال الاعمال المساهمه معها في هذا المشروع الذي تريد انشاءه. حاولت سهير إخفاء سعادتها وهي تستمع الي عرضه.
استمعت الخادمة الي صوت جرس الباب وذهبت لكي تفتح الباب.
دخل رجل لم تراه الخادمة من قبل وتحدث اليها:
- مدام سهير موجودة؟
نظر الي المنزل من الداخل وابتسم ساخرًا عندما رآى كل هذا الثراء التي تعيش به سهير من جديد، استمع الي أصوات كثيرة تأتي من الداخل. لم يعطي فرصة للخادمة للرد عليها وتقدم الي داخل المنزل وهو ينظر حوله ويبتسم بسخرية.
حاولت الخادمة منعه من الدخول لكنه تقدم الي الداخل حيث تجلس سهير مع ضيوفها غير مبالي لأحد.
انتفضت سهير من مكانها عندما رأته امامها، نظر اليها والي المنزل وتحدث ساخرًا:
- مصدقتش لما قالولي انك رجعتي ومعاكي كل الفلوس دي!
اقتربت منه سهير وهي ترمقه بغضب وتهمس له بصوت منخفض خوفً من ان يستمع اليها ضيوفها:
- انت ايه اللي جابك هنا؟ مش انا كنت خلصت منك وانتهينا.
غمز لها بطرف عينيه واردف:
- اللي بينا عمره ما ينتهي كده يا سوسو.
رمقته بشمئزاز ثم نظرت خلفها الي الضيوف بتوتر وتحدثت اليهم:
- انا بعتذر جدا منكم..
ثم نظرت اليه قائلة له بهمس:
- تعالى معايا نتكلم جوه.
اخذته معها الي احدى الغرف، نظر الضيوف الي بعضهم وتحدثت احدي السيدات اليهم بهمس:
- دا تقريبا جوزها الاخير اللي اتجوزته قبل ما تسافر.
نظر احد رجال الاعمال الي صديقه الذي عرض علي سهير المشاركه معها بمشروعها:
- انت اتجننت!!..انت عايز تشارك سهير سالم.. دي نصابه والبلد كلها عرفاها!
نظر اليه الاخر بمكر قائلا:
- وانت فاكر ان انا هشاركها فعلا.. انا كنت عايز اعرف بس ايه حكاية الفلوس اللي ظهرت معاها فجأة وفين الأرض اللي هي بتملكها دي يمكن نعرف نطلع منها بمصلحة.
تحدثت احدى السيدات:
- مفيش حد بيعرف يطلع من سهير بمصلحة.
تحدث رجل اخر:
- انا من رأيي كفايه كده وخلونا نمشي.
وافقه الجميع وقاموا لكي يذهبوا.
بداخل الغرفة التي تقف بها سهير امام هذا المتطفل الذي دلف الي منزلها دون استأذان، تحدثت اليه بصوت منخفض وهي غاضبه:
- انت ازاي تيجي هنا لحد بيتي وكمان من غير استأذان! ؟
اجاب عليها ببرود:
- هو في حد بيستأذن برضه قبل ما يدخل بيت مراته!
هتفت بغضب وهي تحذره بيديها:
- مراتك اللي انت سرقتها! وبعدين احنا اطلقنا من زمان خلاص.. بقولك ايه.. انت تبعد عن طريقي ومش عايزة اشوفك قدامي مرة تانيه والا هسجنك.
ابتسم ساخرًا وهو يمسك بيديها التي تشير اليه بتحذير واردف بمكر:
- براحة بس عشان ايدك الرقيقه دي متتكسرش.. انتي ناسيه ان انا اللي اقدر اسجنك!
نظرت اليه بتوتر وابتلعت ريقها بصعوبه، دفع يديها بعيداً عنه واضاف ساخرًا:
- خليكي حلوة كده يا سهير وبلاش نهدد بعض لانك اول واحدة هتتسجني انتي وبنتك لو حد عرف اللي انا اعرفه.
ابتلعت ريقها وتحدثت بتوتر:
- انت عايز ايه بالظبط؟
نظر حوله واردف بطمع:
- عايز نصيبي من العز اللي انتي عايشه فيه ده.
ضحكت ساخرة:
- عز ايه!.. دا كان زمان قبل ما انت تسرق كل فلوسي.
نظر حوله وتحدث بطمع:
- يعني ايه؟ اومال كل العز ده منين وازاي!؟
اجابة عليه بغضب:
- دا شئ ميخصكش.. ياريت ترجع مكان ما كنت وتنساني خالص.
ابتسم بسخرية قائلا:
- عايزاني انسى ايه بالظبط! انسى الراجل اللي بنتك قتلته وانا دفنته بإيدي ولا انسى اللي انتي عملتيه في جوز بنتك!؟
حملقت به بصدمة ثم ركضت سريعا الي باب الغرفة وفتحته وتأكدت من عدم استماع احد لحديثهما ثم اغلقت الباب مرة اخري وعادت اليه تتحدث اليه بصوت منخفض:
- انت اتجننت! انت عارف لو حد سمع كلامك ده هيحصل فينا ايه؟
ضحك ساخرًا:
- انا مفيش اثبات عليا.. انتي وبنتك اللي هتروحوا في ستين داهية لو انا قولت اللي اعرفه.
رمقته بغضب وتحدثت اليه بنبرة حادة:
- قول من الاخر انت عايز ايه وخلصني؟
جلس فوق احد المقاعد براحة ثم تحدث ببرود وهو يضع قدم فوق الاخري:
- انا محتاج فلوس.
اقتربت منه وتحدثت بغضب:
- وانا هجبلك فلوس منين؟ متتخدعش في كل اللي انت شايفه ده! الشقه دي ايجار وانا معيش حتى ادفع ايجارها الشهر الجاي!
ابتسم بسخرية قائلا:
- وبنتك.. برضه معهاش تدفع تمن سكوتي؟
نظرت اليه وفكرت بداخلها، لا تعلم ماذا حدث مع كارمن وزواجها من رشيد وفراج، صمتت قليلاً ثم تحدثت اليه بغضب:
- سبني كام يوم كده افكر واقدر اجهزلك مبلغ تاخده وبعدها مش عايزة اشوفك تاني.
ابتسم ببرود ثم وقف من مكانه قائلا لها:
- طب مفيش اي حاجة امشي بيها حالي دلوقتي.. الحكاية مقشفرة معايا على الاخر.
تحدثت اليه بصوت غاضب منخفض:
- قولتلك مش معايا اي فلوس دلوقتي.
حدق بها بصمت ثم نزع العُقد الذي ترتديه بعنقها في حركة سريعه، صرخت سهير وهي تضع يديها فوق عنقها بصدمه، ابتسم ببرود وهو ينظر الي العُقد قائلا:
- اهو امشي نفسي بيه لحد ما تجهزيلي مبلغ معتبر.
رمقته بغضب وهو يبتعد عنها ويخرج من الغرفة، لحقت به سريعا حتى لا يقترب من ضيوفها ويتحدث معهم. صدمت عندما رآت الخادمة تنظف وترتب بعد ذهاب الضيوف، اقتربت منها وتحدثت بصدمة:
- الضيوف راحوا فين؟!
اجابة الخادمة باحترام:
- مشيو يا هانم من شوية.
ضحك الاخر بسخرية قائلا لها:
- معلش يا سوسو.. خيرها في غيرها.
رمقته بغضب وهو يخرج من منزلها، وقفت تنظر حولها بغضب ولا تفكر في حل الان غير كارمن وارثها في الارض.
****
وصل رشيد ومعه كارمن امام البرج السكني الذي يمتلك به شقته التي تزوج بها كارمن منذ اربعة اعوام.
صعدت معه كارمن وهي خائفه منه وتتساءل بداخلها ماذا سيفعل بها بعد ان يغلق عليهما باب الشقه بمفردهما.
تقدم رشيد الي داخل الشقه وهو يحمل حقيبتها ويتذكر عندما اتى بها منذ اربعة اعوام بعد زواجهما وكان يحمل حقيبتها بنفس الطريقه.
دلفت كارمن الي الشقه وهي تنظر حولها بخوف وتوتر، اضاء رشيد الانوار واغلق باب الشقه عليهما بالداخل باستخدام المفتاح.
نظرت اليه كارمن بصدمة وارتجف جسدها بخوف قائلة بفزع:
- انت بتقفل الباب بالمفتاح ليه يا رشيد؟!
ابتعدت عنه خطوات الي الخلف وهي تنظر اليه بهلع وتضيف:
- انت هتموتني بجد ولا ايه؟
استغرب كثيرا من حديثها وخوفها الشديد منه وحاول الاقتراب منها قائلا:
- انتي شايفه ان اللي عملتيه فيا يستاهل اني اموتك؟
بكت بخوف واجابة عليه وهي تبتعد عنه وجسدها يرتجف بقوة:
- كان غصب عني والله يا رشيد.. انا اسفه.
جن جنونه وهو يهتف بها صارخًا:
- انتي بتجننيني بكلمة اسفه دي! نفسي تنطقي وتقولي انتي اسفه علي ايه؟ انتي ليه عملتي فيا كده؟!
بكت بخوف عندما اقتربت من الحائط ولا يمكنها الرجوع الي الخلف والابتعاد عنه اكثر. اقترب منها وهو يضيف:
- اتكلمي يا كارمن.. انتي كنتي فين طول الاربع سنين اللي فاتوا؟ ايه اللي حصل معاكي؟ قولي اي حاجة وانا هسمعك للاخر.. عرفيني انتي ليه عملتي فيا كده؟ في حد خوفك؟ حد هددك بحاجة وانتي خايفه تقوليلي؟!
هزت رأسها بخوف وهي تبكي واجابة بهلع:
- انا معملتش حاجه.. صدقني والله انا مليش دعوه بكل اللي حصل.
اقترب منها اكثر وامسك بذراعيها بقوة قائلا:
- طب مين اللي عمل فيا كده وانتي ليه اختفيتي وروحتي فين؟ وليه روحتي تزوري سعد بشار؟ انتي تعرفيه منين؟ هو اللي خوفك وهددك تعملي فيا كده؟
كانت تبكي بخوف وهلع وهو يمسك بذراعيها ويضغط عليها بقوة ويريد معرفة الحقيقه. لم تتحمل ضغطه عليها وسقطت بين يديه فاقدة الوعي من شدة الخوف والتوتر. خفق قلبه من شدة الخوف عليها وحملها سريعا الي غرفة النوم ووضعها فوق الفراش وهو يربت علي وجنتيها بقلق وينطق اسمها بلهفة وهي لا تستجيب له.
اخذ هاتفه سريعا وتحدث الي طبيب العائلة وطلب منه سرعة الحضور الي شقته. ثم اغلق الهاتف وجلس بجوارها وهي فاقدة الوعي ثم عانقها بقوة وهمس اليها بندم علي ما فعله من ضغطه عليها:
- انا اسف.
****
بعد ساعة كان الطبيب بداخل الغرفة يقوم بالكشف علي كارمن ورشيد يقف بجواره وينظر اليها بحزن.
اعطاها الطبيب حقنه وانتظر بعض الوقت حتى تستعيد وعيها. سأله الطبيب ماذا حدث معها حتى تفقد الوعي؟ تأملها رشيد بحزن واجاب عليه:
- كان في مشكلة بينا واتعصبت عليها شويه وفجأة لقيتها وقعت بين ايديا.
تحدث الطبيب وهو يحاول مساعدتها علي استعادت الوعي:
- هي دايما بيغمى عليها كده ولا دي اول مرة؟
اجاب رشيد:
- لا مش اول مرة.. هي دايما بتفقد القدرة علي الحركة كل ما بتتعرض لأي خوف او توتر وللسبب ده انا كنت ناوي اعرضها على دكتور نفسي بكره ان شاء الله.
أومأ الطبيب برأسه بتفهم وتابع تحرك رموش عيناها وهي تستعيد الوعي ببطئ، تابعها رشيد بلهفة، تحدث اليها الطبيب بهدوء لكي يجذب انتباهها اليه وتعود الي الوعي:
- مدام كارمن.. سمعاني؟
فتحت عيناها ببطئ وهي تستجيب اليه وتعود الي الوعي، اقترب منها رشيد وتحدث اليها بلهفة:
- كارمن .. حبيبتي انتي كويسه؟
نظرت اليه ثم نظرت الي الطبيب وهمست بصوت منخفض:
- انا فين؟
تحدث اليها الطبيب:
- مدام كارمن قوليلي انتي حاسه بإيه دلوقتي؟
نظرت اليه واجابة بصوت منخفض:
- مش حاسه بأي حاجة.
حدق بها الطبيب بدهشة قائلا:
- يعني ايه مش حاسه بأي حاجة؟
تابع رشيد الحديث بينهما بقلق وخوف عليها، اجابة علي الطبيب بتعب:
- مش حاسه بأي حاجة.. مش حاسه بجسمي كله.
حدق بها الطبيب بصدمة وتحدث:
- طب ممكن ترفعي ايدك كده!
اغمضت عيناها وفتحتها وهي تجيب عليه بتعب:
- مش قادرة.. حاسه ان ايدي تقيله اوي وكل جسمي مش حاسه بيه.
نظر اليها رشيد بصدمة ثم تبادلت النظرات بينه وبين الطبيب بدهشة. اخذه الطبيب وخرج من الغرفة ليتحدث معه بعيدا عنها:
- لازم دكتور متخصص يشوفها ضروري.. انا هرشحلك دكتور كويس جدا وقدر يعالج حالات كتير مشابها.. بس اهم شئ بلاش تضغط عليها او تزعلها في اي حاجة لحد ما الدكتور يشوفها.
تحدث رشيد بقلق:
- انا ممكن اسفرها تتعالج خارج مصر لو هيكون هناك افضل لها؟
اجاب الطبيب:
- الدكتور اللي هيتابع معاها هو اللي هيقول ايه الافضل لها متقلقش.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب وشكر الطبيب. ذهب الطبيب ووقف رشيد ينظر امامه بحزن، تنهد بتعب وهو ينظر الي غرفة النوم، قلبه يخفق بقوة من شدة الخوف عليها.. تذكر ما قالته قبل ان تفقد الوعي، من المؤكد ان هناك شئ يخيفها كثيرا ولا يمكنها اخباره به!
كانت نائمة فوق الفراش تفكر بخوف بعد ذهاب الطبيب، تتمنى الموت لكي ترتاح من كل هذا العذاب الذي تعيش به. دموعها تنسال على وجنتيها بصمت.
دلف الغرفة وهو ينظر اليها، اقترب منها وجلس بجوارها فوق الفراش. ابتعدت بوجهها بعيداً عنه حتى لا يرى دموعها. رفع يديه الي وجهها وجفف دموعها بيديه وتحدث اليها بحنان:
- انا اسف.. المفروض مكنتش اضغط عليكي كده.
بكت اكثر وهي تستمع الي كلماته الحنونه. اقترب منها اكثر وقبل أعلى رأسها بحب قائلا:
- بحبك.
ثم استند برأسه فوق مقدمة رأسها واضاف:
- عايزك تعرفي اني مصدقتش لحظة واحدة انك ممكن تخونيني وتكوني السبب في كل اللي حصلي.
يتبع... ✍️